تقاطر الحضور مساء يوم أمس الإثنين 26/8/2024، إلى المركز الثّقافيّ في كفرياسيف، من مختلف البلدات والمناطق، للمشاركة في حفل إشهار كتابي د. إياد الحاج: ستّون شمعة (ديوان شعر)، ووجهيَ الآخر (مقالات اجتماعيّة)، وسط اهتمام كبير بالكاتب وكتابيه، وذلك بدعوة من المجلس المحلّيّ، وتحت رعاية رئيس المجلس، السّيّد عصام شحادة، ومن مؤسّسة محمود درويش.
افتتح الحفل الشّاعر أسامة ملحم، وأدار البرنامج بلباقة وهدوء وابتكار، وكان رئيس المجلس المحلّيّ، أوّل المتحدّثين، فبارك خطوة إصدار الكتابين، وقال ليتنا ننشغل بإصدار الكتب كلّ بضعة أشهر ولا ننشغل بالعنف ونتائجه الهدّامة على المجتمع؛ كما أشاد بالكاتب وبصفاته وانتمائه لقريته ومجتمعه وعطائه لهما، وأعلن عن مواصلة اهتمامه بالمشاريع الثّقافيّة كجزء أساس من عمل السّلطة المحليّة.
تلاه الأستاذ الشّاعر أحمد نايف الحاج، فتحدّث عن نشأة الكاتب، نجله إياد، مُحبًّا للمطالعة منذ صغره، وشغوفًا بالكتابة، وقد رافقه طيلة عقود حتّى اشتدّ عوده وغدا مستقلًّا. وأكّد على القيم السّائدة في بيت العائلة، ومنها مشاركة النّاس في أفراحهم وأتراحهم، ومن هذا الباب يدخل مؤلّف وجهي الآخر. كما أشاد بالتّطوّر الأكاديميّ الموازي للتّقدّم الأدبيّ.
أعقبهم بروفيسور إبراهيم طه، فقدّم لوحة نقديّة موضوعيّة لكتاب الشّعر، وشبّه قصائد الدّيوان بالسُّبحات، فمنها "اليُسُر"، و"الكارب"، و"الكهرمان"، ومنها الخرز؛ وذلك كناية عن التّنوّع، وعن المستوى الأدبيّ المتفاوت بين القصائد، وكناية عن طريقة صقل المفردات الدّقيقة الّتي تشبه تشكيل المسبحة. كما تحدّث عن الكاتب كطالب جامعيّ رافقه منذ العام 2010 وحتّى العام الماضي، وأشاد بالبحث الّذي قام به الكاتب حول "وظيفيّة اللّغة في أدب الكاتب محمّد نفّاع"، وهذا الموضوع حول أديب محلّيّ له أهميّة كبيرة في ظروف بلادنا، ودعا الكاتب إلى إصدار أطروحته الجامعيّة في كتاب، في أسرع وقت من أجل أن تعمّ الفائدة على أدبنا المحلّيّ، وعلى الحركة الثّقافيّة عامّة.
ثمّ قدّمت الفنّانة، خولة الحاج دبسي، مشهدًا تمثيليًّا، فيها الكثير من الفكاهة؛ لكنّه يحتوي على رسالة عميقة، حول النّسيان كمرض، وكيفيّة التّعاطي معه، فهناك أمور تنساها الذّاكرة، وهناك أمور لا يمكن نسيانها تتعلّق بماضينا البعيد، حيث ما زلنا نحتفظ بالمفتاح للبيت في البروة، رغم أنّنا ننسى مفتاح بيتنا الحاليّ؛ وقد لاقت الفقرة استحسانًا ومتعة لدى الجمهور.
وقدّم د. منير توما مداخلة حول كتاب النّثر: "وجهيَ الآخر"، الّذي يتضمّن مرثيّات لعدد من الشّخصيّات الّتي تمثّل قيمًا معيّنة، رحلوا عن عالمنا لكنّ ما مثّلوه خالد فينا، وقام بتحديد هذا النّوع الأدبيّ الّذي ينتمي إلى جنس مقالات الرّثاء؛ لكنّه رثاء مختلف بمضمونه، فهو ليس تعداد لمناقب الفقيد فحسب، بل هو انفعال وجدانيّ يعكس وقع الخسارة على الباقين، ويخلّد ما مثّله الفقيد في المجتمع، لكي نواصل ما مثّله، لأنّه ضمانة لسلامة مجتمعنا وتقدّمه.
بعده قدّم الأستاذ الكاتب سهيل عطا الله كلمة مؤسّسة محمود درويش، بأسلوب أدبيّ ماتع، أشار فيها إلى صفات الكاتب الّتي عرفها، كما أشاد بمواهبه في الإلقاء، وفي الوقوف على المنابر خطيبًا وعريفًا؛ كما قدّر الدّور التّربويّ للأستاذ إياد الحاج الّذي استضافه في مدرسة "ينّي" الثّانويّة، وعرّف طلّاب دورة الكتابة الإبداعيّة عليه، واحترم الدّور التثقيفيّ للأجيال الطّالعة الّذي يقوم به الكاتب متعدّد الاهتمامات والنّشاطات.
تحدّث بعده الكاتب إياد الحاج، فشكّر كلّ الجهات الّتي كان لها دور في إنجاح الأمسيّة؛ كما كاشف الجمهور بمحطّات حياته الأساسيّة الّتي شكّلت منعطفًا حادًا في مسار حياته، ووصف كيف تأثّر بها وكيف تابع حياته من جديد بعد كلّ محطّة. وقدّم في نهاية كلمته رئيس المجلس، السّيد عصام شحادة درعًا تكريميّة للكاتب، باسم المجلس المحلّيّ، تقديرًا لدوره الثّقافيّ؛ وقدّم الكاتب بدوره هديّة متواضعة لكلّ المتحدّثين.
وكان الختام مع الفنّان المعروف نبيل عوض جريس، في أغنية "بكتب اسمك يا بلادي"، والجدير بالذّكر أنّ صداقة طيّبة تربط بين الكاتب والفنّان نبيل الّذي أَحيا سهرة زفاف الكاتب قبل 34 عامًا، وهو اليوم يُحيي سهرة إبداعه، بعد يوم من عيد ميلاد الفنّان نبيل ال 74.
وفي نهاية الأمسيّة تمّ توزيع الكتابين على جميع الحاضرين. وكان موقع المدار قد قام بتغطية إعلاميّة لهذا الحدث الثّقافيّ، بحيث يمكن للجمهور الاطّلاع على جميع فقرات البرنامج بالفيديو