زياد شليوط – شفاعمرو - الجليل
عدنا هذا العام لمشاهدة العرض الفصحي، الموسيقي، الكشفي، التمثيلي "الألف والياء" الذي أنتجته وقدمته "سرية كشافة شفاعمرو المسيحية الأولى"، وقد كانت قد عرضته للمرة الأولى في العام الماضي، وذلك بعد ادخال بعض التعديلات والتجديدات فيه.
يمكن القول وبتأكيد إن العرض "عمل مدهش" و"مغامرة ناجحة"، كيف لا وقد قدم لنا أعضاء الكشاف على مدار ساعتين قصة صلب السيد المسيح وقيامته المجيدة، بمراحلها الدرامية المختلفة منذ ولادة السيد المسيح العجائبية (مع تمهيد لتطور الخليقة وفق الكتاب المقدس) الصيام المقدس، دخول المسيح الى أورشليم، العشاء الأخير وتسليم المسيح للجنود ثم حُكم اليهود عليه بالصلب، درب الآلام والصلب، حدث القيامة ومن ثم الصعود الى السماء. كل ذلك بقالب مسرحي – موسيقي- سينمائي مدهش، دمج بين التمثيل الحي والمشاهد السينمائية على شاشة كبيرة، الى جانب الانشاد والعزف الموسيقي.
يصعب تحديد نوع العرض الذي قدمه لنا الكشاف، فهو يجمع عدة فنون معا إلى جانب سرد قصة دينية لم يسبق أن قدمت على المسرح بهذه الشمولية والدقة. وقد وقف وراء هذا العمل الكبير شخصان حملا الفكرة وآمنا بها إلى حد "الجنون" وهما رئيس سرية الكشاف النشيط والدينامو، الدكتور بسام عاطف عبود، الذي تبنى الفكرة ودعمها وسخّر كلّ طاقاته من أجل انجاحها، فأقدم على مغامرة اخراج العمل وتنسيقه فنيا، متمما ما بدأه زميله عضو السرية، فؤاد تلحمي الذي وضع الرؤية المسرحية للقصة ببراعة وأشرف على النصوص فيها.
وتم تدعيم العمل المسرحي باشراك ثلاثة فنانين معروفين ومخضرمين في الغناء وهم: يعقوب شاهين (في العام الماضي – زهير فرنسيس)، خليل أبو نقولا ونانسي حوا، الذين أضافوا بخبرتهم الغنائية ومن خلال التراتيل والأناشيد الفصحية التي أدوها غنى للعرض الفني، هذا الى جانب التوزيع الموسيقي للفنان الشفاعمري المتألق سرور صليبا، ونفذت العرض الكشفي مجموعة من أعضاء السرية من العازفين على الآلات الايقاعية باشراف المدرب بيير خوري، وكذلك التقنيات الصوتية الملائمة والديكور الموفق (تصميم مروان صباح) والأزياء التي عكست الفترة التاريخية بدقة.
ويبقى النجاح الأساسي لهذا العرض الضخم من نصيب أعضاء سرية الكشاف، الذين آمنوا بالعمل وانخرطوا فيهم، رغم افتقارهم للتجربة المسرحية، لكن تربيتهم الكشفية التي نشأوا عليها دبت فيهم روح الخدمة والعطاء، فقدموا أجمل ما عندهم وهم يقفون على خشبة المسرح لأول مرة، بل أنهم تحدثوا بلغة عربية فصيحة سليمة (وتغفر لهم بعض الأخطاء اللغوية) مع أنهم غير معتادين على ذلك في حياتهم اليومية.
ويستحق الممثلون الشباب والصبايا الصغار كل التقدير على اتقانهم لأدوارهم، مما يدل على التدريبات المطولة والشاقة التي مروا فيها والإرادة القوية التي تسلحوا بها. حيث شعر الجمهور بأنه حقا يشاهد تلاميذ المسيح بسلوكياتهم المختلفة، والكهنة اليهود المتزمتين الذين يطلبون حياة يسوع، والجنود الرومان الخاضعين لحكم قاس وعنيف، والحاكم بيلاطس المتردد والضعيف أمام نفوذ اليهود في الأرض المقدسة، ووالدة المسيح مريم والتلميذ يوحنا في لهفتهما وخشيتهما عند لحاقهما بالمسيح حتى موته على الصليب، ولا يمكن إلا الإشارة الى الشاب الموهوب كريم عبود، الذي قام بدور السيد المسيح، له المجد، وحاز على إعجاب وتقدير الجمهور لإتقانه الدور شكلا ومضمونا.
لا يبقى إلا أن نقول مبارك للكشاف المسيحي هذا الإنجاز والعرض الكبير (بكل المقاييس)، وكل عام وأنتم بخير وانجازات.
انطباع شخصي: عندما تابعت مشهد تقديم السيد المسيح للمحاكمة أمام الوالي الروماني بيلاطس، وهتف الكهنة اليهود: إصلبه.. أقتله. تداعى إلى مخيلتي مشهد أطفال غزة وأهالي غزة وهم يقدمون أمام الرئيس الأمريكي بايدن للنظر في قضيتهم، ووزراء حكومة اسرائيل ونواب الكنيست اليهود المتشددون والمتطرفون يصيحون ويصرخون: إقصفهم.. أُقتلهم!