هل تعانون من التقرّح في تجويف الفم؟ لعلّكم تعانون من مرض بهجت
09/05/2021 - 10:17:28 am

هل تعانون من التقرّح في تجويف الفم؟ لعلّكم تعانون من مرض بهجت

د. عبدالله ابراهيم وتد

طبيب مختص بالأمراض الباطنية ومتخصص بأمراض المناعة الذاتية مشفى شيبا تال هشومير، ومحاضر في جامعة تل أبيب

 

في سنوات الثلاثينيات شاهد طبيب تُركي عوارض غريبة عند المرضى. العارض المركزي كان تقرُّحات في تجويف الفم وبعدة أماكن في الجسم، الامر الذي كان غير اعتيادي. وهكذا وجد المرض وأطلق عليه اسمه – بهجت. إذًا فما هو هذا المرض؟ كيف نعالجه؟ إليكم الأجوبة كاملة.

مرض بهجت معروف في كل أنحاء العالم كمرض نادر، ولكنه شائع بالأساس في المناطق المحاذية لما كان يعرف بـ"طريق الحرير"، والتي شكلّت طريق التجارة للتجّار بين الشرق الأوسط ومناطق شرق آسيا، الصين، اليابان، كوريا وغيرهم. يدور الحديث عن مرض التهابي يصيب أجهزة عديدة في الجسم ويشكل شكلًا من أشكال التهابات الأوعية الدموية. من بين عوارضه الأساسية ظهور قُرُحات متكررة بالفم وبالأعضاء التناسلية، إذ أن المرض قد يتفشى وينتقل أيضًا إلى محيط العينين، المفاصل، الجلد، الأوعية الدمويّة، الجهاز العصبي، وغير ذلك.

يصيب المرض فئة البالغين بالأساس، بحيث أن معدّل سنّ بدء الاصابة بالمرض يتراوح بين العقد الرابع من العمر، كما يصيب المرض أولاد أو بالغين فوق سن 60 ولكن بدرجة نادرة. نسبة إصابة الرجال مقارنة بالنساء هو 2 إلى 1 في بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، بينما في اليابان، الصين، وكوريا فإن النسبة معكوسة، ويصبح المرض أكثر شيوعًا لدى النساء منه في صفوف الرجال. 

مسببات المرض لا تزال مجهولة. هناك نوع من الميل الوراثي الجيني للإصابة بالمرض ولكن حتى الآن لا توجد معلومات دقيقة حول مسببات ومحفزات المرض.

أعراض المرض 

المرض شائع في كل أنحاء العالم، ولكن لدى مجموعات عرقية مختلفة هناك ميزات سريرية مختلفة تختلف بحسب المناطق الجغرافية في أنحاء العالم. العلامة الأولى الواضحة والمعروفة هي – قرحة في تجوّف الفم. قد تظهر بشكل قرحات فموية في بطانة الخد الداخلية، قرحات على اللسان، على الحنك، وعلى البُلعوم. غالبًا ما تظهر عدة قرحات في آن واحد، وهو ما يميّز مرض بهجت عن أمراض أخرى. قد تتفشى القرحات بعدها وتظهر على المهبل، على كيس الخصيتين، والأعضاء التناسلية.

الظواهر الجلدية لمرض بهجت شائعة ومتنوّعة، ولكن المشترك بينها جميعًا هو الشعور بالألم في كل أنحاء الجسد عند اللمس والتي تصعّب على الأداء اليوميّ الطبيعيّ بدرجة كبيرة وشديدة.

بين 25% و75% من المرضى يصابون أيضًا بقروح مرضيّة في العينين، والتي قد تؤديّ في حالات خطرة إلى فقدان البصر والعمى من خلال تدهور تدريجي بالبصر. ولدى نحو 20% من المرضى المصابين بمرض بهجت قد يصيب المرض أيضًا الجهاز العصبي، ولذلك قد تطرأ تغييرات على شخصية المريض، قد يصاب بالخرف واضطرابات نفسيّة أخرى.

مرض خفيّ 

عادة ما يبدو الناس الذين يعانون من مرض بهجت كمن يتهيأ لهم الاصابة بمرض. إذ أن القرحات لا تظهر دائمًا بشكل جليّ للعينين، لكن الألم والمعاناة لا يُحتملان.

ولا شك أن الألم المصدر الأساسي لمعاناتهم، إذ أنه يقيّد تحركاتهم ويمنعهم من عيش حياة طبيعية، يقيّدهم بتنظيم برنامج يوميّ عادي أو برنامج عائلي. بالإضافة الي ذلك٫ قد يمتنع العديد من المرضى من تطوير علاقات حميمية، بدءًا من قُبلات وحتى العلاقات الجنسية. العديد من الأمهات يستصعبن القيام بأبسط المهام الوالديّة وتحتجن لأقساط طويلة من الراحة وساعات بيتية كثيرة. في أحيان قد يصبح حتى التكلم والتفوّه بأبسط الكلمات مهمة شبه مستحيلة بالنسبة لهن. الشعور هو شعور بالإعياء الدائم دون توّقع أو أمل بأن يتغيّر أو يتحسّن الوضع، ولا توجد أي طريقة لمعرفة إذا كانت القرحات ستختفي أو متى.

الأساليب العلاجية 

حتى الآن لم تكن هناك أي علاجات مُصادق عليها لمرض بهجت، ولطالما شكّل علاج المرض تحديًا للأطباء. يحدد العلاج وفق درجة الاصابة في الأعضاء مختلفة في الجسد. الهدف الأساسي هو علاج العوارض ووقف السيرورة الالتهابية بأسرع ما يمكن وبذلك منع انسداد أي من الأوعية الدموية ومنع الضرر بأحد الأعضاء أو الأطراف. في أحيان قد يُعطى المرضى المصابين بمرض بهجت الستيريودات، أدوية كابتة للتطعيمات، علاج بمضادات تكدس الصفائح الدمويّة أو مضادات الصفيحات، مضادات التخثّر(مانعات التخثّر)، ومؤخرًا أضيف لها علاجات بأدوية حيويّة (بيولوجية) جديدة والتي اتضحت كناجعة لعلاج بعض من عوارض المرض لدى بعض المرضى.

وثد ثبت علميا أن عقار جديد باسم "أوتيزلا" والذي صودق عليه مؤخرًا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وتم شمله في السلة الدوائية الإسرائيلية، كناجع جدًا في علاج القرحات في التجوّف الفموي على خلفية مرض بهجت. يُعطى العقار لمرضى سبق وعولجوا بعقار "كوجليتسين" بشكل غير ناجح. يدور الحديث عن دواء مضاد للالتهابات ينتمي لعائلة الأدويّة الوقائية المعيقة لانزيم فوسفوداستراز- 4 الذي يشكّل المكوّن الأهم في رد الفعل الالتهابي وبالتالي يخفف بدرجة كبيرة كمية القرحات في تجوّف الفم ويمنع المعاناة الشديدة التي يعيشها المرضى. معظم المرضى الذين خضعوا لهذا العلاج أشاروا الى تغيير فعليّ وتحسن ملحوظ بنمط حياتهم اليومية، يشمل العودة الى العمل، عيش حياة عائلية طبيعية والعودة إلى حياتهم كما كانت قبل المرض.


 



المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق