قامت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بجولة تعليمية يوم الجمعة في قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة المهجرتين جنوبي سهل الحولة.
ورافق الجولة مهجرون من القريتين وقدموا شرحًا وافيًا عن تاريخهما قبل النكبة وعن تهجيرهم المتكرر. حيث تم تهجير القريتين أول مرة خلال نكبة 48، لكن الأهالي عادوا بعد توقيع اتفاقية الهدنة في رودس عام 1949 بين إسرائيل وسوريا، لأن القريتين وقعتا ضمن المناطق المحرمة التي تشرف عليها الأمم المتحدة. إلا أن إسرائيل قامت بتهجير القريتين للمرة الثانية عام 1951 ونقلت أهاليهما بالعنف والقوة إلى قرية شعب في الجليل وبلدات أخرى. وبعد تدخل الأمم المتحدة عاد قسم كبير من أهالي القريتين إلى كراد الغنامة وكراد البقارة، لتقوم إسرائيل بتهجيرهم للمرة الثالثة عام 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر. لم تكتف إسرائيل بتهجير أهالي القريتين 3 مرات، إذ قامت خلال احتلال الجولان السوري بتهجيرهم للمرة الرابعة من مناطق لجوئهم في الجولان إلى الداخل السوري، ليسكنوا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين القريبة من دمشق.
ورافق الجولة السيد يوسف قطيش حجاج (104 أعوام) من كراد الغنامة وشرح للحضور عن تاريخ القريتين وذكر أنهما في الأصل عشيرة واحد ذات أصول كردية وكانت تدعى بعشيرة الكراد ولاحقًا بكراد الخيط، ثم انقسمت إلى قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة. وترجع التسمية إلى أن أهالي القرية الأولى كانوا يشتغلون برعاية الأغنام، وأهالي القرية الثانية كانوا يشتغلون برعاية البقر. وشدد السيد حجاج على أن أهالي القريتين رفضوا التنازل عن أراضيهم رغم العروض المتكررة بتبديلها أو شرائها ورغم ضرب وتعذيب أهالي القريتين من قبل قوات الجيش والشرطة لإرغامهم على التنازل في سنوات الخمسين.
كما تحدث في الجولة السيد محمود عزايزة (84 عامًا) من كراد البقارة، وذكر أن القوات الإسرائيلية قامت بهدم بيوت القريتين أمام أعين أهاليهما خلال التهجير الثاني عام 1951. وكان جنود وضباط إسرائيليون يتنكرون بزي قوات الأمم المتحدة ويقومون بضرب أهالي القريتين في شعب حتى تسيل دمائهم لإجبارهم على التنازل أو مبادلة أراضيهم، إلا أن أحدًا لم يوافق على التنازل عن شبر واحد من الأرض. وأشار إلى أن أهالي القريتين حوصروا داخل شعب ومنعوا من الخروج أو حتى من زيارة أهالي البلدات المحيطة لهم.
وشارك في الجولة أيضًا سليمان خالدي من كراد الغنامة، عاطف عزايزة من كراد البقارة، واللذان أعدا أبحاثًا حول تاريخ القريتين. وأشار خالدي أن تاريخ عشيرة الكراد يمتد إلى أكثر من ألف عام منذ أيام صلاح الدين الأيوبي. وقد سميت بداية بكراد الخيط نسبة الى سهل الخيط وكان تمتلك ما يقارب 25 ألف دونم. وأشار إلى أن أهمية قضية كراد البقارة وكراد الغنامة تكمن في أنها قضية عالمية حيث صدر قرار من الأمم المتحدة يقضي بوجوب عودة لاجئي القريتين، إضافة إلى اتفاقية الهدنة في رودس التي نصت على عودة أهالي القريتين إلى المناطق المحرمة التي شملت أراضي القريتين.
كما قدم عاطف عزايزة خلفية تاريخية عن بدء الاستيطان اليهودي في فلسطين ودور الانجليز في تهيئة الظروف للحركة الصهيونية. وأشار إلى أن المجازر كانت إحدى آليات التهجير للقرى المجاورة أيضًا من خلال بث الرعب، فكما دير ياسين ارتكبت مجزرة الحسينية في سهل الحولة لحمل السكان على الخوف والهرب. وأشار عزايزة إلى أن تهجير القريتين يرتبط أيضًا بمشروع تجفيف الحولة، حيث أعطي الامتياز في حينه لعائلة سلام اللبنانية والذين باعوا الامتياز لشركة صهيونية.
وأشارت رنا عوايسة مركزة مشروع الجولات إلى أن: "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين تواصل التركيز على حالات التهجير ما بعد نكبة 48 المرتبطة بالمشروع الصهيوني الذي لم ولن يتوقف عند حدود 1948. لقد تم تهجير قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة في ذات العام الذي وقعت فيه مجزرة كفر قاسم، وكان ذلك جزءًا من مخطط أكبر لتكرار حالة الهلع والخوف التي رافقت مجزرة دير ياسين وتهجير البلدات الفلسطينية خلال نكبة 48، وبالتالي تهجير من تبقى من فلسطينيين في الداخل".