فجعت عائلة محاميد في  حيفا يوم الاثنين الماضي، بوفاة ابنتهم فرحة محاميد البالغة من العمر 12 سنة متأثرة بجراحها البالغة، إثر حادث دهس وقع في حي "الحليصة التحتى" أحد الأحياء العربية في المدينة يوم السبت.
 
وكانت الطفلة المرحومة قد رقدت في أيامها الأخيرة في غرفة العمليات والعناية المشددة، إلا أنّ محاولات الأطباء لم تُفلح، مما اضطرهم إلى إعلان وفاتها ليودّعها ذويها بألم، محملين الشرطة والبلدية المسؤولية الكاملة بسبب إهمالهما في متطلبات الأحياء العربية.
 
وقد فنّدت العائلة ما جاء على لسان الناطق بلسان شرطة الساحل، أنّ ابنتهم تجاوزت الشارع من مكان غير معدٍّ للمشاة، وبهذا تكون مسؤوليّتها، مبينين أنّ الشارع الذي مرّت منه المرحومة وهو حي عربي لا يوجد فيه أصلًا ممرّ للمشاة لتمر منه بسبب إهمال البلدية والشرطة في هذا الخصوص.

وفي حديث لمراسل موقع المدار مع عوض محاميد من حيفا والد الطفلة المرحومة فرحة محاميد، قال: "الحمد لله رب العالمين، يوم السبت فُجعنا بوفاة ابنتي فرحة بعمر 12 سنة دهسًا ، كانت ابنتي طائعة لله وطائعة لوالديها وتقيم حدود الله مع أنها غير مكلفة ، هذا قدر من الله سبحانه وتعالى مع أنّ الأسباب من أنفسنا في تفريطنا وتقصيرنا في حقوق الله ، وهي التي تؤدي إلى مثل هذه المصائب".

رسالة إلى الشباب
 وفي رسالةٍ وجّهها إلى جمهور السائقين من الشّباب خاصة، قال فيها: "اتقوا الله فينا وفي اطفالنا، واعلموا أنّ أرواح الناس ليست رخيصة وليست سلعةً بين أيديكم، ليس كلّ من امتلك رخصة قيادة يعني أنّ له الحقّ في قتل الناس، ذلك أنّ السيارة كما انها مُسخّرة وهي نعمة من نعم الله فهي أيضًا نقمة وهي أداة قتل مثلها مثل المسدس إذا لم تُستعمل في المكان الصحيح والطريقة السّليمة. فرسالتي إلى كلّ الناس وإلى الشباب الذي يمتلكون سيارات أن يتقوا الله ويقفوا عند حدود الله، وأن يلتزموا بقوانين السّير، فهي ليست عبثًيّة، إنّما جاءت لمصالح المواطنين، حتى نحافظ على حياة الناس وعلى النظام ومن يتعدى على هذه القوانين فهو آثم".

أُحمّل الشرطة والبلدية المسؤولية الكاملة
 وانتقد محاميد الشرطة وبلدية حيفا بشدّة وحملهما مسؤولية الإهمال والتراكن في الأحياء العربية في المدينة، مشيرًا إلى أنّ "الشرطة حتى الآن لم تأتي ولم تسأله عمّا حصل، ولم تحقق مع أيّ طرف من العائلة أو مع شهود العيان الذين تواجدوا في مكان الحادث"، وقال: "شرطة السير وبلدية حيفا يهملون الأحياء العربية في مدينة حيفا، فالذي يتابع الأخبار بشكل دائم يجد أنّ المصائب المشابهة لفاجعتنا أكثر ما تحصل في الأحياء العربية، ففي حي عربي كامل يسكن فيه أكثر من ألف نسمة لا يوجد فيه ممر للمشاة!" على حدّ تعبيره.

الحي بدون ممر مشاة
وأضاف: "رسالتي إلى الصحف المحلية بحيث إنّ أقصى ما يقومون به هو نسخ الأخبار ولصقها، أخذوا من الناطق بلسان الشرطة أنّ ابنتي مرّت من شارع ليس معدًّا للمرور وكأنّ ابنتي هي المذنبة ، لكن في حقيقة الأمر الحي كله لا يوجد فيه ممر للمشاة لذلك لا يمكن لوم الأطفال أنهم مروا من مكان غير معدٍّ للمشاة. عدا عن ذلك، فالسائق قاد مركبته بسرعة جنونيّة وفق ما قاله الشهود الذين تواجدوا في المكان، حيث دخل بسرعة مائة كيلومتر في الساعة ، في الوقت الذي لا يسمح به الشّارع بأكثر من 40 كيلومتر في الساعة، فهو فرعيّ معدّ أن يصل للبيوت فقط. وأضاف: "فمن اجل ان تزيح الشرطة الحمل عن كاهلها إدّعت زوراً أنّ ابنتي مرّت من طريق غير معدٍّ للمرور، وكأنّ الذّنب ذنبها والشرطة ليس لها علاقة".
وتابع: "رسالتي أيضًا لمجتمعنا ثم لشبابنا وللأطفال ولأهالي الأطفال أن أنتبهوا على أنفسكم وعلى أولادكم".
وقال: "أنا أحمل الشرطة المسؤولية الكاملة، وسنتابع هذا الموضوع حتى نكتشف الحقيقة، من الجاني ومن عليه أن يتحمل المسؤولية ونحمله إيّاها".

الشرطة أطلقت سراح منفذ الحادث واعادت له رخصة السياقة
 وفي حديث آخر مع الشيخ عيسى أنور مهجي من سكان حي الحليصة، وهو من أقارب والدة الطفلة فرحة عوض محاميد، قال: "الغريب في الموضوع أنّ الشرطة اعتقلت الشاب وهو في العشرين من عمره ، ليوم واحد ثمّ أطلقت سراحه واعادت له رخصة القيادة. الشرطة تريد أن تجعل من مجتمعنا مجتمعًا يثأر أحدنا من الآخر وهو ما كانت تهدف من خلال اطلاق سراح الشاب". وأضاف: "والبعد الآخر من القضية أنّ الشرطة أهملت القضية، وهو ما يجعلنا نتساءل مع العلم أنّه من المفروض عندما يقوم سائق بدهس أي شخص تأخذ الشرطة منه رخصة القيادة لمدة شهر على الأقل، أما في هذا الباب فقد أعادت له الرخصة مما يدل على أنّ الشرطة في المجتمع العربي عامّة وفي حيفا خاصّة لها نوايا بأن تهمل المجتمع العربي ، ومعلوم أيضًا أن الشرطة عندما تعتقل أي إنسان لا بدّ أن تعتقله لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام ثمّ تطلق سراحه ثمّ يتم التحقيق مع جميع الأطراف والذين تواجدوا في مكان الحادث".
وأردف قائلا: "بعد الانتهاء من بيت العزاء سنوكل محامي من قِبل العائلة وسنتابع هذه القضية مع الشرطة، وسنبعث ببرقيّة إلى الأطراف المعنية حول الحادث وما يدور في المجتمع العربي في منطقة حيفا من اهمال واضطهاد".
  وانهى حديثه قائلا : "إننا كمسلمين نؤمن بأن قدر الله جاء لا محال ونرضى بما قسم الله لنا ونسأل الله أن يأجر اهل الفقيدة وأن يثبهم ويصبرهم".

حزن في المدرسة
 من ناحية اخرى أصدر مدير المدرسة عبد الرحمن الحاج محمد عودة بياناً جاء فيه: " بقلوب مليئة بالحزن والأسى نتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة بفقدان ابنتنا الغالية على قلوبنا جميعا، الطالبة فرحة محاميد والتي لاقت حتفها بحادث مروّع . نرجو من الله أن يرحمها ويجعل مثواها الجنة وأن يلهم ذويها الصبر والسلوان وأن تكون هذه الحادثة المؤلمة خاتمة الأحزان. ونتوخى من أهلنا الكرام توعية وإرشاد أبنائهم / طلابنا لأهمية الحذر على الطرق والعبور بين الشوارع والممرات بطريقة آمنة والقيادة بالسرعة الملائمة وبحذر حتى نحافظ على سلامة أبنائنا. وقد قمنا كإدارة بإعداد طاقم مهني لاحتواء الطلاب وتوعيتهم على استيعاب مثل هذه المصائب وتخطيها".
بيان الشرطة
وكانت الشرطة قد عممت بيانًا قالت فيه أنّ المرحومة فرحة محاميد تعرضت لحادث دهس صعب يوم السبت الماضي خلال عبورها في ممر غير معدّ للمشاة، على حد تعبير الشرطة.