الارشمندريت خريستوفوروس حنا يقدم رساله العيد من الاردن
2010-01-21 10:46:12
أبنائي وبناتي الروحيين، أبناء الرعية الأرثوذكسية
 
نعمًةٌ لكم وسلامٌ من الله أبينا والرب يسوع المسيح بالروح القدس.

"تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفة وإله كل تعزية، الذي يعزينا في جميع ضيقتنا لكي نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقةٍ بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله. لأنه كما تتكاثرالآم المسيح فينا كذلك تتكاثر بالمسيح تعزيتنا. فإن كنا نتضايق فإنما تضايقنا لتعزيتكم وخلاصكم، القائم باحتمال الآلام التي نتألم بها نحن أيضاً، وإن كنا نتعزى لتعزيتكم وخلاصكم، إن رجاءنا فيكم ثابت" (كورنثوس الثانية 1 : 3-7)

أيها الأحباء،
لقد وجدت أنّ كلمات الرسول بولس السالفة الذكر _مع علمي بأني غير مستحق لها_ تُعبر عن الذي أمرُّ به في السنوات الأخيرة من جهة ومن جهة أخرى محبتي لكم المتّقدة باستمرار في قلبي , خاصّةً في كل قداس إلهي وصلاة. لهذا أتوجه إليكم بهذه الرسالة الرعائية انطلاقاً من محبتي لكنيستي التي رأسها الرب والمخلّص يسوع المسيح وأعضاؤها نحن جميعاً، التي افتداها بدمه الكريم قابلاً الموت الطوعي على الصليب. وكم تدمع قلوبنا عندما نرى كنيستنا المقدسية أم الكنائس مصلوبة تنتظر قيامتها.
 
يا أبنائي إنّنا نُحي في هذه الأيام المقدسة سر الظهور الإلهي،  في مغارة بيت لحم القابلة الإله وفي نهر الأردنّ المبارك، وقلوب المسيحيين من كل أنحاء العالم تتجه إلى هذه الأماكن المقدسة لترفع الصلاة والابتهال من أجل المحبة والسلام، محبة لله والإنسان لأخيه الإنسان ، والسلام الداخلي الآتي من العليّ ليعمّ المجتمع والعالم. فحيث يولد المسيح تتجسد المحبة والسلام. وإنّني إذ أهنئكم بهذه الأعياد المجيدة، أطلب اليكم جميعاً أن تشاركونا الصلاة من أجل النهضة الروحية في كنيستنا عسانا نساهم جميعاً في قيامة كنيستنا المعذبة واتمام نهضتها الروحيّة المنشودة ولنتعزى بقول السيد "ثقوا فإني قد غلبت العالم" ونحن معه سنغلب لأن الكنيسة "ابواب الجحيم لن تقوى عليها". لذلك أرجو من الجميع العمل معاً فماً يداً وقلباً واحداً داخل كنيستنا المقدسة أي من خلال مشاركتنا بحياة الكنيسة واسرارها لكي نحافظ على بركة الله ونعمته في مسيرتنا من أجل نهضة كنيستنا المصلوبة، وعلينا أن نطالع كتب آباء الكنيسة القديسين ونطّلع على العديد من المواضيع التي تهم كنيستنا ونهضتنا الروحية لكي نصل إلى فكر روحيّ ونهضويّ صحيح في الكنيسة . هنا يأتي دور قدس الآباء الأجلاء الرعاة الموجودين بيّن رعاياهم لتحمّل مسؤلياتهم أمام الله , الكنيسة والشعب بتوعية أبناء الكنيسة لكي نحافظ على اللُحمة بيّن الأكليروس والشعب.
 
أبنائي الأحباء،
لقد حاول البعض في الفترة السابقة العمل من أجل قلب وتشويه الحقائق واخفائها عن رعية المسيح وعن أبناء الوطن, قاموا بذلك من خلال عمل منظم وصرف أموال لتلميع أشخاص, بث روح الفتنة , الانقسام والإقليميّة البغيضة، تشويه وإخفاء صوت الأغلبية وإعلاء صوت الأقليّة، ذوي الأجندات الخاصة والمصالح الشخصية. مع أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس، ونسوا أن الحق سيبقى ليحرر الجميع وأن الكنيسة يقودها الله نفسه لا أشخاص. لذلك أناشد جميع أبناء الكنيسة والوطن أن لا يقعوا في شباك أولئك الذين يريدون أن نبقى في الظلام لأننا نحن أبناء نور وحق.
 
أيها الأحباء،
هل اقترفنا جرماً _حين قلنا الحق والواقع_ نستحق أن نعاقب عليه ، وهل أخطأنا حين طلبنا تفعيل نظام الأبرشيات في كنيستنا أسوةًً بالكنائس الأرثوذكسيّة الأخرى في أرجاء العالم كافة، استناداً إلى القوانين والأنظمة الكنسية المعمول بها في كنيستنا الأرثوذكسيّة المقدسة، وبموجب روح القانون الأردني رقم 27/ 1958 المعتمد لدينا غير المطبق والمُفعّل ، طالبنا ذلك بصوت عالٍ عندما تحققنا من سوء العلاقة بين كافة درجات الهرم الكنسي، حيث العلاقة غير سليمة وغير بناءة بين غبطة البطريرك والمطارنة, بين المطارنة والكهنة, بين الكهنة والرعايا وبين أفراد الفئة الواحدة , ليس نتيجة غياب تفعيل القوانين والأنظمة الإلهية الموضوعة من قبل الرسل الأطهار وآباء الكنيسة القديسين فقط، بل لعدم تفعيل القوانين البشرية أيضاً. هذا كله أنتج عقماً في عمل الكنيسة الرعائيّ , الروحيّ ,المؤسسيّ والاجتماعيّ وأدى عبر عشرات السنين الماضية إلى مغادرة الأرثوذكس كنيستهم الأم لينضموا إلى كنائس وبدع وهرطقات معظمها غريب عن روح, فكر وتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية، وعن فكرنا الشرقي الروحي العربي الوطني الأصيل ، مما ساهم في ازدياد الهجرة المسيحية من بلادنا، فإلى متى سننتظر...؟
إنّ هذا الخلل أيها الأحباء افرز مجمعاً مقدساً ضعيفاً وغير قادر على الوقوف أمام التحديات الكثيرة التي تواجهها الكنيسة والوطن. علماً بأن المجمع المقدس أعلى سلطة داخل الكنيسة ، فإلى أين نحن ذاهبون...؟
 
إنّنا نطالب تفعيل نظام الأبرشيات في كنيستنا ومنح راعي كل ابرشية كامل صلاحياته الكنسية للقيام بواجباته تجاه الرعيّة وتفعيل المؤسسات الكنسية كافة العاملة خدمة للرعايا ،  وأن يكون كل راعي ابرشية عضواً دائماً في المجمع المقدس ما دام على رأس ابرشيته، عسانا بذلك نضع _ بموجب تعاليم الكنيسة_ أسساً لقيام نهضة روحية في كنيستنا.
 
هل أخطأنا عندما طالبنا بأديرة ورهبان وراهبات ؟ هل أخطأنا لأننا طالبنا فتح أبواب أخوية القبر المقدس ليدخلها رهبان من أبناء الرعية ليخدموا كنيستهم مع اخوانهم الذين يأتون من اليونان...؟ هل مطالباتنا هذه جريمة نستحق عليها العقاب ؟ فهل يُعقل أن يُحرم أبناء كنيستنا المقدسية أم الكنائس التي  نشرت حياة الرهبنة في كل أنحاء العالم من أن يُرسموا رهباناً ويحرموا من ممارسة حياة الرهبنة والأديرة ....؟
 
يتهموننا بأنّنا نريد طرد اليونان ، نحن لا نريد طرد أحد , بل نريد أن نخدم كنيستنا ورعيتنا بكل محبة وسلام مع الجميع.
 
هل أخطأنا ونعاقب لأننا طالبنا فتح مدرسة اكليريكية في الأردنّ لكي تتمكن الكنيسة من تهيئة الكادر البشري المثقف والمتعلم والروحانيّ المستعد  لخدمة الكنيسة وأبنائها...؟
 
هل أخطأنا ونعاقب لأننا طالبنا إلغاء الصفقات وعدم ابرامها والمحافظة على أوقاف الكنيسة وعدم تسريبها واستخدام نهج الشفافية والوضوح في هذا الشأن؟ هل أجرمنا لأنّنا نريد حماية قدسنا الشريف وأماكننا المقدسة...؟
 
هل أخطأنا لأننا وقفنا مع رعايانا ومطالبها، ومؤسساتنا الأرثوذكسية الفاعلة داخل المجتمع...؟
 
هل أخطأنا لأننا طالبنا بأن لا يكون وسيط بين الأب وأبنائه، بين غبطة البطريرك وكهنته ورعاياه ، فهل يحتاج الأب إلى فريق من المحامين والأشخاص ليدافعوا عنه أمام أبنائه.....؟ فلماذا سعيتم لقتل أقدس أنواع العلاقات، العلاقة الروحيّة بين الأب وأبنائه ؟ الحق أقول لكم إنكم قتلتموها فينا...!!!!
 
هل أخطأنا عندما قلنا إنّنا نفهم الطاعة من خلال الصراحة وعدم المحاباة...؟
 
هل أخطأنا عندما طالبنا  تفعيل دور كاهن الرعية ورفعة شأنه ...؟
 
هل أخطأنا لأننا قمنا ببناء الأديرة , ترميم الكنائس وقاعات الرعية ,الاعتناء بمدارس الأحد وبالعائلات المحتاجة...؟
 
لن نتخلى عنكِ أيتها الأرثوذكسية وإن قتلونا آلاف المرات ، لن نصمت وسنظل نقول الحق وإن استخدموا معنا كل وسائل الضغط، سنبقى نحب لا بل نعشق كنيستنا ,رعّيتنا ,ديرنا ووطننا الأردنّ الغالي .  
 
أيها الأحباء،
 إنّ الوقت قد حان ليتحمل كل واحد منا مسؤوليته أمام الله ,ضميره وكنيسته، ولنؤمن كلنا أن هذا شأننا ومسؤوليتنا نحن لا مسؤولية وشأن الكنيسة فقط . فالكنيسة أنتَ، وأنتَ الكنيسة. المسيح قد جاء من أجلك، ومن أجلك مات على الصليب، وبقيامته وهبك الحياة وجعلك عضواً في جسده المقدس أي الكنيسة، فالكنيسة كنيستنا والبطريركيّة بطريركيّتنا، لذا علينا أن نعمل بكل قوتنا ونبذل أقصى طاقتنا متسلحين بالقوانين الروحيّة والكنسية المتاحة لنا دافعُنا المحافظة على وحدة كنيستنا وبطريركيّتنا من خلال معالجة الأخطاء وتصويبها.
 
وفقنا الله اكليروساً وشعبا.
 
نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس لتكن معنا آمين.
 
                                                                        الداعي لكم بالرب يسوع المسيح
                                                                       
                                      الأرشمندريت خريستوفوروس عطالله
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق