كلمة حق الى روح المرحوم المحامي منير احمد عزام
13/01/2021 - 01:20:12 am

كلمة حق الى روح المرحوم المحامي منير احمد عزام

بقلم: د.نجيب سلمان صعب 

 

  • استحدثت مدرسةً إنسانيةً اجتماعيةً وأخلاقية، ستبقى نبراساً ومنارةً يا منير

  • صنعت ظاهرة غير مسبوقة في المجتمع يا أبا عدي

الخَطب جلل، المصاب أليم والخسارة لا تعوّض بفقدانك يا أبا عَدي، وقد تنحبس الكلمات وتتلعثم الألسن وربما تجفّ الأقلام من هول هذا المصاب بغيابك ورحيلك عنا في هذه الظروف، إلّا اننا نحن قوم وبإلهام ربّاني نتمكن من تقزيم هذا الهول وهذا الألم وهذا الخطب وقساوته بالإذعان طوعاً وبأيماننا الوطيد بقضاء الله وقَدَرِه نبدد الأحزان مع عمقها الذي لا يعرف الحدود بقدرة الله عز وعلا مرددين القول:

                  حُكْمُ المَنِيَةِ فيْ البَرِيَةِ جْارِ                       مْا هذِهِ الدُنْيا بِدارِ قَرارِ

لقد كانت ليلة الأثنين المقدسة الواقعة في الرابع من كانون الثاني لعام 2021 وقبيل الساعة الثانية فجراً الدقائق الأخيرة من رحلتك يا أبا عدي والقصيرة بيننا, حيث وضعتْ حداً لحياتك في الرابعة والخمسين ربيعاً وأنت يا منير في ريعان الشباب وفي قمة وأوج العطاء الإنساني والاجتماعي, وكنت قد قدمْت ألينا في الخامس من أيلول عام 1966 وبدأت حياتك في مسقط رأسك أبوسنان التي نعُمت بوجودك, هذه الحياة المليئة بالمفاجئات التي أنت غرستها في المجتمع الأبوسناني, بعد أن نهلتها من الوالدين رحمهما الله بكل نقاوةٍ وأصوليات لدى نشأتك في كنف العائلة الكريمة في النهل من منهل الوالدين المُفعَم بالنواهي الدينية الأصيلة وبالسِّمات الخلّاقة في شتى دروب الحياة, فقد تركت لنا وللمجتمع مدرسة اجتماعية أنت بانيها بحكمتك في الاخلاق الطيبة, المعاملة الحسنة, الأماني الصادقة , الإخلاص, الوفاء والعطاء في مناح عدة أنت الذي عرفتها وأنجزتها في تمازج مُحكَم ولم تتحدث عنها أو تبوح بها لأحد.

املنا وطيد أن تكون هذه المدرسة منارةً يتظلل بظلها الكثيرون في نوعية الحياة المشتركة التي يمكنها الفصل الواضح بين نوعية المهنة وكيفية العطاء بلا حدود, وبالمقابل وفي نفس الوقت بنيت اسرةً كريمةً مع شريكة حياتك الأمينة السيدة ملكة طربيه عزّام, هذه الأسرة المؤلفة من ثلاثة أبناء وكريمة وهم في مقتبل العمر وفقهم الله, ونعدك يا منير صادقين أن نكون عند حسن ظنّك ونعمل على رعايتهم جميعاً بكل ما في هذه الكلمة من معنى ودعماً للأخت أم عدي أطال الله في عمرها ما دمنا على قيد الحياة, ولا تغيب عن الخاطر يا منير إرادتك البنّاءة, قول الكلمة الفصل في كل ما تقول وما تعمل, وأكبر من هذا كله الأمانة وحب المساعدة للقاصي والداني, هذا بالإضافة الى الأخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة التي يتسم بها كبار الرجال أمثالك, وهي التي أدت جميعها إلى ما آلت إليه في صفوف المجتمع بدءاً من العائلة والأقرباء عموماً من قريب ومن بعيد, وقد لا أُغالي أبداً في القول أنك حقاً أصبحت ظاهرةً غير مسبوقة في القرية والعاصمة أورشليم القدس ومع جميع الأطياف والطوائف دون تمييز من شمالي البلاد إلى جنوبها, هذا ما لمسناه وسمعناه من أفواه المعزين في أقوالهم ورسائلهم واتصالاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة, الأمر الذي إن دل على شيء إنما يدل على عِظَم شخصيتك وقوة الإرادة في العمل والعطاء ودماثة الأخلاق.

وقد نجحت يا أبا عَدي ان تُبرز لنا بعد مغادرتك إيانا مَن أَنت، وكثيرة هي الأمور التي تشير الى القريبين والبعيدين ألا وهي: العمل الدؤوب والعطاء بلا حدود على طريق خلق جوٍ من التعامل الأخوي والمشترك بين شرائح المجتمع برمتها، هذه الرسالة الاجتماعية هي بمثابة نبراس ينير الطريق لمن يتمكن من عمل الخير في طليعة أُسس التعامل وليست النوعية المادية هي الأساس كما نراها في هذه الأيام.

حقاً يا منير بهدايةٍ من المولى جلّ وعلا وبإرادتك التي لا تعرف الخنوع أو الاستسلام أبداً في ظروف الحياة القاسية والمتقلبة، تغلبت عليها ودحرتها مرفوع الرأس، هذا الأمر الذي نعتزّ به في كل لحظة، وقد أصبحت بهذا مرجعاً للكثيرين من الحقوقيين في مهنتك التي تغلّبَت الأخلاقيات فيها على الماديات فنهجت نهج المنقذ أو الأب أو الأخ والمحامي للكثيرين ممن عرفوك، حيث تفوهوا هم بذلك من تجربتهم، هذه هي شهادة الشرف والكرامة، بنيتها أنت، وأنت وثم أنت بنفسك يا منير!!!

وقد بَرَزت هذه الأعمال أيضاً لدى وجودك في إدارة هيئة البث الثانية، فكثيرة هي القضايا التي تميّزت بها وحجبت بنفسك وبتدخلك مشاكل كثيرة عرفتُها أنا وعلمت بها عن قرب. 

وبين القدس والشمال بنيت جسراً من المحبة والتقدير بأعمالك الإنسانية والاخلاقيات وأصبحت عنوانا للكثيرين من جميع أبناء الطوائف في نواحٍ عدّة، وحقاً خضت يا منير معترك الحياة الشاق لتكون في شقاوة هذه الحياة ومستجداتها قد رسمت خلال دراستك لها جيداً وخوض غمارها، العصامية والجرأة وبالإرادة الصادقة امام كل التحديات، وبهذه الإرادة والإنجازات تستحق الشهادة الاجتماعية غير المسبوقة التي صنعتها بيديك ويقرّ بها القاصي والداني ممن عرفك وتعامل معك في طول البلاد وعرضها.

وعزاؤنا يا منير بالكرامة التي أبقيتها بعد رحيلك الذي قطّع القلوب أسىً وألماً على الفراق في ظل الفخر والاعتزاز فيما أبقيت من كرامات في صفوف المجتمع وفي أطياف كثيرة وعديدة محلياً وقطرياً ودولياً والتي لم يعرفها إلا أنت يا منير، وكذلك عزاؤنا بما فعلت في حياتك القصيرة من عصاميات وتطوعات مالية واجتماعية، وهذه البصمات يصعب أن تمحوها الأعوام والسنون مهما طالت.

وعزاؤنا أيضا بعائلتك وبإخوانك وأخواتك وأبنائهم وبناتهم جميعاً، الذين بالطبع يفتقدونك صباح مساء ويتوقون لك ولأخلاقك في رعايتهم الامينة كما فعلت طيلة ايامك دون كلل او ملل وبنفسٍ صادقة.

ونتضرع الى العلي القدير أن يسكنك فسيح جناته ويغمرك برحماته يا أبا عَدي، ونعدك جميعاً صادقين أن نبقى على عهدك ونهجك ولا تغيب عنّا مطلقاً وتبقى ساكناً في قلوبنا أبد الدهر.

وأنّا لله وأنا إليه لراجعون

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق