الليالي العارية بقلم: نسرين طعمة الرامة
29/12/2016 - 01:22:49 pm

"قديش كان في ناس عالمفرق.. تنطُر ناس

وتشتي الدني ويحملوا شمسية

وأنا بإيام الصحو ما حدا نطرني.."

ويبقى "الإنتظار" طقساً مُرهقاً من طقوس حياتنا

لتلك الأحلام التي لا نبوح بها!

برغم قسوة "الإنتظار" إلا أنه يحمل بين طياته

نوعٌ من أنواع الأمل.

***

خيم الليل بجنحه فوق المدينة وألبسها الثلج ثوباً

وهزم البرد إبن آدم من الأسواق فإختبأ في اوكارهِ

وساد الصمت في أرجاء مدينة لا اعرفها ولا أدرك معالمها

في مدينة أشبه بشبحٍ يغتالك في عزلتك ووحدتك

جلست حانيا رأسي على صدري وكأني أمنع قلبي من الخروج

في تلك الليلة المظلمة لم أسمع سوى نبضات قلبي المتسارعة

في تلك الليلة الحالكة ركعتُ مثلما فعل موسى عند إشتعال العليقة

في تلك الليلة الكئيبة فهمت أن الزهرة لا تعود الى الحياة الا بالموت

والمحبة لا تصير عظيمة الا بعد الفراق.

ينبغي أن أموت لأحيا شوقاً .. وينبغي أن أفارق نفسي لتعود إليّ

لتعود إليَ قلباً نابضاً

لتعود إليّ طفلاً ضاحكاً

لتعود إلي كهلاً حكيماً

لتعود إلي بسمةً مشرقةَ

لتذكر عهودها السابقة فلا تتركني بعد..

***

فجاءت الحكمة لتسامرني في وحدتي وقالت:

لقد سمعت صراخ نفسك فأتيت لأعزيها

فأبسط قلبك أمامي لأملأهُ نوراً من نوري

سلني فأكشف لك دروب الحق..

***

أيتها الحكمة, أي نفس أنتظر؟ والى أي نفس أشتاق؟

أأشتاق لنفسي قبلَ هزيمتي الأولى او هزيمتي الثانية

أأشتاق لنفسي قبل أن أعطيهم عيوني ليروا بها؟

أأشتاق لأول نبضةٍ من نبضات قلبي؟

أأشتاق لنفسي قبل أن يهجرني أحبتي؟

كل راحل أخذ مني جزء ورحل

نحن نحزن على الراحلين فبفقدانهم نفقد جزء منا

نبكي على ما فقدناه ونحزن على ما خسرناه

    ثم, ما هذا الشباب المتلاعب بميولي المستهزىء بعواطفي؟

ما هذا العالم السائر بي الى حيث لا أدري؟

ما هذه الأرض الفاغره فاها لإبتلاع الاجسام؟

ما هذه الثربة العطشى لإمتصاص الدماء؟

ما هذا الانسان الطالب الحياة بقبلة, والمستسلم للموت بصفعة؟

ما هذا العالم الذي يحاول سلبَ انسانيتنا عمداً وقهراً؟

ما هذا الكائن الباحث عن سعادة فانية؟

أيتها الحكمة كيف لنفسي القديمة أن تعودَ إليّ؟

كيف لي أن اعودّ طفلاً فرحاً؟

كيف لي أن أعودَ كهلاً حكيماً؟

كيف لي أن أنمو كسنابل الحقل؟

أيتها الحكمة أنا مسجون بعقارب الساعة

***

أيها الكائن البشري, يا من تبصر فقط ما تراهُ عيناك

يا من تصغي فقط الى الاصوات حولك!

كل ما تراهُ, كل ما تبصرهُ, كل ما تسمعهُ, كل ما تتعلمهُ

كان ويكون من أجلك

ليتك تبصر العالم بعيناك

وليتك تبصر ببصيرتك الى ما وراء المرئيات

ليتك تسمع أنغام وألحان لم تعزف بعد

وليتك ترى الاشياء بعمقها وليس بقشورها وسطوحها

كلامك هو ما تحوكه وتنسجه ليكون واصلاً بينك وبين إخوانك البشر

أما أفكارك, أفعالك, شغفك, وقلبك النابض هم حياتك وتقدمك

نتائجك المحزنة او المفرحة هي البذور التي القاها الماضي في حقل المستقبل

إن هذا الشباب المتلاعب بميولك هو الفاتح باب قلبك لدخول النور

اما الارض الفاغره فاها والثربة الممتصه دماء سيخلصونك من عبودية  الجسد

وسجنك بين عقارب الساعات ما هو الا نتيجة عبودية البشر

يا من تسمعني وتصغي لكلماتي, سر الى الامام ولا تقف البتة فالأمام هو الكمال
سر الى الامام ولا تخشَّ أشواك السبيل فهي لا تستبيح الا الدماء الفاسدة



المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق