مشيتُ .. مشيت .. !
وعند مفترق الطريق حار ذلك السؤال .. هل انتهيت..؟
ارتميت وارتميت .. !
للحظات عن الدنيا وما بها سهيت ..
جزعا ..خائفا .. كذلك صحوت ..!
كيف.؟ لماذا.؟ من اين اتيت ..؟
مسكت رأسي ونفضت ذاكرتي .. وفي قاع الذكريات هويت ..!
وجدت نفسي امام بئر قديم .. شربت منه الى ان ارتويت ..
تلفت يمينا وشمالا وجدت بابا اسودا صغيرا .. اليه مضيت .. ومضيت .. !
كان بعيدا عكس ماتراه قريبا.. ! انحنيت قليلا ثم ...
,,.,,.,,
دخلت ..
تقدمت للأمام خطوات .. سمعت خلفي بعض الاصوات ..!
التفت للخلف .. وكان الباب قد اقفل .. كان الباب من الخلف لونه قرمزي ويشع ..
تقدمت بحذر .. شممت رائحة الموت .. !!
وبعض صرخات جرحى وانين غريب .. كان الجو غبارا تكون من بقايا فتات عظام من تعذب هنا الى الموت ..!
كان الجو كذلك .. وانعكاس شعاع الباب القرمزي .. يعكس الاشياء بنوع من الغموض ..
تقدمت لاحد الجرحى وسئلته بخوف ووجل .. ماهذا المكان ..؟
قال لي بأستغراب يتضح على ملامحه التي اخفاها الألم : أأنت غريب هنا .؟
قلت ببراءه : نعم .ولكن من انتم .؟ ومن فعل بكم ذلك .؟
قال.: نحن النهايه .. وكنا يوما انت .. !
ارتعدت فرائصي خوفا ..!!
عندما رآني خائفا قال : اذا تقدمت سترى جمالا وستسمع طرب .. فأهرب ما دمت تستطيع الهرب ..!!
ورجع لأنينه وبكائه ..!!
تركته والفضول .. كتب بعقلي للرؤيا فصول وفصول ..
تقدمت غير مباليا بما قال .. باحثا عن من يشفي بداخلي غليل السؤال ..
نعم كما قال ..
سمعت الطرب ورأيت الجمال ..
انها جنّتي .. انها هي ..
رأيت رجالا ونساءا .. يتراقصون على انغام شجيه .. تجبر السامع على ان يتمايل معها بأبتسامات وفرح..
كل مرأة تمسك بيد رجل ..
وينظرون الى أعين بعضهم بأعجاب وحب ..
أحسست بشيء يأتي من خلفي .. !
لم أجرأ على الالتفات .. شيئا ما امسك بيدي اليسرى والتي تحمل الشريان العجيب .. ! كانت لمسة حانيه ورقيقه كنسمة تداعبني ..
عندها تسمرت مكاني وعيناي جاحظه ..
التفت .. فوجدت حورية خطفت الليل من الحياه لتضعه بين ظفائرها .. وشربت البحر كله .. حتى ارتسم في عينيها .. واذابت الثلج لترسم به قوامها .. وقطفت الورد لتكوّن منه شفاتها ..!
عندها امسكت يدها بقوه .. !
وقلت في نفسي : هي من ابحث عنها ..
فقالت لي : نعم انا من تبحث عنها .. !!!!!
ماهذا .؟ هل تعرفين ما افكر به..؟
ردت بسخريه : نعم اعلم انك تبحث عني .. واعلم انك شربت من البئر ..!!
واعلم انني شربت منه قبلك وكنت بأنتظارك ..
لم أبالي وقتها بما تقول او بما تقصده .. فقط اللحظه هي ما يهمني ..
كان للرقص مراسم وطقوس .. رقصة معها رقصة العشق .. كانت طريقتها ان تتمرد .. ثم تتمرد على الايقاعات ..
وعيناك الا تفارق عينيها .. شيئا فشيئا .. سرى بداخلي احساس غريب ..
انتفضت قليلا .. وانتفضت هي ايضا .. هذه المره جميعنا مذهولين وخائفين ..
مر بقربنا احد الراقصين مع حوريته قائلا .. لقد حدث ..! ثم مضى يرقص ..!
قلنا بصوت واحد .. : مالذي حدث .؟
مر آخر .. قائلا انه الحب .. فهنئا لكما ذلك ..ثم مضى ..!
تبسمت .. وتبسمت هي .. فأمسكت بيديها الاثنتين ..وضحكاتنا كان لها اصداء ..
...؟..؟.؟
بعد فتره ليست قليله ..
توقفت الموسيقى .. وتوقف الرقص .. !
كلن ذهب في اتجاه يجري ويختبئ والصراخ يملئ المكان ..
لم نعلم مالذي حدث .. فُتح باب كبير بالأسفل ..
وخرج رجلا عجوز .. ملامحه الموت .. وصوته الرعد .. !
اقتلع من بين يداي حوريتي .. ودفعني الى الوراء بغضب ..
وقعت على الأرض .. انظر اليها .. تبكي وتبكي ..
لم استطع منع دموعي ..
وصرخت .. من انت وماذا تريد ..؟
دعها تذهب ..
لم يبالي بما قلت وأخذ حوريتي يعطيني ظهره ..
جريت خلفه فتسمرت رجلاي .. حاولت الصراخ لم استطع .. كنت امشي في ماء .. ورئتاي امتلئت بالقطن ..
صرخت حتى تناثرت قطع القطن من فمي .. انا اعرفك واعرف ماذا تريد ..!!
التفت متبسما قائلا بسخريه : حقا ..؟!!
ولماذا شربت من بئر الغرام اذا..؟
انا الزمن يا انت واتيت معاقبا لك ولأمثالك .. فكل العاشقين هنا اعدائي .. والبئر حفرته .. لأتلذذ بتعذيبكم .. فحين شربكم منه تكونون تحت امرتي وطوعي ..!
وهذه الفتاه التي بيدي .. سأعطيها لأول شخص يأتي الى هنا .. وقد شرب من بئري ..
وانت سترى مصيرك الآن ..!
امتلئت عيناي بركانا .. وقلبي اصبح قطعة سوداء ..
احتقنت .. احتقنت .. احتقنت .. احتقنت ..
فأخرج الزمن رمحا طويلا .. غرسه في عيني ..!
ففتحت عيني .. وصحوت فعلا ..!
..,,..,,..
فوجدت نفسي امام مفترق طريق .. كتب على لوحة بجانب احدهم ( بئر السعاده ) ..!
فأغمضت عيني .. وذهبت بالطريق الآخر ..!