لا تكن غير مرغوب بين الناس!!
بقلم الاعلامي حسين الشاعر – شفاعمرو

لكل انسان على وجه البسيطة كنز ينتظره، ويختلف الكنز من إنسان لآخر، إذا عرف قدر نفسه، وكان قنوعا متواضعا، فمن الممكن أن يكون محبوباً، وعندها لن تكون حاجة الى فهم مغزى السماء والصحراء، فيكفي أن تتأمل صفاء السماء، وأن تتأمل حبة رمل واحدة في الصحراء لكي ترى فيها كل عظمة الخالق.. ثم عندما نراقب ميل الشمس نحو المغيب وهي ترسل آخر خيوطها بأبهى صورها لتجذب على جزء من القاطنين على وجه الارض بساطا من العتمة، هذه المشهد من شأنه أن يمتع عيوننا ومن ثم يدعونا لنحاور انفسنا ونهامس قلوبنا دون ان ننبس بكلمة واحدة..
هذا اللقاء اليومي الطبيعي مع أجمل صور الخالق على وجه الأرض، يفتح لنا آفاقا من عالم الواقع والخيال، فهذه الصور تتغير يومياً وتتغير معها مجرى الحياة، وبالتالي تؤثر على طباع أنفسنا وتحدد لنا مسارات لمعاملتنا مع الآخرين على اختلاف شخصياتهم وطباعهم المتنوعة.
في حياتنا العادية نلاحظ ونلتقي ونتعامل مع شخصيات ربما تكون غير مرغوب فيها، وهي شخصيات تحاول الاندماج واثبات حضورها في المجتمع في شتى المجالات، سواء كان صاحب هذه الشخصية ذو مال أو صاحب مصنع أو رجل سياسة و.. والقائمة طويلة.. ومن هذه الشخصيات، المتردد والهائج، والمغرور، الرافض، والباكي.. وهذه الشخصيات للأسف غير مرغوب فيها بين الناس والمسؤولين..
لو نظرنا لأنفسنا لوجدنا هذه الشخصيات كثيرة من حولنا وفي عملنا وفي كل مكان، بل ان هذا الخليط من هذه الشخصيات غير المرغوب فيها تظهر لك مشهد "الحابل والنابل" في أوضح صورة.. وبالرغم من صعوبة التعامل مع تلك الشخصيات حيث أن الحديث معهم أو التعامل بسبب صفات التردد والهيجان والغرور والرفض والتباكي.. التي يتميزون بها قد يتطور مع سوء الفهم الى مشكلة أعمق.. لذلك علينا أن نتقن فن التعامل مع هذه الشخصيات، فلكل شخصية مركبات وصفات لا بد أن نحسن التعامل معها، وفتح قنوات لاختراقها والوصول اليها بذكاء حتى لو كانت شخصية عنيدة وجاهلة  في بعض الأحيان.
عزيزي القارئ.. لم أكتب هذا المقال من فراغ الا بعد أن تعاملت مع عدة شخصيات في آن واحد، وتسلحت بحلول وخيارات لإيجاد الحل الأمثل. وأنت يا صديقي، يوما من الأيام، قد تضطر ان تتعامل وتحتك وتتحدث مع تلك الشخصيات غير المرغوب فيها، ولذلك لا تدفعنك صفاتهم الى اليأس منهم بل عليك المضي والاستمرار في العمل وزرع بذور الأمل دون الشعور بالملل..
هنالك ثلاثة مفاتيح في حياتنا تسمح لنا بالسيطرة على عقولنا وحياتنا، وهذا يتعلق بدماغ كل فرد منا.. وتحديد آلية عمل المفاتيح الثلاثة قد تكون حاسمة في قراراتنا تجاه الآخرين وتتمثل هذه المفاتيح في الأفكار والأقوال والأفعال..
كثيرون من الناس لا يستخدمون قدراتهم العقلية بشكل صحيح، فالقوة العقلية لها إيجابيات وسلبيات في استعمالها، فالعقل يتمتع بقوة هائلة تتمثل في القوة الإبداعية والطاقة الكبيرة، ومن الأفضل مصادقة العقل ومصادقة أنفسنا تماماً في قراراتنا وبالتالي التحكم بتصرفاتنا، ولا بد لنا ان نتقن فن صياغة المعاملة لنحسن التعامل مع الآخرين.. وحتى يتسنى لنا اختراق كل موقع وقلب وعقل، وننفذ أجندتنا في كل مكان ويرغب في حضورنا ورأينا، فاننا نحتاج الى الوقوف مع الذات ساعات وساعات لتلخيص العبر، وتحديد الهدف، واختيار الوسائل لنخرج بخطة جديدة محكمة في المعاملة مع بعضنا البعض لأننا اذا فقدنا القدرة على التواصل، وقبول وتقبل الآخرين - حتى غير المرغوب فيهم – فاننا سنصبح ايضا، بطريقة أو باخرى، في خانة غير المرغوب فيهم.. فكما تدين تدان.. وفاقد الشيء لا يعطيه...
أخيراً عزيزي القارئ.. اجعل من نفسك شخصا مرغوباً في رؤيته وفي الاستماع اليه، وتعلم من تجارب الآخرين فإن التجارب جامعة الحياة، خطط لحياتك بطريقة عقلانية وعملية، وكما قال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)[الرعد:11].
إذاً لا تستسلم للإحباطات، واطلع على حياة العظماء، وصادق نفسك، وتعلم سر المعاملة والرغبة بحضورك بين الناس ولا تكن العكس..