الروتين سرطان الحياة !!بقلم الإعلامي حسين الشاعر – شفاعمرو
2012-10-14 10:56:33

في الغالب العين لا ترى إلا ما نريد نحن ان نريها إياه،  والآذن لا تسمع إلا صدى ما نردده بداخلنا وما نقوله بين بعضنا البعض وبين أنفسنا، والقلب ينبض بالحياة ويدفق الدم ويغير الدورة الدموية ويغير روتين مجرى الدم في الجسم ولكنه لا يغير مجرى حياة كل واحد منا إلا إذا غيرنا من أفكارنا وأسلوبنا وأهدافنا في هذه الدنيا.

الروتين يعاني منه الكثيرون منا، وأصبح عادة قاتلة جداً للإنسان لو سيطر عليه في كل مجالات حياته.

 شاءت الظروف أن ألتقي مع زملاء الماضي البعيد والقريب في فرح زميل لنا منذ أيام مقاعد الدراسة الأكاديمية ، ومن البديهي ان يسأل كل واحد منا، كيف الحال والأحوال؟ وفي الكثير من التساؤلات تحدثنا طويلاً عن اختراق جدار الحياة في مختلف الميادين.. فمنهم من يتبوأ منصب ما، والآخرون يعملون في مجالات مختلفة.. تحدثنا عن غمار الحياة الصعبة ودخولنا في غمارها ومتطلبات العيش وهموم التربية والمحاولات المستميتة التي نخوضها من اجل توفير حياة كريمة تضغط علينا بقوة وبشدة.. فاستنشقت واستشفيت من اللقاء أن الروتين اليومي القاتل يخيم على معظمهم..

فقررت ان أكتب عن موضوع الروتين الذي يغزو حياتنا من حيث لا ندري.. يعشش في ارواحنا بدون إذن مسبق!! ونحن نلهث ليل نهار حتى إننا نسأل أنفسنا أثناء سعينا الدؤوب في البحث عن لقمة العيش لماذا نعيش؟ ولماذا تصبح حياتنا ضغوطات كأنها جسد بلا روح وفقط القلب ينبض !!.

الروتين موضوع شائك وبحر من الأبحاث لذلك سأتطرق عن الحياة الزوجية الروتينية! والإجتماعية ، مثلاً الزوج يعيش بمنهج روتيني بحيث يأتي من العمل ليمارس الطقوس نفسها ، يتناول الطعام لينام، قد يلتقي مع أولاده وزوجته لوقت قصير..ثم ينهض ويعيد ذاته في نفس الدائرة ويعود الى عمله وهكذا...

 الزوجة ليست ملاكا متغيرا، بل هي الأخرى تفعل نفس الشيء، نفس الطعام أحياناً، نفس ترتيب الأثاث، نفس المشكلات والهموم التي تقابل زوجها منذ مبتدأ زواجهما، طبعاً للأولاد قسط في هذا الهم والروتين.

 

وبإمكاننا تغيير منهاج الحياة الزوجية بأساليب كثيرة وممتعة تحتاج الى كتيب ومقالات عديدة..

وهنالك فئة من الناس فقط يتجدد عليها التاريخ الميلادي لا غير. وهنا لا بد بسرعة البرق أن نتحدث عن نصائح لتساعد على تجاوز الروتين وإن كانت شبه مستحيلة..

أولاً رتب حياتك : النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعلمنا مبدأً مهماً، وهو ان نقسم ونرتب حياتنا، ونعطي لكل قسم حقه من الاهتمام والرعاية  ويحذرنا من أن نميل لجزء على حساب جزء.

ثانياً: أستثمر وجودك في البيت لمصلحة البيت من أجل إنعاش الحياة الأسرية.

 ثالثاً: حاول أن تخصص يوماً كاملاً في الشهر لا تلفاز ،لا انترنت، ولو كنت قوياً حقاً فليكن بلا هاتف أيضاً ، فقط يوم واحد مطلوب منك أن تكسر به كل أثار التكنولوجيا الجميلة ولكنها الخالقة للروتين.

رابعاً: لا تقابل أصحابك في اليوم المعتاد عليه مرة واحدة باستمرار، قم بالاعتذار لهم مرة واحدة ولاحظ التأثير الغريب لذلك.. هناك البعض يزور أهله في يوم معين مثلاً الجمعة فليغير الأمر ويكون السبت مرة واحدة بشكل مفاجئ وهكذا يتم تغيير الزيارات أو اللقاءات بشكل خفيف لا يؤثر على توازن العلاقات.

خامساً : جدد حياتك بالمعرفة والتجربة والخبرة لأنها أعظم من رصيد المال ، لأن الفرح بالمال بهيمي، والفرح بالمعرفة إنساني.

لعل كلمات ابن القيم هي أجمل ما نختم به هذا المقال: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته، فإذا قطع وقته في الغفلة والأماني الباطلة، والنوم الزائد..، فموت هذا خيرٌ له من حياته".

 عزيزي القارئ أن الروتين أصبح سرطان الحياة !، ما مضى فات وما ذهب مات فلا تفكر بما مضى فقد ذهب وانقضى. فجدد حياتك ونوع أساليب معيشتك، وغير من الروتين الذي تعيشه، وتذكر إن لذة الحياة ومتعتها أضعاف مصائبها وهمومها ولكن السر كيف نصل لهذه المتعة بحكمة وذكاء.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق