في تقلبات الزمن والناس
2012-01-05 20:57:09

الكثيرون في حياتنا  اليومية يطلقون  عنان أفكارهم ويبدؤون بلعن الزمن وبدون انقطاع وأحياناً بدون مبرر , وكثيرون من ناحية ثانية يمدحون الأيام والزمان والإمكانيات المتاحة أو السانحة لهم في حياتهم , وفي الواقع كلا الطرفين من هؤلاء الناس قد يكونان على صواب , لأن كل منهما يتحدث من منطلق وضعه هو , وينبع حديثه أيضا من واقعه ومن واقع معيشته وإمكانياته هو نفسه , إلا أن الأمر قد يكون معاكساً تماماً لدى الآخرين .

وعلى هذا الأساس  وغيره من التقلبات  التي قد تحدث  في حياة المرء  والتي يرى فيها  نفر من الناس  ايجابية بالنسبة  له , وأخر يراها  سلبية بالنسبة  له هو , وقد ينجم  ذلك في الحالتين  كما أسلفت من أسباب ذاتية لكل طرف , وربما في بعض الأحيان يكون المرء سبباً لما يحدث له , وقد يكون المرء أيضا سبباً في الايجابيات , وربما في السلبيات أيضا , وهنا عليه أن يعيد الاعتبارات الذاتية لديه ويحاول إذا تمكن من ذلك استخلاص العبر لتقويم ما يستوجب التقويم في السلوك والتعامل والحياة اليومية من مختلف اتجاهاتها ونواحيها , ليأمن عدم الضرر بالآخرين أو التعرض لهم .

فهناك المتسرع  والمتهور في تصرفاته  ومعاملاته وتراه في كثير من الأحيان ناقماً على نفسه , أو ناقماً على ذويه أو على أصدقائه ومن يحيط به , وربما قد يكون على صواب إلا إن طريقة التصرف غير مقبولة , ومن ناحية أخرى نرى نفراً أخر لا ينضبط لسانه في كثير من الأحيان , وقد يكون أيضا كذوباً ويتعامل مع الناس بقصد أو بدون قصد بطرق ملتوية , يتعامل بطرق يظن انه لوحده يفهمها أو يظن أيضا انه يعمل من وراء الكواليس بإفصاح أو بدون إفصاح, أو يظن أيضا انه يلعب على الآخرين , وربما ينجح في التجريح في هذا أو ذاك بدوبلماسية لئيمة ظاناً أن الحط من قيمة فلان وعلان بتحكمه هو , ويستمر هكذا مقتنعاً بذاته أن يلعبها رقم 1 والى ما لا نهاية بمثل هذه التصرفات  التي في بعض الأحيان يتهم الزمن بتقلباتها ليعطي مبرراً ومصداقية لأعماله وبالتأكيد الزمن والناس من هذا براء . 
ففي مثل هذه  التصرفات ومع الكثيرين  من هؤلاء الذين  يُعَدّون سفهاء في نهجهم اليومي من مسؤولين وغير مسؤولين وبتعاملهم منبوذين لدى الأغلبية الساحقة في المجتمع ينطبق قول الأمام الشافعي :

يخاطبني السفيه بكل قبح          فأكره أن أكون له مجيباً

يزيد  سفاهةً وأزيدُ حُلماً            كعودٍ زادَهُ الإحراقُ طيباً

ويتابع الأمام الشافعي في نفس الموضوع قائلاً :

إذا نطق السفيه فلا تُجِبْهُ        فخيرٌ من إجابتِهِ السكوتُ

فأنْ كلّمْتَهُ فرّجتَ عنه        وأن خلّيْتَه كمداً يموتُ

حقاً لقد صدق  الأمام الشافعي  في هذه الأبيات  فواجب العاقل المسؤول تجاه نفسه وأسرته وبلده ومجتمعه إن يتصرف كما ينصح الأمام الشافعي , لأن في ذلك صلاح النفس والتغاضي عن الصغائر وتنمية التعامل الإنساني والاحترام المتبادل ونبذ السوء بكل أشكاله , ليعم التفاؤل والتسامح صفوف المجتمع وطوائفه وأطيافه من كل تركيبته.       

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق