خريف الغضب وتفجر المشاعر الدينية بقلم : بشارة يعقوب
2011-09-20 19:16:54

مظاهر وتقليعات تهب على مجتمعنا بين الفينة والأخرى ، منها ما ينذر بالمزيد من التفتت والإنسياق خلف مظاهر سلبية من شأنها خلق منهجية جديدة من الفرقة والتفرقة بين أفراد المجتمع الواحد ...
آخر هذه الصيحات أو التقليعات تنذر بناقوس خطر كونها تؤجج المظاهر السلبية والتي تودي بنا لزحف مقيت نحو التجزئة أو التشرذم . فالكل يعرف أن قرانا ومدننا ما هي إلاّ مزيج من الطوائف والمعتقدات الدينية المختلفة . وحتماً من المفروض أن تكون القومية العربية سقفنا وسماؤنا ، نستظل بها كونها غطاء يرسّخ بنا الإنتماء ، الوحدة ، التقارب ، المحبة والعيش المشترك ! فالمصير واحد .. والمعتقدات أو الديانات لم يختارها أحد منا . فلكل فرد تقاليده الخاصة به والعبادة هي أحد قوام الوطن والمواطنة !!.
لكن الأحوال الدائرة في منطقتنا آلت الى أمور إستثنائية لم يشهدها العالم العربي من قبل .  فلم يبق مكان للحرمات والكرامات التي تميّز الأخلاقيات . وأصبح المواطن يترحّم على أيام الإستعمار فوجدوا به رحمة ً إذ ما قيست الأمور بجحافل الجيوش المستعرة بشراسة الذئاب نحن الفرائس البريئة التي تنتظر رحمة باريها .
أجل لم يعد مكان للحرمة أو الكرامة التي تميّز الأخلاقيات . أنظمة مهترئة وجيش ينحر شعبه ، جيش من المفروض أن يؤتمن على حراسة الشيوخ والنساء والأطفال ، فنراه يسفك الدماء دون رحمة أو رادع إنساني .
أين أنتم يا أنظمة المقاومة ؟! مقاومة من ؟ أوهمتم شعوبكم بالإرهاب الأمريكي أو الصهيوني وغيره.
عرّتكم الحقائق بأنكم إرهابيون من نوع آخر ، إذ تجلّت مقاومتكم في نحر وذبح أطفال شعبكم ونساءكم !! أثبتم بأنكم أكثر شراسة وقمع وسفك دماء . يا من مرمغتم كرامات الناس زعزعتم بهم الثقة فجلبتم عليهم العداوة والبلاء . ونسيتم أن نظام القرفصة والخنوع لم يعد من نصيب الشعوب المحرومة من الحرية والمقهورة على مدى عقود من الزمن . فيكفيكم بشاعة وفظاظة فانتم مطالبون بأن ترحموا أعزاء قوم مارستم ضدهم الإذلال لسنوات طوال .
كفى لتراكم قهركم حيث أصبتم المواطن بالإحباط ، القهر ، التصدع النفسي فاستشرت به الكآبه والعلل . فآمن بالموت لكنه فرح بالشهاده .  وليكن معلوماً لكل ظالم أن هذا المواطن البطل سيقدم المزيد والمزيد من التضحيات ليتحقق الحلم والأمل المنشود . ولن تهدأ العاصفة إلاّ بتحقيق هذا الحلم.
عزيزي القارىء ..
 بعد هذه المقدمة التي اثارت وأدمت حفيظتنا وأحاسيسنا ، دعني أعود الى بداية مقالي هذا لصب غضبي على المخرج البديع للتقليعة الجديدة التي تشهدها مدننا وقرانا في ساحاتها وشوارعها ، إذ نرى ونرقب الإحتدام الهائل لإستعمالات " المسبحة " والتي هي جزء من عاداتنا التي نفخر بها ونجل ّ بها كبارنا وكواهلنا .
ما أقصده بالتحديد تلك الملصقات الورقية لشكل " المسبحة " ، ملصقات نراها على أجنحة السيارات أو على زجاجها الخلفي . فبدل من صقل روح التسامح والمحبة ، برأيي هذه الملصقات تعمل على عدم التلاقي والإقرار بالمصير الواحد . وعليه فإني أحمل رأياً سديداً ومقتنعاً به أن هذه المظاهر والملصقات ما هي إلاّ محاولة للتجزئة وتفجير المشاعر بين أفراد الطوائف .

 


فهل يعقل أن نجد سيارة تحمل " مسبحة " ذكر في طرفها إمّا اسم اللة عز جلاله أو رسم لهلال ومئذنة .. وما شابه . وسيارة أخرى تحمل رسم الصليب أو إحدى رموز الكنيسة  !! فما القصد من هذا ؟!
ولا أعلم تحديداً من المستفيد من هذه الملصقات ؟ والتي هي بنظري تأجيج لمطبّات وأحاسيس نحن بأشد الغنى عنها  . فيجب أن تكون " مسبحتنا " واحدة نجمع كل مؤمن أينما كانت عقيدته أو طائفته .
واقترح اسم ملصقة تحمل اسم " أنا عربي فخور " . فنحن لسنا بحاجة الى المزيد من المآسي والمعضلات ، كفانا بما نحن فيه من بلاء وغطرسة جوفاء !!
هناك ظاهرة أخرى مؤسفة تعمل على تفجير المشاعر الدينية وهي ما حدث في بداية السنة الدراسية وتحديداً في قرية البقيعة الجليلية . تلك القرية الوادعة والتي أكنّ لها كل الإحترام والتقدير ، فهي مفرزة للعديد من المثقفين والكتـّاب التقدميين ، أذكر منهم الكاتب الناقد د. منعم حداد ، الشاعر حسين مهنا ، الأخ نايف سليم وغيرهم جميعهم أصحاب قلم وشعر راق وذوي مقالات هادفة وباعثة .
وإن أنسى لا أنسى أستاذ الجميع المربي حنا مخول أطال الله في عمره ، كذلك المرحوم سميح صباغ وهو زميلي من أيام الدراسة الثانوية في ترشيحا . كلهم والكثيرون من أبناء هذه البلدة ذوي أثر إيجابي في المسيرة التربوية والتعليمية . أتمنى لهم التوفيق ولمدادهم ( حبـرهم ) المزيد من السيولة المفعمة بالعطاء .
في هذه القلعة الجبلية تفاقمت مشكلة في جهاز التربية والتعليم ولا أدري من هو صاحب القرار الذي اتخذه المجلس المحلي أم  وزارة المعارف  في تغيير أيام جدول العطلة الأسبوعية في مدارس القرية إذ أقرّت العطلة الأسبوعية أيام الجمعة والسبت بدلاً من أيام الجمعة والأحد . ذلك البرنامج الذي كان متداولاً عليه منذ عشرات السنين .
إن هذه الخطوة تركت أثراً سلبياً في نفوس أهالي الطلاب - والمسيحيون خاصةً – فأسرع الكثيرون منهم في نقل أولادهم الى مدارس مجاورة أخرى في قريتي ترشيحا ومعليا . إن هذا ( الترانسفير ) الغير مقصود لطلاب البلد الواحد ليس تربوياً ويحمل في طياته خطورة مستقبلية . فيتطلب من المسؤولين المزيد من الحكمة والدراية ، لأن هذا النهج لا يتم إلاّ بالتوافق مع الواقع التربوي . فعلى المؤسسة الحكومية المتمثلة بوزارة المعارف أو المجلس المحلي ، حل هذا الإشكال أو هذا المنزلق وذلك تفادياً لواقع قد نندم عليه مستقبلاً . كوننا لن نرضى لأي نوع من التردّي في العلاقات بين أبناء البلد الواحد ، فهذه القرية كغيرها من قرانا غالية علينا ونكّن لها ولأهاليها كل الإحترام والتقدير متمنين الخير والبركة ، النقاء والعيش المشترك  لكافة  قرانا ومجتمعنا أينما وجدوا في هذه الأرض الطيبة ..

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق