حرصتُ هذه السنة أيضا، كما في عشرات السنوات الماضية، على تلبية الدعوة الشخصية التي وجهتها إليّ بلدية حيفا، لحضور حفل الإفتتاح الرسمي السنوي لمهرجان الافلام الدولي في قاعة الاوديتوريوم الكبرى في حيفا. كان الحفل مهيبا كمّا وكيفا. قاعة الاوديتوريوم الرحبة غصّت رغم اتساعها (اكثر من 1100 مقعدا) بالجمهور المشارك، كما تميز حفل هذه السنة بنكهة خاصة مميزة حيث تمّ تكريم المخرج والممثل السينمائي والمسرحي والتلفزيوني الفنان مكرم خوري ومنحه "جائزة مشروع حياة" على عطائه الفني الإبداعي المتواصل منذ أكثر من خمسين سنة.
شعرتُ باعتزاز كبير لامَسَ حدَّ الشموخ والكبرياء وأنا أستمع لكلمات التقدير لمكرم خوري التي تفوّه بها المتكلمون على المنصة ومنهم مدير عام مسرح هبيما الشهير في تل ابيب وغيره من الشخصيات الفنية والاجتماعية المرموقة.. كما شعرتُ بانفعال شديد وأنا ارى كلَ الجمهور في القاعة يقف طويلا مصفّقا وبحرارة لافتة لمكرم وهو يتسلم الجائزة.. كما كنتُ قد رايت هذا الجمهور يتحلّق حول مكرم في حفل الاستقبال الفخم الذي اقيم ، قبيل ذلك، على شرفه في حديقة بيت هيخت (روتشيلد سابقا) المحاذية لقاعة الاوديتوريوم.
إن مشاركتي في هذه المناسبة المميزة قد اعادني بالذاكرة 62 سنة الى الوراء، فتذكرتُ مكرمَنا هذا تلميذا حظيتُ بتعليمه وهو في الصف الثاني عشر في مدرسة تراسانطة في عكا القديمة، وابنا للمحامي جميل خوري الذي كانت تربطه بوالدي اواصر صداقة متينة.. هذه الصداقة بين الآباء عادت تتبرعم من جديد لدى الأبناء وذلك في مسارين متوازيين ومتكاملين. كان ذلك عندما تعرفتُ على طيّب الذكر المرحوم الدكتور اسامه خوري بابتسامته ولطفه وانسانيته ومهنيته وخدماته الجلّى التي خبرتُها شخصيا من خلال إشرافه طبّيا على المرحوم والدي في سنواته الاخيرة، وايضا عندما جمعتني حيفا بالعزيز مكرم موطنا وعملا، فكان من الطبيعي ان تتقاطع طرقنا مرارا وأن نلتقي في اطر حيفاوية مختلفة، وان اتابع، ككل مشاهدٍ مُعجبٍ بفنان، نشاطاتِه الفنيةَ وأن اشاهد ما تيسر من عروضه المسرحية، كما كان لي شرف الترحيب به مديرا عاما لمسرح الميدان، إبان فترة رئاستي للهيئة الادارية ..
لك يا عزيزي مكرم ولزوجتك الوفية وديعة والعائلة أحرّ التهاني مقرونةً بدعاء من الاعماق لعمر مديد متوّجٍ بصحة وعافية وحافلٍ بمزيد من العطاء والابداع والتألق..
حاتم عيد خوري