المرأة النسويّة المثاليّة بقلم: فؤاد سليمان
2009-09-10 17:35:30

  لارسال مواد وصور لموقع المدار – عنواننا almadar.co.il@gmail.com

وأنا جالس اليوم في مقهى "فتّوش" في حيفا أشاهد الفتيات والفتيان وأشاهد النادلات وهنّ يخدمن الزبائن، قلت لنفسي: "يا لها من حياة... أجلس أمام صحن السحلب بينما الفتيات الأنيقات تخدمنني وكأني ملك أسطوري يجلس مع حريمه"، وما أن فكّرت في هذا حتّى تَنبّهتُ إلى أنّ هذه الأفكار مناقضة للقيم النسويّة، ثم حالاً فكّرت فيما سوف تقوله زوجتي عن هذا التخيّلات.

حين عدت إلى البيت طبخت طعامًا لذيذًا ثم جاءت زوجتي وسرعان ما انهينا الوجبة. بعد لحظة صمت حدثتها عن تخيّلاتي في "فتّوش" وانجذابي لفكرة أن تقوم بخدمتي ثلاث فتيات أنيقات. عندما سمعت زوجتي هذا، صاحت في وجهي: "يا له من تصوّر شوفيني". بعدها ذهبت إلى غرفة النوم وتمددت على السرير وبدأت أفكّر: ما معنى النسويّة؟ ومن هي المرأة العربية النسويّة المثاليّة؟ ومن هو الرجل النسويّ؟، لكني لم أجد أجوبة بل تراكمت فوق هذه الأسئلة أسئلة أخرى.

حين شاركتُ زوجتي في تساؤلاتي قالت: "على الرّجل النسويّ أن يفهم أن الأدوار الجنسية تحدّد حريّته وليس فقط حريّة النساء". زوجتي تعتقد أيضًا بأن على المرأة النسويّة أن تتمتّع بالاستقلالية في ما يتعلّق بأمورها الماليّة ومكان سكنها. حين تحدثنا عن الملابس قلت لزوجتي إني أتخيّل المرأة النسويّة على صورة امرأة شعرها قصير، ترتدي القميص والبنطلون والجزمة وتحمل حقيبة سوداء. أما زوجتي فقد كان رأيها أن المرأة النسويّة لا يمكن أن تُميّز بطريقة لباس معينة بل يمكنها أن ترتدي ما تشاء. جميعنا نعرف الشائعة التي تقول أن النساء النسويّات عادة يكنّ عديمات الجمال أو ما يسمى بالعامية "ناشفات"، غير أنه يمكنني القول أني رأيت الكثير من النساء النسويّات وفقط واحد وخمسون بالمائة منهن قبيحات.

حينما تعلمت عن الـ"جندر" في جامعة حيفا فهمت أن الهوية الـ"جندريّة" للمرء هي شيء وأنّ جنسه هو شيء آخر، فالهويّة الـ"جندريّة" تفترض عملية تعلُّم والقيام بدور ما. لذلك، كما تقول أختي ليم، على المرأة النسويّة أن تكون حرة في تفكيرها وان تكسر حائط الزجاج الذي يجعلها أدنى درجة من الرجل. أمّا بالنسبة لتصوري للمرأة النسويّة العربية المثالية، فأنا أتخيلها مثقفة، واسعة الأفق، تعرف كيف تدافع عن حقوقها، مهذّبة وقوية الشخصية في آن واحد، وطبعًا ترتدي البنطلون والقميص وتملك حقيبة سوداء. أما الرجل النسويّ فهو بالنسبة لي معضلة.  حين سألت زوجتي عن تصوّرها للرجل النسويّ قالت: "كل واحد لا يُجبر المرأة على العمل المرهق في البيت هو مقبول عليّ ونسويّ"، ثم أضافت: "صديقك وليد، مثلاّ، حين بأتي، فإنه يحضّر مشروبه لوحده من الثلاجة ولا يتوقّع أن أقوم بخدمته، وهذا سلوك نسويّ ولطيف".

 

أنا أوافق على أن على الرجل أن يشارك في التزامات المنزل وأنا أقوم بذلك بنفسي ومؤخرًا أتقنت عملية غسل الملابس. لقد علّمتني زوجتي كيف أقول بذلك العمل، والذي بدا لي مُعقدًا في البداية، ولكنه الآن يبدو في قمة السهولة. أنا أومن بأن كل شيء معقد هو سهل بعد التمرين، وكذلك تؤمن الفلسفة الوجودية التي تقول بأن العمل والتجربة يعلّمان ويرسخان الأمور في الذاكرة والوعي، والوعي حسب الوجودية هو الجوهر لحلّ كل معضلة وما يصحّ بالنسبة للقضايا والمضامين الفلسفيّة والعلميّة والفكريّة يصح بالنسبة لتعلم الطبخ والغسيل.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق