هادي زاهر
تتوالى علينا الضربات كمجموعة وكأفراد.. الشرطة بعد أن داهمت مصلحة الشيخ سامر خليل وعاثت بها فساداً وضربتنا في صميم الصميم لمن يعلم ويفهم، تداهم بيت أحد المواطنين بعد أن وصلت هيئة (حماية الطبيعة) وشاية تفيد بان ذاك المواطن يمتلك أفعى؟!! وقبلها قدمت لائحة اتهام ضد قاصرين اتهمتهما بأنهما سببا الحريق الذي اندلع مؤخراً في الكرمل، في الوقت الذي لم تقدم لائحة اتهام ضد البالغة اليهودية التي تسببت في حريق الجولان؟!! والحقيقة أنني انتظرت موقف (القادة) التي نؤطرها عمدًا بعد أن أطرت بقيود المعاشات الوارمة كي لا تقف إلى جانب أهلها، قلنا لا بد أن تعرب هذه المرة ولو عن تململ بسيط بعد أن ضربتنا السلطات في الصميم، ولكن على ما يبدو لا يمكن أن ننتظر من الدبور عسلاً .
وعودة إلى الشيخ سامر خليل.. منذ فترة وضعت السلطات عيونها على هذا الشاب، هذا ما كان قد أفادنا به السيد أكرم حسون في إحدى جلسات البلدية البائدة، عندما كنت عضوًا فيها، وكنت قد نقلت المعلومة إلى الشيخ سامر، أما لماذا وضعت السلطات عيونها على الشيخ سامر فلها منطقها. فالشيخ سامر شاب عصامي، بنى مصلحة لبيع وتركيب البرادي والسجاد وهو أمين صادق وشجاع، وهذه الصفات مجتمعة ممنوعة على الشاب العربي الدرزي في إسرائيل، وهي مسموحة لغيره؟!! فان تكون عصامياً، وتنتمي لهذه الفئة، تبني مصلحتك وتعيش بعرق جبينك دون الحاجة إلى المؤسسة فهذا يعرقل مخططات المؤسسة التي تبغي أن تبقى بحاجة إليها.. يجب أن تكون في أعراف السلطة سامعا.. طايعا.. صايعا.. بايعا.. قامعا.. دامعا.. مايعا، يجب أن تقارن بين كيف كنا بالأمس وكيف نحن اليوم، وكل مقارنة بين كيف نحن اليوم وكيف يجب أن نكون تدخل في نطاق التطرف؟!
وسامر في اللغة هو المتحدث اللبق وهو يقول دائما: ” إن صمتنا على مصادرة أراضينا هو بمثابة حفرنا قبورًا لأولادنا “
الشيخ سامر يأبى الصمت والسكون ويتميز بالحماس منذ نعومة أظفاره، لم يترك مجالاً إلا وترك بصمة فيه، ما زلت أذكره كلاعب كرة قدم بارع يسدد الأهداف بفنية راقية وبدقة متناهية. وهو ما زال يصوب.. ما زال يصوب بشجاعة الكرات من نوع آخر إلى المرمى الصحيح. ما زال يتدفق حيوية.. حماسًا وضميرًا..
ونحن كأقلية داخل أقلية كما يحلو للمتهادنين أن يقولوا، تتصرف السلطات معنا بشكل مغاير تماماً لتعاملها مع أي شريحة في البلاد.. تريدنا إمعات تستخدمنا إلى الأبد وويل لمن يتمرد على هذا الواقع، سيوصم بالتطرف فورًا، ولدى السلطات “غنياتها”، فالإيجابي كل من يحمل الأنيار. ( واليشار) كل من يتآمر على أهله كرمال عيون الصهيونية التي تريد أن نبيعها الذهب الذي ورثناه أبا عن جد بسعر البيض؟! التي تريد أرضنا وتريدنا الثور الذي يحرثها؟!!
عجب.. عجب.. والله عجب، إن هذا الواقع استفز كل صاحب ضمير، وكان في مقدمة هؤلاء الشيخ سامر خليل، ذاك الشاب الذي تلاحقه السلطات لأنه غير ايجابي؟!! فأن تكون ايجابياً يجب أن تكون جباناً لتعتقد بان هناك من يلاحقك عندما تشاهد ظلك! أن تعمل لديهم رشاقًا، تدهن وتداهن وسامر ليس من هؤلاء.
وكونك شابًا عربيًا درزيأً في إسرائيل يجب أن تكون أنانيًا.. ممنوع أن تشعر بالغيرة على مصلحة مجتمع.. ممنوع أن تشعر بأنك تنتمي لشعب يمتد من المحيط على المحيط.. يجب أن تتقوقع.. هكذا خطط لك منذ دخولك الصف الأول ابتدائي، وقد جندت موارد كبيرة في سبيل ذلك.. يجب أن ترضخ للأمر الواقع وتقول دائمًا ” أنا بمشي الحيط الحيط وبقول يا رب السترة ” و “حادت عن ظهري بسيطة ” و”حط راسك بين الروس ونادي يا قطاع الروس”
وكونك شابًا عربيًا درزيًا في إسرائيل فهذا معناه أنه يجب أن ترى ولا ترى؟!! معناه أن تهلل للمظالم التي تتعرض لها، أن تخلق لهذه المظالم ألف مبرر ومبرر..
معناه أن تكون مازوخستياً تعشق الجِلد.. وخز الإبر والضرب بالجنازير!!
معناه أن تبقى ذليلًا.. أن تكون فاقد الثقة بالنفس فالكبرياء معناها انك لن تتنازل عن حقوقك، والشيخ الشاب سامر خليل ليس من هؤلاء.. انه متطرف.. كيف لا وقد ساءه أن يرى أن السلطات تبغي مصادرة ما تبقى من ارض لشباب بلده بعد أن انهوا الخدمة العسكرية..
ساءه أن يرى هؤلاء الشباب يلاحقون بالمحاكم وبالغرامات المالية الباهظة بعد أن دبت كل الأسرة ما فوقها وما تحتها كي تبني لفلذة كبدها داره ليبني أسرة كريمة..
ساءه أن يرى بان مسطحات بلده لا تتوسع حسب احتياجات الجيل الصاعد..
ساءه أن يتغنوا بالميزانيات الشحيحة المخجلة وكأنها ثروة كبيرة..
ساءه أن يُستقبل المأفون اللعين في بيت طيب الذكر الشيخ أمين..
ساءه أن يرى البطالة تستفحل في بلده الأمر الذي ينعكس على الشبيبة وعلى المجتمع ككل بالشوائب الخطيرة..
ساءه أن لا يرى منطقة صناعية في بلده لتحل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الكثيرون..
ساءه ذر الرماد في العيون والإعلان بأننا فزنا بجائزة وزارة المعارف كأفضل تحصيل رغم الواقع المغاير الذي يشير بأننا نقبع في أسفل درجات السلم..
ساءه أن نتحول إلى عمال الخدمات في المجتمع الإسرائيلي.. وساءه أكثر الخلل الذي جعل البعض يشعر بان كونه كذلك منّه لا تقدر بثمن؟!! .
إن الشيخ سامر خليل لم يقدم الضريبة الكلامية وينصرف، وإنما واكب الأحداث ومارس ما اقتنع به.. لم يُخرج ضميره لإجازة ولو لفترة قصيرة، لقد أمسك السراج في هذا الليل الدامس وحرق أصابعه كي ينير الطريق لعمال الخدمات ليقول لهم إنكم تستحقون أن تعيشوا بكرامة. وإن الله خلق الدنيا للجميع..
للشيخ سامر خليل فلة.. شمعة ومنورة