أبـو غـسـان وحـلـم الـعـودة للـسـوق الـقـديـم
2011-03-25 20:26:24

بقلم زايد خنيفس

كثيرة هي المواقع والاماكن والمشاهد التي تمر علينا نحن الصحافيين  وكثيرة هي المشاهد التي تبقى عالقة في اذهاننا  سنوات طويلة خاصة الموت وبكاء ام فقدت طفلها وابنها  وصور انسانية فنحن كما انتم بشر.. وهذا الاسبوع قررت القيام بزيارة خاصة لسوق القديم والواقع وسط البلدة والزيارة كانت بالتحديد إلى العم أبو غسان داوود جمّال ليس صدفة بل لانه اخر من بقوا هنا .. شخصيًا اذكر عندما كانت الحياة تدب في السوق القديم وكما اذكر أبي غسان ودكانه الصغير كنت ازور المكان مع الاصدقاء لنبحث عن المصور "باسم الديك" نصعد على الدرج الخشبي لنأخذ صورة تذكارية واذكر دكان "البشت" ودكان فؤاد القسيس وغيرهم ولا انسى "بابور" تعطل عن عمله فذهبت لاصلحه.. فجيلنا كان يعرف بان البلدة كانت كلها داخل السوق وكان السوق هو البلدة..وزيارة هذا الاسبوع اعادت الشريط مرة اخرى لكنني وعندما كنت جالسًا في دكان الاسكافي العم أبي غسان شاهدت كل الحوانيت المغلقة وكإن المكان اعلن فجأةً اضرابًا وبدل أن تسمع اصوات الباعة وأصوات المتجولين كان صوت المطر سيد الموقف اسامير بكل الاشكال ونظارة سميكة على طاولة الاسكافي ومهنة فصلت حذاء العروس بكل الالوان وكيس من النايلون بقي في الزاوية .

كان حديثي مطولا مع العم أبو غسان عدنا إلى جذور العائلة في لبنان وخلال حديثنا قال لي :"ما ذهب لن يعود" والسوق والذي تحمل حجارته واقواسه وابوابه حكايا الماضي لن يعود ولا اخفي بان أقواله وقعت كدلفة المزراب القريب من السطح القديم وأمطاره في منحدر مدخل السوق.. لا أعرف إذا كانت صدفةً وفي نفس اليوم وعندما إلتقيت مع احد الإخوة والذي قال لي لماذا لا تزور مغاور "البيزنطية" لترى الاوساخ بداخلها وهكذا مساري في ذلك اليوم عودة إلى الماضي وبصمات في تاريخ البلد ورموز وخيوط تاخذك إلى الجذور .
محاولات تجري من قبل المسؤولين للحفاظ على الآثار القديمة وتعزيز السياحة المحلية في أرجاء المدينة لتذكرني عندما قال أحدهم "لا تحدثني عن تاريخ تلك الامة بل اسمعني اغنية له لأعرف تلك الامة"وهكذا هي المدينة وتاريخها ورموزها وجذورها مغارة بيزنطية وقلعة زيدانية وبرج تسقط حجارته القديمة كل يوم مقابل زرقة السماء وعين ماء كان الاهل يرفعون خوابيهم على رؤوسهم لارتشاف ماءه الصافي فندمل تحت الركام  في قرار فوضوي كانت ضحاياه رموز الماضي وشردته أوراق مسؤول لا يعرف الدليل ولا يعرف بان حضارات الشعوب تقاس برموزها وتراثها وملابس تطريزها وطابون حجارة وكنيسة وجامع وخلوة واقواسها في كل الزوايا .

ربما كلمات العم أبي غسان داوود جمّال كان فيها غمامة التشاؤم عن عودة السوق إلى سابقه لكن ارادة الحلم اقوى عندما نؤمن بقدراتنا بفتح مسارات سياحية في انحاء المدينة تاخذ طريقها نحو السوق القديم والمغارة البيزنطية ودير الراهبات وقلعة سطر على حجارتها الكبيرة حكايا الماضي ومسارات سياحية تدفع لاقامة المصالح الصغيرة على جانبي الطريق ومهرجانات تراثية تحفظ الاقواس في قلعة الظاهر فلا شيء مستحيل امام شمعة اختارت ان تذوب لتضيء دروب من اختاروا شفاعمرو قلبهم .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق