نـظــرة في العرب وعروبة الموحدين الـــدّروز (2/1) !!!
2011-01-04 13:44:10

بقلم منير فرّو 

قال تعالى : " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير "، فهدف الخالق من تنوع الشعوب هو للتعارف والتقارب والتحابب والتآخي، ولكن أكرم الناس من يعمل بأقوال ووصايا الرب ويتقي خالقه، فيحبس شره عن الناس ولا يسيء إليهم، فالخلق بشهادة الرسول عليه الصلاة السلام  كلهم سواسية كأسنان المشط، ولا فرق لعجمي على عربي إلا بالتقوى، فأحسن وخير الناس انفعهم للناس، وأحب الناس لله انفعهم للناس، والله لا يختار امة إلا أن تكون امة تدعو إلى خير، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولا تشهد لنفسها بل الناس تشهد لها بأنها امة خير ومعروف لقوله تعالى : "قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسولُه و المؤمنون"، والذي يسيء للناس ويجعل تفاضله عليهم لمجرد أهوائه وطغيانه فهو ممقوت عند الله وعند الخلق، فالشعوب كلها من صنع وخلق الله ولا يحق لأحد أن يسكن ارض الله دون غيره، وأرض الله يرثها عباده الصالحين، الذين ينشرون الصلح والسلم بين الناس، لا الذين يفرقون الناس ويجعلونهم دولا وشيعيا متفرقين، متنازعين، متناحرين، ويدججونهم بالسلاح لكسب مال فان، وللسيطرة على ثروة خصها الله لذلك البلد ليكون له رزقا يعتاش عليه، 

فالعلمانية والرأسمالية والعنصرية أعمت قلوب الدول المتحضرة حتى فتكت بالشعوب الفقيرة واستعبدتها وجعلتها تحت الحصار الفكري والمادي والجغرافي، ونشرت في أوساطها تخلفا اجتماعيا فسيولوجيا، وسربت إليها أمراضا نفسانية وانفاصامات في الشخصية، لتوقع بها في شباكها، كما يفعل العنكبوت بضحيته من الحشرات الضعيفة، متجاوزة كل المعقولات وكل الإنسانيات، فأثارت الحسد بين الشعوب وأشعلت بينهم نار الفتنة والضغينة والكراهية، وحب التنافس والصراع الدموي، فأفسدت وما أصلحت، وادعت بالربوبية حتى أهلكت، وهدمت حضارات كانت هي أم الحضارات، وسببا لتقدم الشعوب، وأرادت طمسها ومحيها من الوجود لئلا يبقى لها أثر، ولكن إذا أراد الله لأمة البقاء لا احد يقدر على إزالتها، وإذا أراد لها الزوال فلو اجتمعت كل الأمم على إبقائها لكان ذلك عسيرا، والله يعطي الملك لمن يشاء، ويمنعه ممن يشاء، وهو العادل في الحكم . 

 لقد أساء الغرب تفسير معنى العرب والعروبة ، ويتضح من إساءته هذه أنها جاءت عن قصد لمحو الحقيقة، التي تقول:  "بان انطلاقة العالم ولغاته وحضاراته جاءت من أصل عربي"، فوفق المصادر التاريخية والمراجع الدينية، يتضح أن الشعوب جميعها  جاءت من أصول عربية، سكنت في شبة الجزيرة العربية، حتى أن الأنبياء ورسالاتهم كانت عربية، وسكنوا الجزيرة العربية. 

    فالشعوب جميعا عاشت في الجزيرة العربية على شكل قبائل متنقلة، تبحث عن مصادر عيش وماء، فكلما ضاقت بها الجزيرة اضطرت للهجرة إلى كل بقاع الأرض، فالجزيرة العربية اعتبرت جغرافيا كأرض طاردة للسكان، وكانت عبر التاريخ إحدى أهم مراكز تصدير الفائض السكاني باتجاه الأطــــراف ومــــــــا حولها، حيث نقل السكان معهم لغتهم  المحلية إلى مكان سكناهم، لذلك جميع لغات العالم إذا حاولنا ردها إلى أصلها يتضح بأنها في الأصل كانت عربية دون أدنى شك،  لان لغة الأديان عند نزولها هي في الحقيقة منشقة من مصدر واحد ولغة واحدة، ولكن تغيرت مع الزمن، واتخذت أشكالا مختلفة ولسانا مستقلا، 

فجميع ما يسمى باللغات السامية الغابرة نسبة لبلاد الشام بلد سام بن نوح عليه السلام، كالسومرية والبابلية والآشورية والفينيقية والنبطية، وتلك التي مازالت تمارس مناطقيا كالأرمية والعبرية هي لغات تفرعت عن الأرومة العربية الأم بعد أن تركت منشأها في الجزيرة العربية، 

فأصل اللغات إذا هي اللغة العربية والتي هي الآرامية( العرابية) القديمة، فالحروف نفس الحروف بتغيير بسيط، وتلفظ بنفس اللفظ ، وكل لغة طرأ عليها تغييرات ما عدا اللغة العربية التي حافظت على شكلها ومضمونها ولهجاتها، والخالق تعالى صانها بكتابه العزيز المعجز القرآني، ولذلك القرآن نزل على سبعة لهجات وسبعة معان ،  

لذلك  "العروبة" ولو كانت اللفظة حديثة الاستعمال، إلاّ أن مشتقاتها قديمة جدًا: العرب، والأعراب، والعربة، والعربية.  

 فالعرب، أولاً، قبائل وشعوب يذكرهم التاريخ مئات السنين قبل المسيح، كانوا يسكنون في ما يسمى اليوم بالجزيرة العربية، ثم انتشروا شيئًا فشيئًا نحو الأراضي المجاورة فالبعيدة. كانوا بدوًا رحلاً، ثم استقروا في القرى والمدن،ولا يزال البدو منهم يدعون "العرب" في بعض البلدان. 

وكانوا يسمون قديمًا "الأعراب"، مفردها "الأعرابي" و"الأعرابية" والعرب في انتشارهم انضم إليهم المستعربون الذين تركوا لغتهم الأصلية ليتبنّوا العربية، وامتزجوا بهم امتزاجًا ما عاد بالإمكان تحليله وإرجاعه إلى الأصول   

والعربة: جزء من الجزيرة العربية سمي الكل باسمها، جزء صحراوي أطلقت عليه هذه اللفظة... وهذه الرقعة الصحراوية الصغيرة أصبحت اليوم "العالم" أو "الوطن" العربي، أو "الأقطار" أو "البلدان" أو "الدول" العربية.  

 والعربية: هي أولاً اللغة التي كان يتكلم بها العرب سكان العربة، ثم اللهجات القريبة منها التي كان يتكلم بها سكان الجزيرة العربية، ثم لهجة أو لغة قريش التي انتصرت على باقي اللهجات وأصبحت "اللغة العربية".  

والعربية أصبحت شيئًا فشيئًا كل ما قيل وحفظ ثم كتب من شعر ونثر، أصبحت "الثقافة" العربية، "والحضارة" العربية، و"التراث" العربي أما "العروبة" فهي لغويًا "المصدر" أو "الإسم الصفة" لما هو عربي أو يعتبر كذلك (كالملوحة لما هو مالح). 

فيمكن الكلام عن عروبة الأرض،وعروبة الشعب، وعروبة اللغة، وعروبة الثقافة والحضارة، والعادات والأخلاق... والتساؤل عن "مدى عروبتها". وهي بالتخصيص،في عصرنا،مفهوم قومي إيديولوجي سياسي، أي "الإسم الصفة" "للقومية العربية"، "والإيديولوجيا العربية"، و"السياسة العربية، والتوق نحو "الوحدة العربية"، 

ومن هنا جاءت النزعة مع الغرب، بهدف حب السيطرة والهيمنة على البلاد العربية باسم الحرية والعلمانية والرأسمالية، فأسيء للعرب والعروبة بأقصى أنواع الإساءة، من اجل محو تاريخ العرب وحضارتهم،  ثم نسبها إلى الغرب مع طمس الحقائق، 

فالبشرية جمعاء في النهاية أبناء آدم عليه السلام أبي البشر، ظهرت من ذريته، وآدم (ع) سكن في مكة في أول أمره، في منطقة الجنينة (جنة عدن- جنوب جزيرة العرب)، قبل هبوطه إلى الأرض ، إلى مكة المكرمة ، حيث بنى هو و زوجته أول بيت وضع للناس في مكة (ليكون قبلة فيما بعد ثم جاء سيدنا ابراهيم (ع) ليقدم ابنه قربانا في نفس المكان ليتم فيه الحج الأكبر فيما بعد ) ، ثم أتي من بعده إبناه ،قايين- الذي اقتناه آدم ، وهابيل-الذي وهبه الله إياه . ثم بعد اقتتالهما بعث الله بولد ثالث هو شيث-(ع) الذي منه انطلقت البشرية وهذا الانتماء هو انتماء ثابت لا يتغير. 

تقول التوراة عن أولاد نوح " كان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث وحام هو أبو كنعان (قنعان - كنانة) هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح، ومن هؤلاء تشعبت الأرض " تكوين9 "، فسكن سام في مساكن يافث " تكوين (9،27) في "ارارات"، أما كنعان فيبدو من سياق التوراة انه أرتحل إلى ارض كنعان - قنعان - المستقرين في الأرض - أو إلى ارض كنانة، وهي ارض قبيلة كنانة في الحجاز ، مما يدل انه عاد إلى مكان البيت أيضا ، (( وسام أبو كل بني عابر ))، 

وهذا التعبير التوراتي يعني انه أبو المرتحلون(الرحل) جميعهم، وهم الذين ارتحلوا إلى شرق جزيرة العرب، إلى معبر جبل طويق – الافلاج، ومنهم تحدرت القبائل العربية والسامية على حد سواء – وكان إبراهيم الخليل واحدا من أحفاد سام، الذين استوطنوا شرق جزيرة العرب قبل عودته إلى مكة ، كما أن كلمة إسرائيل التي أطلقت على يعقوب بعد ذلك ليست سوى صيغة لفعل ارتحل ، إسراء إل ، السائر، والنبي موسى (ع) عندما هرب من فرعون ذهب إلى مكة شرفها الله، قبلة البشرية المقدسة. 

 فجميع أسماء الأنبياء الذين ورد ذكرهم في التوراة و الإنجيل و القرآن معنى باللغة العربية الفصحى، والعربية القديمة الاربية -الارامية - بالابدال الجائز بين الميم و الباء ، 

إن اللغة العربية كانت على مر العصور لغة الأنبياء ولغة البشرية ، و لقد أطلق عليها البعض في العصور الغابرة اسم الآرامية، وهذا الاسم يتكون من اللفظة عينها بعد الابدال اللفظي الجائز في كل لغات العالم. ففي اسم آدم نرى العلاقة الوثيقة بين هذا الاسم و معنى التراب - الاديمة- من مصدر أديم و معناه تراب الأرض بالعربية، و هذه الصفة لاسمه تطابق معناه بالعربية ، حيث أن جميع الكتب السماوية تقول أن آدم خلق من تراب(محمد رشيد ناصر ذوق) ومن منطلق أن أصول البشرية ترجع في جذورها إلى الجزيرة العربية، موضع قدم الأنبياء والمرسلين، ومنها خروجهم في نشر دعواتهم، ومنها خرجت واستوطنت في باقي المعمورة، وان اللغة العربية لغة الأديان والأصل الذي انشقت منها جميع اللغات، 
 

كذلك طائفة الموحدين الدروز، هم من اصل تلك القبائل العربية التي حافظت على أصالتها وجذورها، وبقيت محافظة على عرقها العربي الأصيل الذي لم يتغير، ولم يمتزج إلا بأطهر أعراق العرب وأنسابهم، وهذا ما سأوضحه على قدر الإمكان . يتبع ..يتبع .. يتبع ..في العدد القادم . 
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق