شابة عربية تكتب للمدار :إلى متى هذا الانفلات؟,حياة الناس تُثمّن والضمائر تُشتَرى
2010-09-11 17:14:40

وصل موقع المدار رسالة كتبتها شابه عربية وعلى ما يبدو انها من الطائفة الدرزية تستنكر وتشجب ما حصل قبل يومين في قرية كفرياسيف ومقتل الدكتور نزار توما وقرينته المستشارة الاجتماعية جوزفين توما,والقاضية نسرين كريني,نص الرسالة كما وصلت الى موقع المدار:

قمنا صباح هذا اليوم المبارك – يوم تحتفل به عدة طوائف بأعيادها - لنسمع عن فاجعة مقتل 3 عابري سبيل في كفرياسيف على يد شاب متهور يقود بلا رخصة. ولم يتعجب احد منا بعدما تبين بان القاتل شاب عربي, يقود بلا رخصة. فلو حتى تبين بأن الحادث سببه خلل في السيارة أو بقعة زيت على الشارع, لا يعفيه ذلك من المسئولية الكاملة على ما جرى! فلم يجدر به أن يقود السيارة من أصله!

 لمَ هذا الإنفلات؟ لمَ هذا الإستهتار بحياة الآخرين؟ لأنها هذه حضارتنا العريقة؟ لأنها هذه حضارتنا الأصيلة؟ أو لأنها التربية الفاسدة أو عدم التربية من الأساس؟

كلنا نرى قلة الأدب وقلة الخجل في كل مجال في قرانا!

لا إعتبار لحقوق الغير أو لراحتهم! لا مراعاة لمشاعر الجيران أو أهل الحارة, لأني "حر" ويمكنني أن افعل ما أريد, في أي وقت وفي أي مكان في القرية. لأننا نعيش في دولة ديموقراطية (للأسف, اصبحت أؤمن بان شعبنا لا يفهم إلا الدكتاتورية و"الدعس" على الرقبة والقمع ليمتثل للقانون!) الحرية ليست أن افعل ما يحلو لي, حتى في بيتي, بدون مراعاة لراحة ومشاعر الغير, بل أن افعل ما يحلو لي, بشرط ألا أخالف القانون ولا أتعدى على حقوق الآخرين من قريب أو غريب. من يريد لأن يفعل ما يحلو له, فلا يسكن بين الناس.

 

- ما يجري في المدارس – طلاب وأهلهم يتهجمون ويعتدون على طلاب آخرين وعلى أعضاء الهيئة التدريسية  إن حاولوا التصدي لإبنهم (أو ابنتهم ) الهمجيين. اسألوا المعلمين والمدراء – بل الطلاب أنفسهم عما يجري.

 

- الاحتفال وقت الأعراس مع موسيقى عالية تصم الآذان حتى ساعات الفجر, بدون اعتبار أن هنالك أطفال ورضع, أن هنالك أشخاص عليهم القيام باكراً للعمل, أن هنالك أشخاص يتوقون للراحة وبأنه يوجد قانون يحدد إلى أي ساعة يمكن إسماع موسيقى بصوت عالٍ؟ (ولِمََ- فلا أحد يشتكي, وإن أشتكى فلا شرطة تصل ولا شرطي مستعد أن يتقبل الشكوى- دعوه وشأنه! ألا يكفي بأنه "توران" حتى تزعجوه بشكوى تُقلِق راحته وتوقظه من غفوته؟)- وحتى لو كان الجيران في حداد على فقدان عزيز لهم؟ ما شأننا؟ 

 

- الأمر ذاته في الأعياد مع المفرقعات والألعاب النارية! بيع هذه الألعاب محظور أصلاً, ولكننا نشتريه من برطعة وجنين ومن أصحاب الدكاكين - لأن أصحاب الدكاكين يريدون الربح, وما شأنهم إن فقد فلان عيناً أو علان كف يده؟ "مين قلّه يشتري"؟) لا رادع ولا ضمير! والأسوأ من ذلك أن الشباب أضحوا يلقون بالمفرقعات على المارة وعلى السيارات بل وداخلها وتحتها ليعرضوا حياة الركاب والمارة للخطر! إنها محاولة قتل! ألا تفهمون ما مغزى أن تنفجر ألعاب نارية داخل سيارة فيها مسافرون؟ والأصعب من ذلك, بأنه لو تجرأ أحد السائقين أو المارة على نهر هؤلاء الأنذال, يهجمون عليه ويوسعونه ضرباً! بل ويستدعون أقرباءهم الكبار, لتصبح "طوشة". وان تقدم الضحية بالشكوى للشرطة (هذا إن وجد شرطة لتستقبله وتتقبل شكواه) – يهب المشايخ والزعامة لردعه عن فعلته الشائنة (تقديم شكوى ضد من عرّض حياته وحياة عائلته للخطر أو ضد من اعتدى عليه) – و"لعقد راية الصلح" حسب العادات العربية العريقة, و"يرفعون رأسهم"  وينفخون صدورهم– فقد "عملوا لهم حساب وقبلوا خاطرهم" – بدلاً من أن يُزجّ بالمجرمين في السجن, ويفتح لهم سجلّ إجرامي يلاحقهم مدى حياتهم علهم يرتدعون وعلهم يدفعون ثمن أفعالهم الإجرامية! بدلاً من أن يُغرّموا وأهاليهم وأصحاب الدكاكين غرامات تجعلهم يتندمون على فعلتهم, نجازيهم بالتنازل عن الشكوى "ونتحشمهن" أ، "يهدأوا" ويقبلوا خاطر الموجودين !

 

وبعض (او الكثيرون) من الأهالي يدعون ابناءهم يقودون سيارة بدون أن تكون معهم رخصة قيادة, ولوحدهم – ويعتبرون ذلك "شطارة", والبعض يدعهم يقودون التراكتورون أو الدراجة النارية بدون تأمين أيضاً. والأدهى من ذلك, أنه حتى عندما ]اخذ الأبناء السيارة أو التراكتور بدون إذن, ويتعرضون لحادث, فحتى لو كانوا هم المذنبون وحتى لو تسببوا في اصابة أو مقتل شخص آخر, نجد الأهل يهبون الى أهل الضحية أوشاهدي العيان مطالبين إياهم بتحريف الحقائق – أولها شهادة الزور بأن المجرم الذي سبب الحادث لم يكن هو السائق (بل أبوه أو عمه أو جده) لأن المسكين لا رخصة معه, وحرام أن يتم اعتقاله وفتح سجل إجرامي بحقه! وهذه إرادة ربنا أن يُصاب فلان أو أن يُقتل, فلِمَ ندمر حياة المجرم المسكين أيضاً؟  وإن لم ينفع الطلب, يقومون بالتهديد وإن لم يُجدِ هذا نفعاً, نبدأ بتوجيه "الواسطات" والجاهات, وأخيراً يُجمَع مبلغاً طائلاً من المال, ليُدفع لأهل المُصاب أو القتيل وليتنازلوا عن الشكوى. وفي كل الأحيان, تنجح هذه الطريقة. "اللي صار صار, وعلى الأقل يطلعلكو إشي" – حياة الناس تُثمّن والضمائر تُشتَرى.

فعلاً حضارة عريقة وإنه لشرف عظيم أن نخرس الحق بالمال.

أي رسالة وأي درس تلقنون هؤلاء المجرمين (من يُعرّض حياة الغير للخطر ولا يهمه الأمر- بل ويهاجم من يحاول تنبيهه أو ردعه, ما هو إلا مجرم خسيس) ؟

افعلوا ما يحلو لكم, تصرفوا بهمجية ووحشية, ولا تخافون!  فلن تُعاقبون ونحن ندعمكم ويا ويله اللي يفكر يتشكى! ونشتري سكوتهم بالمال والأرض, حاشا أن يدفع ابننا ثمن فعلته ! المسكين عانى بما فيه الكفاية- فهو في وضعٍ نفسي صعب جداً. صعب لغاية أن أهله يقولون له: "خذ السيارة يا حبيبي, واذهب رفه عن نفسك مع أصدقائك".

بدلاً من أن يُعلن عن أسمائهم في الخلوات والمساجد وبدلاً من شجبهم وأهلهم ومقاطعتهم ودعم الضحية – يتوجه أقارب المجرمين إلى بيوتهم "ليهكلوا همهن" لأن الشرطة في أعقابهم – المساكين!

 

- وما مع المقاولين الذين يقررون العمل أيام الراحة الأسبوعية – فالكثيرون يعملون 6 أيام أسبوعيا ويتوقون للراحة في يوم العطلة والنوم إلى وقت متأخر, ليجدوا بأن احد الجيران قد دعا مقاولاً ليحفر منذ ساعات الصباح الباكر! لو كان لدية القليل من الذوق لأنتظر حتى الساعة التاسعة أو العاشرة, ولكن منذ متى تهمنا راحة الغير أو مصلحتهم؟

 

- وهذا ما يجري عند وقوع حادث طرق سببه قيادة السيارة بسرعة فائقة, بدون أي مراعاة لقوانين السير أو بدون رخصة أو بعد سحب الرخصة أو القيادة تحت تأثير الكحول (يعني السُكر) أو المخدرات.

لماذا يُعتبر ضرب قوانين السير عرض الحائط "مرجلة" في مجتمعنا؟

لماذا "يخجل" المرء أن يضع حزام الأمان أثناء قيادته داخل القرية؟ لماذا يُعد الأمر "عيب" ويضحكون على من يصر على ربطه؟

لماذا لا نشدد على جلوس الأطفال في كراسي الأمان المخصصة لهم في القرى؟ عندما من الواضح انه علينا أخذ الحذر أكثر داخل قرانا بسبب عدم مراعاة القوانين!

لماذا لا نستعمل إشارة الالتفاف (فنجر )– عندما نوي الالتفاف؟ وأي عيب في ذلك ,أي صفة رجولية تُهان وتُعرَّض للسخرية إن فعلنا ذلك؟

وعيب على من يعطي حق الأولوية أو يقف عند شارة "قف!" – إن وُجِدَت – إن لم يتم خلعها مِن قِبَل الشبيبة المخربة والسايبة!

وعيب على من يقود السيارة على يمين الشارع بدلاً من وسطه (الشارع مش إلكو! أنا حر وين أسوق)

 

هل المخاطرة وتعريض حياتكم وحياة الغير للخطر "مرجلة"؟ بل هي جبن (أنا ما بصير عليّ اشي, وأبوي وعيلتي بتساعدني حتى لو قتلت حدا) ونذالة.

 

-- وما مع قليلي التربية ومعدوميها الذين يجوبون شوارع القرية على التراكتورون أو الدراجة النارية في كل ساعات اليوم وخاصة الليل, مقضّين راحة عشرات ومئات السكان, وكثيراً ما يعرضون حياة الآخرين من سواق ومشاة للخطر؟ وما مع "الزعران" الذين يقودون السيارة والموسيقى بأعلى صوت – ليلاً ونهاراً؟

 

- وما مع هؤلاء الذين يقررون أي يتبادلوا أطراف الحديث وسط الشارع عندما يقود كل واحد سيارته في اتجاه آخر! يتوقفون ويتحدثون ويضحكون – ولينتظر باقي السواق حتى ننتهي من الحديث المهم! خسارة على مكالمة في هاتف ! هيك أرخص وهيك اثبت للجميع باني أفعل ما أريد وقتما أريد – وليفقعوا ويطقوا!

 

- وما مع السكان الذين يسكنون بجنب الشارع, وفروع الشجر من حدائقهم تطل على الشارع – حتى وسطه! فلا المشاة يمكنهم المرور بدون أن يخاطرون بأن تفقأ الفروع عيونهم أو تخدش أوجههم – هذا إن كان هنالك مجال للمرور أصلاً! فالمشاة يضطرون إلى السير وسط الشارع والمخاطرة بالدهس من قِبَل سيارات! ونجد هذه الفروع أيضاً على "اللفات" فتحجب الرؤية للسائقين والمشاة على حد سواء!

وما مع السائقين الذين يريدون السير على اليمين (قلائل ولكنهم موجودون) ليجدوا أن فروع الشجر المتدلية تمنعهم من ذلك؟ أين أصحاب الشجر وأين المجالس المحلية؟ أين "ضابط الأمان" في كل سلطة؟ لم لا تقومون بقص الفروع الخطيرة؟ لِم لا تغرمون من لا يفعل ذلك ويعرض حياة الآخرين للخطر؟

- ظاهرة ليست بأقل خطرأُ– أن نصفف سياراتنا على رصيف المشاة – في قرانا حيث يوجد رصيف مشاة (يبدو انه كان هنالك مقاول مقرّب من الرئيس فحصل على عطاء "مخراز" وبنى الرصيف) لنجبر المشاة على النزول إلى وسط الشارع ليعبرون؟ انظروا إلى حالة الأرصفة: البلاط مخلوع في أماكن كثيرة- كل من يريد يمكنه نزع البلاط لاستعماله الشخصي, ومن يحفر لمد أو تصليح خط مياه أو مجاري, يهدم الرصيف ولا يعيد ترصيفه كما كان, وكما ينص القانون. والمقاولون – الذين لا يتركون غبرة وراءهم إن اشتغلوا في بلد لليهود, نراهم يتركون القمامة والفضلات في القرى, ولا يعيدون الرصف أو بناء أو تعبيد ما قد هدموه من أجل تنفيذ عملهم. ولا أجمل من الباطون الذي يسكبه أصحاب "الجبالات" على الرصيف وعلى الشارع ويتركونه ليجف ويصبح تلة باطون على المشاة أن يتسلقوها.

 

إلى أي حضيض وصلنا, والى أي حضيض لا نزال نتحدّر؟

لا أنكر انه لو كانت العقوبات التي تصدرها المحاكم اشد صرامة, لساهم الأمر بالتخفيف من هذه الظواهر, ولكن كم من شخص عربي تعرفونه لا يهمه سحب الرخصة ولا عشرات المخالفات التي "كسبها" بعرق جبينه؟ فلو كان العقاب " يضرب الجيب"  لأرتدع الناس – لأن التوجه للضمائر لا "يوجع" ولا المخالفات بل ولا السجن. ولكن دفع غرامة باهظة – هذا يوجع!

مصادرة كل تراكتورون يقوده شخص في شوارع القرية وكل "طزطز"  يقوده متهور بلا رخصة أو تأمين, وتغريم الأهل إن كان السائق قاصراً, بل وتغريمهم مبلغاً طائلاً وفتح سجل إجرامي له ولهم إن سمحوا له بقيادة سيارة بلا رخصة! على السلطات المحلية القيام بواجبها وفرض سلطتها في هذه المجالات, وعلى السكان التعاون معها ولو كنا من المعارضين "للرئيس".

ولكن كفانا إلقاء المسئولية على السلطات والشرطة – فالمسئولية تقع أولا وأخيرا على عاتقنا. "سوس الخشب منه وفيه", ويا إخوان نحن "مسوسين" إلى أقصى حد, وكلما اعتقدت بأنه لا حضيض أدنى من الذي وصلنا إليه, أجد بأني على خطأ.

على رجال الدين, من ناحية, أن يلقوا بالحرمان على هؤلاء المجرمين وأهاليهم وان يعلنوا عنهم في الخلوات والمساجد ومن على كل منبر! وعلينا, من ناحية أخرى, مقاطعتهم اجتماعياً حتى نجد بأنهم يقومون بالملقى على عاتقهم. لا يبدو انه هنالك أي فائدة من كل ما تقوم به المدارس – فأحياناً يبدو لي بأن بعض الطلاب يقومون بالقيام بعكس ما يُطلب منهم كناية بالمعلمين أو الأهل أو السلطة! (مراهقون, ما العمل؟ أن يعاقبوا إن قاموا بمخالفة القانون, هذا أفل ما يمكن عمله!)

 

علينا أن نتوقف عن "التعاطف" معهم ومساعدتهم إن قاموا بعمل إجرامي أو تورطوا في حادث! دعوهم يتلقوا العقاب الذي يستحقونه, علهم يرتدعون وعل غيرهم يرتدع عن هذه الأفعال.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق