أيها العيد تأخر قليلاً حتى تعود الينا وحدتنا الوطنية التي إنتكست بفعل الإنقسام والإنقلاب وأتشحت قضيتنا بالسود كل هذا الوقت عنواناً من العناويين العريضة للأنكسار والإنهزام والتراجع الوطني الذي لم تعرفه من قبل القضية الفلسطينية على مر العقود الماضية ، وقد إمتازت بأنها أول ثورة عرفت ديمقراطية غابة البنادق وظلت تحافظ على حرمة الدم الفلسطيني رغم كل ما كان يتهددها وكل وما كان يتربص بها ، وكثيراً ما مرت بظروف معقدة وأكثر صعوبة مما تمر فيه الآن ، لكنها صمدت وظلت محافظة على القرار المستقل وعلى قرار الوحدة الوطنية الذي لم يكن قابلاً للنقض ولم يكن محل خلاف ، حتى ولو كان هناك بعض الخلافات الفكرية أو السياسية إلا أن الوحدة الوطنية كانت الشعار الاقوى والأكبر الذي يجمع كل القوى الوطنية الفلسطينية في ظلاله وكانت ثابتاً من الثوابت الوطنية التي لم تخضع للخلاف والأختلاف عليها .
أيها العيد تأخر قليلاً حتى نحضّر أنفسنا جيداً ونستقبلك
حتى تكتمل للبعض ذاكرته المبتورة ويعود لنا زماننا ولك زمانك
أيها الفجر إقترب قليلاً فلنا موعد معك ، وقد طال إنتظارنا وكم عدننا من الأعياد ونحن ننتظرك ولم تأتي الينا بعد ، ننتظرك حتى نعود الى أرض الأباء والجداد التي هجرنا منها قهراً وقسراً وظلماً وأخذنا زمان اللجوء معه في دهاليز الهيمنة الامريكية الاسرائيلية ، وضعنا في عثرات الانقسام الدموي وخلافات من ارادوا شطب ذاكرتنا ولون علمنا ونشيدنا الوطني وراحوا يهتفون بحناجرٍ تبث الفرقة وتشيع الانقسام وتعزز أشكال الخلاف بصور متعددة ولم يلتفتوا لكل الاصوات الوطنية التي تدعوا الى وحدة الموقف الفلسطيني ووحدة القرار المستقل بل كانوا ولا زالوا ينظرون من زوايتهم وبوصلتهم التي تشير الى مصالحهم الحزبية والفئوية الضيقة ، خاصة في هذه الظروف الصعبة والحساسة من عمر قضيتنا .
أيها العيد تأخر قليلاً لا نريدك أن تأتي كما في كل عام منقوصاً حزيناً منكسراً علينا لأن أرواحنا وأحبائنا لا يزالون خلف القضبان في معتقلات وسجون الحرية ينتظرون شمس الصباح القادمة لتشرق من جديد ويتنفس الوطن رائحة العز والفخار ، إنتظرهم وهم يخرجون إلينا من كل المعتقلات ، من عوفرا وجلبوع ، من صحراء النقب وهداريم من شطة والرملة من كل السجون والمعتقلات ، يخرجون لينشروا في الارض رائحة الحرية وبشائر النصر القادم .
أيها العيد تأخر قليلاً حتى نعود الى مدننا وقرانا وبيوتنا التي هجّرنا منها ، الى أرضنا التاريخية ونهدم خيام اللجوء الكافرة ونودع زمن الإنكسار والهزيمة ، تأخر لأجلنا نحن أبناء هذه الأرض المنتظرين لعيدٍ يوم عودتنا .