لا بد وأن كل واحد منا سافر يوماً وذاق شيئاً من العذاب على المعبر الوحيد الذي يربطنا بالعالم الخارجي المسمى معبر الكرامة ، وما أن تصل إلى تلك النقطة الحدودية المتواجد عليها ثلاث جيوش بلهجاتهم المختلفة وثلاث أجهزة أمن ومراقبين ومفتشين وكاميرات مراقبة وأبراج عسكرية وأسلاك كهربائية ومغناطيسية وحافلات لا عدد لها تتنقل بينها كل خمسة دقائق من حافلة الى أخرى في ماسفة لا تتعدى الكيلو متر واحد أو أكثر بقليل وحقائبك لا تدري أين تذهب ومتى تلحق بك ، سواء كانت رحلتك صيفاً تحت أشعة الشمس الشديدة أو كانت رحلتك شتاءاً وسط أجواء البرد القارص ، وكثيراً من الإجراءات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى في هذه الماسفة القصيرة وكل هذا ويسمى بمعبر الكرامة فأين الكرامة وسط كل هذه المهانة والإذلال وهذا الشكل من العناء بالسفر والذي لا يعاني مثله شعب آخر .
رحلتك عبر هذا المعبر لها شكلٌ مختلف ، فهي بحاجة الى أن تتحضر جيداً وتعد نفسك ليوم شاق ومتعب فما سوف تمر به وأنت تتنقل من حافلة الى أخرى أمرٌ صعب يتعدى حدود الخيال من كثيرة الإجراءات التي تدخلك في حالة نفسية وجسدية صعبة تكون مرغماً على الدخول بها لأنه لا مفر أمامك فأنت تحتاج لإجتياز الحدود لأمر ما طارئ قد يكون مثل الذهاب للعلاج بالخارج أو للدراسة أو لقضاء عمل ما أو حتى للإستجمام .
إن العذاب الذي يشهده المواطن على هذا المعبر باعتبارة المنفذ الوحيد الذي يربط الضفة الفلسطينية بالعالم الخارجي هي قضية تستحق أن تجد إهتمام المسؤولين على الأرض وأن لا يكتفوا بالقول على وسائل الاعلام وأن لا يجّملوا الصورة كثيراً لأن من يسافر عبر هذا المعبر سرعان ما يكتشف الحقيقة .
والحقيقة هي أننا نستحق أكثر من كل هذه الجهود المبذولة ونستحق أن تتوفر كل سبل الراحة للمسافرين المغادرين أو القادمين ، فيكفي ما عانيناه ويكفي سنوات الإذلال الطويلة هذه هي الحقيقة التي لا بد أن يلتفت لها المسؤولين عن المعابر ، حتى يسافر المواطن بشكل محترم وبعيداً عن كل أشكال المعاناة والقهر وعذابات السفر التي يمر بها على ما يسمى بمعبر الكرامة والذي لا كرامة فيه إلا أسمه.
كل هذا وأكثر على معبر الكرامة بالإضافة الى رسوم المغادرة الباهظة الثمن والتي يدفعها المواطن كرسوم عند المغادرة وكضريبة لا تعود عليه بالراحة بل بكثير من التعب والإرهاق والمعاناة فلماذا تجبى هذه الضريبة ، اليس من حق من يدفعون الضريبة أن يجدوا الراحة أثناء سفرهم أم أن عليهم دفع النقود بلا أية خدمات .
متى يكون لمعبر الكرامة أسمه الحقيقي ويجد المواطن الراحة بالسفر حالة كحال كل شعوب الأرض دون أن تدقق أوراقة كل دقيقة ودون أن يمضي وقتاً طويلاً في البحث عن حقيبته بين الالف الحقائب ، متى يسافر المواطن وحقيبته معه ، متى نستطيع السفر بدون عناء وبدون أدوات التفتيش المعقدة وبورقة ثبوتية واحدة لا بعدة أوراق منها ما يستخدم على هذه الجهة ومنها ما يستخدم على الجهة المقابلة ، أختام وتواقيع وأوامر وتعليمات ، وأنت محاصر من كل الجهات فما أن تصعد الى الباص الأول الذي يبدأ المسير ببطء حتى تخرج من الجهة المقابلة ، عليك الالتزام بالتعليمات والأوامر والقارارات القاهرة بصمت ودون أي أعتراض ، لأن اعتراضك سيضعك تحت المساءلة وبطش الجنود بك .
متى تعود للأسم معناه ويكون معبر الكرامة ليس أسماً جوهرة مختلف بل يصير إسماً على مسمى ونسافر بكرامة دون تمييز ودون إرهاق ودون إذلال وعناء مقصود وغير مبرر.