التفاوض بالإكراه لا يجدي نفعاً بقلم بهاء رحال
2010-08-03 18:09:26
العرب مجتمعين إستجابوا للضغوط الأمريكية ولدعوة الرئيس الأمريكي للعودة الى المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة وبلا جداول زمنية وبدون مرجعيات تضمن التوصل الى إتفاق سلام شامل وفق قرارات الشرعية الدولية ، إستجابة ليست بطيب خاطر بل رضوخ للإملاءات الامريكية الإسرائيلية التي فرضت قرار العودة الى المفاوضات المباشرة في محاولة منها لتضليل الرأي العام العالمي من جديد والذي يقف ضدها بعدما نجحت القيادة الفلسطينية في فضح سياسة الحكومة الاسرائيلية التي هي غير معنية بنجاح المفاوضات والتوصل لإتفاق سلام عادل وشامل .
العرب مجتمعين خبئوا رؤوسهم بالرمل كالنعام ، ووافقوا على إسقاط جملة التحفظات التي وضعوها مسبقاً كشروط أساسية لضمان نجاح عملية التفاوض مع حكومة نتنياهو ، ورضخوا أمام الضغوط الأمريكية ووافقوا الرئيس أوباما الذي يسير على خطى الرؤساء السابقين للولايات المتحدة بعدما فشل في لعب دور الوسيط النزيه بل يبدوا أنه سيكون أكثر إنحيازاً وتواطؤاً من أسلافه السابقين ، أمراً متوقعاً ولم نفاجئ منه غير أولئك الذين أخذوا خطابه الشهير من قاهرة المعز على أنه نقطة تحول تارخيه في العلاقة العربية الامريكية وأن هذا الرئيس سيكون قادراً على انهاء حقبة الانحياز الأمريكي لإسرائيل ، هؤلاء المبشرين أين هم الآن بعدما أصبحت الصورة بهذا الشكل الواضح وتكشف سياسة أوباما الحقيقية التي تتشابه الى حد التماهي مع سياسة بوش الأب والإبن وما بينهما من رؤساء سابقين ولاحقين سيأتوا الى البيت الأبيض لتنفيذ سياسة إسرائيل ما دام العرب على حالهم يكتفون بالتابكي على عتبات البيت الأبيض .
العرب عبروا عن موافقتهم الضمنية للعودة الى المفاوضات وأعطوا الضوء الأخضر لأنطلاقها بشكل هزيل بعدما أسقطوا إشتراطاتهم وأتفقوا على موافقة الولايات المتحدة فيما تعتقد أنه الصواب بينما هو غطاء جديد لسياسات الحكومة الإسرائيلية التي تهدف الى محاولة تجميل صورتها التي إنتكست كثيراً في الفترة الماضية ، وعاشت كثيراً من العزلة خاصة بعدما أصبح الكثير من جنرلاتها وقادة أركان حربها مهددون في عدد من العواصم العالمية التي تطاردهم كمجرمين حرب إرتكبوا المذابح والمجازر وأنتهكوا القانون الدولي والأنساني.
الموقف العربي الأخير بشأن المفاوضات المباشرة ما هو إلا تهرب العرب من تحمل مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب الأولى كما يزعمون ولا كما يقولون في خطاباتهم وتصريحاتهم علانية لإسترضاء شعوبهم التي تؤمن بفلسطين كأيمانها بالقدر ، وهي ترفض التواطؤ كما ترفض فكرة الاذعان للقرارات الإسرائيلية الأمريكية ولا تقبل بأن تكون حليفاً لوسيط ليس نزيهاً بل منحازاً ويجاهر بذلك حتى ولو كانت القوة الوحيدة في العالم .
إن هذا الموقف العربي الخجول فرض على القيادة الفلسطينية أشياء لم تتوقعها خاصة وأن البيت العربي في الآونة الأخيرة شهد إلتفافاً غير مسبوق تجاه القضية الفلسطينية بل وأرتقى قليلاً في مواقفة مما رفع سقف التوقعات بأن السياسة العربية ستنجح ولن تنكسر مرة أخرى أمام الضغوط الأمريكية التي قد تمارس بالمستقبل ، ولكن وبشكل مفاجئ إستجاب العرب مجتمعين للضغوطات الأمريكية الإسرائيلية وسارعوا إلى التخلي عن القيادة الفلسطينية التي بقيت وحدها في المواجهة ، أمام التحديات الكبيرة التي تقف أمامها وأهمها هو الصمود في مواجهة ما عجز العرب مجتمعين عن مواجهته .
مرات عديده قالتها القيادة الفلسطينية وعبر عنها السيد الرئيس محمود عباس في كل خطاباته بأن من يريد السلام فليعمل من أجل السلام لا من أجل الحرب كما تعمل حكومة نتنياهو ، ولا يمكن للتفاوض بالإكراه أن يجدي نفعاً مع الشعب الفلسطيني الذي يتمسك بالثوابت ولا يتزحزح عنها قيد أنمله ، فهي حقوق تاريخة لا تسقط ولا تقبل ألمساومة أو التنازل عنها مهما بلغت الضغوط والإجراءات القمعية ومهما تمادي الاحتلال في جبروته.
وعلى المحك تقف القيادة الفلسطينية وحدها بعد هذا التخلي العلني من القيادة العربية ، في مواجهة القوى الكبرى أمريكا ومعها حلفائها الذين يلوحون تارة بالتهديد وتارة أخرى بالوعيد وبين هذا وذاك تصبح فرضية نجاح المفاوضات المباشرة ضعيفة خاصة وأن حكومة نتنياهو غير مستعدة وغير جادة لخوض مفاوضات تتوصل من خلالها الى إتفاق سلام شامل وفق قرارات الشرعية الدولية التي قبل بها الشعب الفلسطيني كحد أدنة لحقوقة المغتصبه.
وهنا لا نجد لأنفسنا قولاً إلا كان الله في عون القيادة والرئيس .
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير