بعيداً عن السياسة مع أنني أعلم ان الكثيرين سيحاولون تسييس الأمر ، لكني مصرّ أن يبقى الموضوع بعيداً عن السياسة ، خاصة وأننا في وضع سياسي لا نُحسد عليه ، سواء على المستوى الخارجي وما تشهده من محاولات فاشلة لإحياء عملية السلام أو على المستوى الداخلي وتأثيرات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، إلا أنها أحدى القضايا الهامة التي لا تؤجل ولا يمكن ان تخضع لمقياس المصالحة أو الوضع السياسي ، أو أي شكل آخر كونها تلامس الحياة اليومية للمواطن وهي قضية المستشفيات الحكومية التي كثيرين من الكتاب كتبوا عنها وكثيراً ما تناقلتها بعض وسائل الاعلام الحقيقية الحرة وليست جميعها لأن الكثير منها يرون في التستر على أداء المستشفيات واجب وطني وحزبي ولا يعلمون أن المصالح العليا أهم بكثير ، فما الفائدة من حكومة ليس لديها مستشفيات بغرف رعاية صحية ، ولماذا هذا الوضع الصحي في فلسطين يصل الى هذا الحد ولدينا العديد من الكوادر الطبية التي تُحسن عملها خارج المستشفيات الحكومية سواء كانت في العيادات الخاصة والمستشفيات الخاصة أو حتى اذا تعاقدوا مع مستشفيات الخارج ونراهم في المستشفيات الحكومية بشكل مختلف تماماً ، هل هو تقصير المواطن أم تقصير الحكومة ووزارة الصحة التي كثيراً لا تلتفت الى حق المواطن في أن يجد رعاية صحية تليق به وبحالته المرضية وحقه الطبيعي في أن لا ينتظر لأشهر على ابواب غرفة العمليات حتى يأتي دورة في موعد العملية وليس من الضروري كل الذين سبقوه هم مسجلون قبله بالدور ولكن هنالك عوامل كثيرة أهمها الواسطة والمحسوبية ، فإذا وجدت واسطة ربما لا تنتظر طويلاً وتأخذ دور مريض آخر ليس له واسطة وليس له معارف يحافظون له على دورة في ترتيب الادوار ، ما فائدة حكومة لا تسعى لتطوير الاداء الطبي في فلسطين فلا يجد المريض علاجاً للأمراض العادية وليست المستعصية ، ربما لا يجد دواءً او غرفة مبيت تضمن له الرعاية الصحية فينتظر في ممر المستشفى الذي توزع في الأسرّة التلفة لينام عليها الزائد من المرضى الذين لا تستوعبهم الغرف وأي غرف هذه ، اعتقد أن الأمر ليس بحاجة للكتابة والشرح أكثر فكلكم يعلم على أي حال هي غرف مستشفياتنا .
إنها معاناتنا القديمة الجديدة والتي حتى يومنا هذا لا نجد لها حلاً جميلاً كما نتمنى، ولا نجد خطوات جدية من قبل المسؤولين لأصلاح قطاع الصحة في فلسطين وتنظيم وترتيب أداء المستشفيات التي لا نجد فيها علاجاً ولا دواء ، ومن حقنا ان نتسآءل هنا لماذا وصلنا الى هذا الحد الذي أصبحت فيه المستشفيات الحكومية نكته يتناقلها المواطن بالسخرية رغم كل ما يكتنف الأمر من ألم ، ونحن في أمس الحاجة الى أن نجد مستشفيات تستقبل المرضى بابتسامه لا بالصراخ ، نحن بحاجة أن نجد غرفاً صحية الى مرضانا ، وطبيباً يبتسم لا طبيباً من علو شاهق يكلمنا وكأننا رعاع ، نحن بحاجة الى مستشفى بكل ما تعنية الكلمة من معنى ، ولسنا بحاجه الى أكثر من ذلك ، لأننا لا نريد أن نبقى نتوسل المسؤولين لأعطائنا تحويلات لمستشفيات الخارج ، نحن نريد أن نكون كلنا سواء ، نذهب لمستشفى واحد ونجد الدواء ولا نريد أن يتعالج جزء منا في باريس والاخر في أمريكا وكثيرين في مصر والأردن والغالبية تنتظر رحمة ربها.
نحن لا نريد أن نقف في طابور التحويلات الى مستشفيات الخارج ، ولا أن نمضي أيام في البحث عن واسطة لنحصل على التحويله الطبية ، نحن لا نريد أن نذهب الى المستشفيات الخاصة لنجد نفس الطبيب ذاته واقفاً لكنه يبتسم على عكس ما يكون هو ذاته في المستشفى الحكومي ، ونحن لا نريد الذهاب الى فرنسا لتلقي العلاج ولا نريد أن نستجدي أحداً إذا مرضنا ، نحن نريد ان نفخر بمستشفياتنا وبقدراتنا الطبية وبكوادرنا المؤهلين ، هذا نحن ونحن نقول كل ذلك بألم شديد ونتمنى أن لا يبقى الحال على ما هو عليه ، فليس بأيدينا إلا الأمل وبضعة أوراق نخط بها تحويلتنا قبل الرحيل .