نظرة في الرأسمالية!!! (الجزء -الأول )
2010-07-19 11:34:24
بقلم منير فرّو
 
إن أسوء ما يشهده عالمنا اليوم هو تدهور الاقتصاد العالمي وعلى رأسه الاقتصاد الأميركي بجميع أحواله، الصناعي، الزراعي، العقارات، الطاقة، النفط والمواد الأولية، وأسبابه الانكماش الاقتصادي بسبب التسابق الاقتصادي نحو الأفضل، والاعتماد على الاستيراد أكثر من الإنتاج، وأيضا هبوط البورصات العالمية بسبب ما لحقها من الاضطرابات مما اضر بجميع القطاع الإنتاجي وتراجع في المبيعات بسبب الإفلاس،
 
فامتلاء الأسواق بالبضائع كقطاع الإنتاج والصناعات وشقق السكن دون تسويقها أحدث خسائر فادحة وتراجعا في الاقتصاد وفي شراء البورصات، مما أدى إلى هبوطها وبالتالي إغلاقها وإغلاق البنوك الممولة.
 

إن اعتماد الاقتصاد العالمي على الأسواق والبنوك الأميركية جعله دائما منقادا لما يحدث في أكبر دولة رأسمالية، وتراجع السوق الأميركية للعقارات السكنية والتوترات في الأسواق المالية العالمية، والتأثير العالمي للأسعار المرتفعة للنفط والمواد الأولية، والضغوط التضخمية الناجمة عنها، زعزع الاقتصاد العالمي وجعله يقف مذعورا بسبب هبوط سعر الدولار الأميركي،

 
فالولايات المتحدة استطاعت بهيمنتها العسكرية وامبرياليتها الاستعمارية واكتفاءها الذاتي وتفوقها التكنولوجي ومحصولها الزراعي ورؤوس أموالها ومفكريها الذين جاؤوها من كل أقطار العالم، أن تصبح الإمبراطورية الرأسمالية الكبرى،  وأن تسيطر وتتحكم على اقتصاد العالم، وتفرض قوانينها عليه، وتصبح الدولة المتفردة بحكم العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ولكن ما يقلق الولايات المتحدة اليوم هو الاقتصاد الصيني الذي باتت صناعاته تحتل كل الأسواق العالمية عامة والأسواق الأوروبية خاصة، وتنافسه بشتى أنواع الصناعات، وبأسعار لا تضاهى، ولهذا الولايات المتحدة تعمل ليل نهار من أجل إيقاف هذا السيل التجاري الصيني، وبناء له سدودا لتبطيء زحفه،
 
لذلك يشير مصطلح الرأسمالية بشكل عام إلى نظام إقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة، أو مملوكة لشركات تعمل بهدف الربح، وحيث يكون التوزيع، الإنتاج وتحديد الأسعار محكوم بالسوق الحر والعرض والطلب، وحسب الحتمية التاريخية بحسب ماركس، فإن الرأسمالية هي ثمرة التطور الصناعي و النقلة النوعية في وسائل الإنتاج المتخلفة في العصر الإقطاعي إلى الوسائل المتطورة في الثورة الصناعية، و التي كانت ظهور الرأسمالية فيها كأحد التبعات،
 
عقب التوسع العظيم في الإنتاج بدأت الإمبريالية بالظهور من خلال وجود شركات احتكارية تسعى للسيطرة على العالم، فبدأت الحملات العسكرية الهادفة لإحتلال أراضي الآخرين و تأمين أسواق لتلك الشركات، و هذا فيما يعرف بالفترة الإستعمارية، ظلت ذيول هذا الإستعمار على الرغم من استقلال العديد من الدول لاحقا، حيث مولت هذه الشركات عدة انقلابات عسكرية في فترة الخمسينات و الستينات في دول أمريكا اللاتينية، بهدف الحفاظ على هيمنتها على تلك الدول،
 
تؤمن الأنظمة الرأسمالية بالفكر الليبرالي، وهو انتهاج الرأسمالية كاقتصاد و الديمقراطية كسياسة، وتعتبر المقولة الفرنسية ( دعه يعمل دعه يمر ) هي الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة و نقل البضائع و السلع بين البلدان و دون قيود جمركية،
 
كانت الشيوعية بتمسكها المفرط بالحد من الملكية التي بنظرها السبب الرئيسي لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان كرد فعل على التوسع المفرط في الملكية، داخل النظام الرأسمالي المنقسم لطبقتين الأولى ثرية و الأخرى فقيرة وعاملة، اصطلح عليها كارل ماركس بـ ( البروليتاريـا )،
 
لذلك تعرّف الرأسمالية على أنها نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعاً في مفهوم الحرية، ولقد ذاق العالم بسببه ويلات كثيرة، وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض.
 
واليوم يحكم عالمنا النظام الرأسمالي والذي تترأسه الولايات المتحدة،  وهذا النظام هو ربوي احتكاري واستعماري، يدعو إلى إشباع حاجات الإنسان الضرورية والكمالية، وتنمية الملكية الفردية الاقطاعية، مستغلا شعار الحرية مضمّنا فيها العدل المساواة وحقوق الفرد خاصة حقوق المرأة، وتحريرها من كل قيد ديني واجتماعي لنشر دعايته الاستهلاكية، تلك الحرية الخداعة المعسولة والفارغة من كل مضمون، والتي جعلت الناس يخرون ساجدين لها، ينخدعون وينشغلون بها، فاستحوذت على عقولهم كما يستحوذ الشيطان على العقول، حتى يقودها الى الهاوية والانزلاق وراء المادة، التي ليست بها سعادة وانما سعادتها مؤقتة ما تلبث حتى تزول كالزبد الذي يعلو الماء، لأن من أهم آراء سميث أن نمو الحياة الاقتصادية وتقدمها وازدهارها إنما يتوقف على الحرية الاقتصادية. –
 
وتتمثل هذه الحرية في نظره بما يلي:
 
الحرية الفردية التي تتيح للإِنسان حرية اختيار عمله، الذي يتفق مع استعداداته، ويحقق له الدخل المطلوب. –
 
الحرية التجارية التي يتم فيها الإِنتاج والتداول والتوزيع في جو من المنافسة الحرة.
 
ويرى الرأسماليون بأن الحرية ضرورية للفرد من أجل تحقيق التوافق بينه وبين المجتمع، ولأنها قوة دافعة للإِنتاج، لكونها حقاً إنسانياً يعبر عن الكرامة البشرية.
 
لذلك إيمان الرأسمالية بالحرية الواسعة أدى إلى فوضى في الاعتقاد وفي السلوك، مما تولدت عنه هذه الصراعات الغربية التي تجتاح العالم، معبرة عن الضياع الفكري والخواء الروحي. ، لأن انخفاض الأجور، وشدة الطلب على الأيدي العاملة، دفع الأسرة لأن يعمل كل أفرادها، مما أدى إلى تفكك عرى الأسرة، وانحلال الروابط الاجتماعية فيما بينها.
 
لقد جاء النظام الرأسمالي إثر سقوط الاقطاع في اوروبا في القرون الوسطى، وبداية الثورة الصناعية، ومناهضته للكنيسة، وظهور المذهب الحر الطبيعي، والمذهب الكلاسيكي، حيث أن المذهب الطبيعي الذي هو أساس الرأسمالية يدعو إلى أمور منها:
 
الحياة الاقتصادية تخضع لنظام طبيعي ليس من وضع أحد، حيث يحقق بهذه الصفة نمواً للحياة، وتقدماً تلقائياً لها، ويدعو إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، وأن تقصر مهمتها على حماية الأفراد والأموال، والمحافظة على الأمن والدفاع عن البلاد.
 
ويدعو أيضا إلى الحرية الاقتصادية لكل فرد، حيث إن له الحق في ممارسة واختيار، وبذلك يكون الحكم قد انتقل من حكم فردي اقطاعي ديكتاتوري يديره الملك والحاكم، إلى حكم يديره افراد يتحكمون بالمال تحت نظام الحرية، يتبع يتبع يتبع ...
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق