السلام الأخير بقلم بهاء رحال
2010-07-13 12:44:21

للوهلة الأولى قد يبدو الأمر مفاجئاً خاصةً بعدما اتخذت حكومة نتنياهو العديد من الخطوات التي أفشلت جولات المبعوث الأمريكي الخاص بعملية السلام جورج ميتشل الى المنطقة في كل مرة كان يقوم بها الأخير بطرح مبادرة لتقريب وجهات النظر كانت تقابلها اسرائيل بمكائد جديدة وبقرارات استيطانية لا حصر لها ، وكان الرفض الدائم لكل المبادرات شعاراً تطبقه اسرائيل على الأرض بمزيد من الاستيلاء على الاراضي وعمليات البناء في المستوطنات بالاضافة الى إجراءاتها التهويدية بالقدس مما أدى الى خلق حالة من التوتر في الآونة الاخيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بحسب توقعات المراقبين والمحللين الذين وصفوها بأنها الاسوأ في تاريخ العلاقات بين البلدين . 

كذبت التوقعات ، وتلاشت الخلافات  في لحظة مفاجئة وكان نتنياهو يستقبل بحفاوة في البيت الابيض من قبل الرئيس أوباما الذي أشاد به وبدوره السياسي ، وكأنه رجل سلام من الطراز الأول ، والغرابة هنا تكمن  في التبدل المفاجئ للمواقف بين ليلة وضحاها لسيد البيت الابيض الذي يعرف حق المعرفة أن نتنياهو وحكومته من خلال السياسة التي ينتهجونها لا يعرقلون العملية السلمية فحسب بل يضعون السلام في المنطقة على حافة الهاوية ، وأن هذه السياسة هي التي أفشلت خطته التي سعى لتحقيقها في منطقة الشرق الاوسط منذ أن أنتخب رئيساً للولايات المتحدة . 

نتنياهو نجح مرة أخرى في إستقطاب الموقف الأمريكي المنحاز دائماً لصالح إسرائيل ، وقد حظي باستقبال رسمي ووداع لم يشهده الى قليل من رؤساء العالم ، واستطاع أن يعيد العلاقة مع الولايات المتحدة الى طبيعتها وعلى ما يبدوا أنه قام بترويض الرئيس أوباما بشكل سريع بعكس كل التوقعات التي كانت تستبشر بأوباما خيراً وتربط بين جذوره التي ينحدر منها وتستشهد بخطاباته التي لم تتعدى كونها حبراً على ورق ، وقد سقطت اليوم بهذا الاستقبال وهذا الترحاب الذي لقيه نتنياهو في البيت الابيض والذي يفسر حجم التواطؤ الكبير ، فبدلاً من أن يحاكم نتنياهو على جرائمه التي أقترفها هو وجنوده والتي لم تقتصر على قتل الفلسطينيين فقط بل كان للأتراك نصيب من عمليات القتل المنظم التي تنتهجها دولة الإحتلال .   

إن جملة الإجراءات التي اتبعتها حكومة نتنياهو منذ إنتخابها ، والتي تصاعدت حدتها في الآونة الاخيرة بشكل متسارع ، ومتزايد بشكل كبير وفي سباق مع الزمن ، إجراءات هددت العملية السلمية برمتها في الماضي وعطلت المفاوضات ولا تزال تقوض كل الجهود المبذولة لاطلاق عملية سلام حقيقية وجادة مبنية على حل الدولتين وصولاً الى السلام العادل والشامل المنشود ، وإن إستمرارها في هذه السياسة المتطرفة يؤدي الى تدهور الاستقرار بالمنطقة ويغلق الطريق أمام التسوية السلمية الى الأبد و ينسف الآمال بأمكانية تحقيق سلام عادل وفق قرارات الشرعية الدولية ووفق تطلعات الشعب الفلسطيني الذي بدأ يفقد الأمل بعملية السلام نتيجة ضعف الموقف الدولي وعجزه عن ممارسة الضغط على حكومة تل أبيب التي لم يعد يخفى على أحد كل ما تقوم به من سياسات متطرفة تستهدف القضاء على عمليه السلام لأنها لا تؤمن بالسلام ولا تريده. 

وفي الوقت الذي نجد فيه هذه المواقف المتواطئة من قبل الولايات المتحدة بهذا الشكل وهذا الاسلوب العلني الفاضح وأمام شاشات التلفزة ، فكيف يمكن لهذا الطرف أن يكون وسيطاً نزيهاً في عملية التفاوض المباشر أو الغير مباشر أو أي عملية مفاوضات مهما كان شكلها ، بل وكيف يمكن لمثل هذا الراعي أن يطرح مبادرات سلام تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتي أقرتها الشرعية الدولية وضمنتها قرارات مجلس الأمن وهو غير مؤتمن ولا يمتلك مواقف عادلة . 

وسواء كانت المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة فأن النتيجة واحدة ، في ظل وجود حكومة لا تؤمن بالسلام العادل والشامل ، حكومة لا تعترف بالحقوق الفلسطينية وغير مستعدة لخوض مفاوضات جاده بل تسعى لأبتلاع المزيد من الأرض ووضع العراقيل أمام عملية السلام.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق