هادي زاهر
هناك من يحلو له القول عن انفصال منصور عباس بان المشتركة قد تفككت، والحقيقة هي ان منصور عباس قد ترك القائمة وكان يجب طرده بعد ان لم يلتزم بما اتفق ووقع عليه، ومع هذا اريد ان اناقش النهج الذي يود المذكور العمل وفقا به، لا سيما وانه قد جُرب معنا سنين طويلة (نحن أبناء الطائفة الدرزية) ومن المعروف ان السلطات الإسرائيلية استطاعت بالتهديد والوعيد اقنع القيادة التقليدية عندنا بالانفصال عن أبناء شعبنا موهمة إياها بانها إذا انفصلت ستحظى بالحقوق كاملة، وماذا كانت النتيجة؟ هذا هو السؤال الجوهري.
ليس سرًا ان أوضاع الطائفة الدرزية أسوأ من بقية الشرائح العربية في هذه البلاد فنسبة الأراضي التي صودرت لأبناء الطائفة الدرزية تفوق النسبة التي صودرت لباقي أبناء شعبنا من الطوائف الأخرى والمستحقات التي تحصل عليها لا تفوق على المستحقات التي تحصل عليها بقية اقرنا العربية وقد اعدت السلطات برامج دراسية خاصة بنا متدنية عن البرامج العامة في الدولة مما جعلنا افقر شريحة من الناحية الاقتصادية والعلمية وذلك بهدف تجيرنا، وجريًا مع سياسة فرق تسد ضمت الأحزاب الصهيونية مرشحين في أماكن مضمونة لعضوية الكنيست كي تبقي الطائفة الدرزية خارج الاجماع القومي، وقد بلغ عدد أعضاء الكنيست الدروز ذات مرة ستة أعضاء، هذا علما بان الطائفة الدرزية (أذا اجتمعت والامكانية غير موجودة طبعا) تستطيع إيصال عضو كنيست واحد، واذا تذكرنا عدد الذين مروا في البرلمان عبر الفترة الماضية نجد انهم تجاوزوا ال 15 عضوًا وإذا تذكرنا نهج هؤلاء نجد أن جميعهم كان ضمن سياسة المهادنة مع السلطات دون نتيجة (باستثناء سعيد نفاع الذي اخذ على عاتقه توفير زيارة الاسر الدرزية من اصل سوري وكان قد ارسل عطوفة المغفور له سلطان باشا الأطرش كتائب لمحاربة العصابات الصهيونية عام 1948 وقد استشهد العشرات منهم ورجع البعض إلى وطنه سوريا وأغلقت الحدود وبقيَ المئات وتوزعوا في قرانا وانشأوا اسرهم بعيدين عن ذويهم فوفر لهم السيد نفاع بعد عدة عقود من الزمن الحاجة الإنسانية اعتبرتها القوى الفاشية التي تحكم البلاد جريمة قانونية وقد كلف ذلك السيد نفاع سنة ونص من سجن وسحب رخصة المحاماة، ولو اخذنا تجارب أعضاء الكنيست الدروز نجد انهم لم يستطيعوا بالنهج الذي يلوح به منصور عباس من التحصيل المطلوب الذي حصلته القرى العربية التي ناضلت ضد سياسة السلطة، واعتقد انه من المفروض ان نستخلص العبر اللازمة من تجارب وممارسات الاخرين فالتجربة اكبر برهان، تجربة اكثر من سبعون عامًا ولا سيما وأن من يحكم اليوم هم غلاة العنصرية وخاصة أن من يقف على رأس سدة الحكم هو نتنياهو، ولا اريد أن ادرج النماذج التي تثبت مدى ظلاميته لأنها حاضرة في اذهان الجميع، ومرة اخرى اعود إلى تجربة الدروز، يزعم نتنياهو عند زيارة قرانا وقيامه بمعانقة (زعاماتنا) بانه يحب الدروز لما لهم فضل عليه ذلك لان المدعو سليم الشوفي من الجولان السوري المحتل كان قد انقذه من الموت المحقق في جبل الشيخ عندما أصيب وتُرك ينزف، نحن ندرك أن نتنياهو لا يحب غير ذاته وكل ما يزعمه هو مجرد ضريبة كلامية يضحك بها على البسطاء، وغير البسطاء فهو يملك موهبة خارقة في الخداع وإذا استطاع أن يخدع الجهاز القضائي في الدولة وكافة المؤسسات والشخصيات وعلى راسم الجنرال غانتس فهل لا يستطيع أن يخدع منصور عباس، ومع ذلك نقول له: يا اخي جرب ولكن لا تستخدم الدين فشعبنا بحاجة ملحة للوحدة والمحبة وليس إلى الفرقة، املا بالحصول على فتات غير مضمون، وسأقول له مع طرفة بن العبد في معلقته: "ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود".