نتنياهو يُتكتِك، ونحن؟ وسيم مصطفى حصري- ام الفحم
يعلم رئيس حكومة اليمين بنيامين نتنياهو انه لن يشكل حكومة في حال تحقق امران اثنان؛ زيادة التمثيل العربي وزيادة في تمثيل حزب أفيغدور ليبرمان.
نتنياهو داهية سياسية متخصص في الحملات الانتخابية ومتربع على كرسي رئاسة الحكومة لفترة قياسية امتدت الى ثلاثة عشر عامًا، منها عشر سنوات على التوالي بدأت في العام 2009 وحتى هذا اليوم.
وهو خبير في الخدع الإعلامية والاستراتيجيات التسويقية، يدير حملته الانتخابية بنفسه، ينظم الرسائل الانتخابية والإعلامية بدقة لتترجمها فرق العمل وفقًا لتوجيهاته الى أفعال وخدع إعلامية، تهدف لتحصيل النتيجة المرجوة له بعكس من نافسوه وينافسوه والذين يعتمدون بشكل كلي على توجيهات الطواقم المهنية والمستشارين بشتى أنواعهم وينفذون نصائحهم بشكل شبه كامل.
لسنا بصدد استعراض سيرة نتنياهو الذاتية ولا استعراض قدراته، ولكنها محاولة لتحليل ما يفعله اليمين ونتنياهو خاصة، ليبقى في الحكم وبالذات منذ ازمة الكنيست الأخيرة وانطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات في أيلول القريب، أولا: بعد اعلان الانتخابات نتنياهو يعيين عضو الكنيست اوحانا ليكون أول وزير قضاء مثلي في إسرائيل .
يأتي هذا التعيين بعد أن اقصى نتنياهو الوزيرة السابقة ايليت شاكيد المحسوبة على تيار الصهيونية الدينية في اليمين الإسرائيلي، هذا الاقصاء والتعيين برأيي ليس رسالة للتيار الذي تمثله شاكيد، ولكنه رسالة للتيار الليبرالي لينفي نتنياهو عن نفسه تهمة الخضوع للمتدينين المعارضين لحقوق المثليين، وليذكّر حزبه بانه ليس في جيب التيار الصهيوني الديني، تقوية لحزبه وشحذًا لهمم اعضاءه في الانتخابات. هذا التعيين هو مؤقت ومنزوع الصلاحيات ومقيّد، الوزير الجديد يعلم ذلك، ويعد نتنياهو بان تعود هذه الوزارة الى ياريف ليفين، من المقربين جدا لرئيس الحكومة والبلدوزر في مجال القانون لشرعنة خطوات نتنياهو الشخصية والحزبية.
ثانيًا: يرسل نتنياهو وبواسطه مقربه ناتان ايشيل رسالة غمز لقطاعات عربية ليوهمها ا بان هناك فرصة للتعاون بين اليمين والعرب في هذه الانتخابات، على أساس قاعدة التنازل عن الحقوق الجماعية مقابل الاستثمار في التعليم، الاقتصاد والامن الداخلي ( قضية العنف). تدغدغ هذه الغمزات بعض الطامحين لمقعد في البرلمان على اختلاف أهدافهم ومصالحهم ونزعاتهم الليبرالية. وبالتوازي يستمر نتنياهو ببث اكاذيب وافتراءات ليدب يأسا في نفوس الناخبين العرب ويصور الاحزاب العربية كغير شرعية ويجب تبديلها بمن يرضى أن تُختزل قضيته لتحسينات في التعليم، في الاقتصاد وفي الامن الشخصي. هذا الغمز قد يشجع البعض على اقامة حزب عربي بديل اخر، يكسر الالتفاف حول "المشتركة" يدفع العرب لعدم المشاركة في التصويت و يحرق كمية من الأصوات على حساب المشتركة.
ثالثًا: وفي محاولاته لمنع ليبرمان من زيادة التمثيل، وبعد أن أدرك أن زيادة تمثيل حزب ليبرمان ستأتي من جمهور يميني، علماني وكاره للمتدينين لان هذا ما يبثه ليبرمان نفسه في خطابه واجنتده، يستحضر نتنياهو ويدعم ويدفع برئيس بلدية طبريا العلماني اليميني الشعبوي "قاهر المتدينين" الى تشكيل حزب يقتص من أصوات ليبرمان ويحرقها لتعود بالفائدة على الحزب الأكبر أي الليكود. أي حزب من القش هدفه حرق الأصوات.
رابعًا: تعيينات وزارية مؤقته لإرضاء قطاعات واسعة من الليكود وحتى لتطمين شركاءه السابقين اللاحقين لحكومته.
يعيين دافيد أمسالم، لإرضاء قطاعات شرقية شعبوية في حزبه وزيرا للاتصالات، يُعين سموتريتش وزيرا للمواصلات ورافي بيرتس وزيرا للتعليم، ليطمئن ويقوي التيار الصهيوني الديني في الانتخابات.
سنشهد حتى الانتخابات خطوات فعلية ومركبة وكيدية أكثر بهدف الانتصار في اخر معارك نتنياهو وما يمثله ومعركته الشخصية ايضًا.
خلاصة الكلام، نتنياهو يستيقظ ليخطط ويُتكتك، ويسعى ليتوج نفسه ملكًا لإسرائيل وفقًا للمفهوم الديني، نتفق جميًعا أن نتنياهو يسعى الان الى تصفية القضية الفلسطينية مستعينًا بالأصدقاء القدماء-الجدد من حكام الرجعية العربية بواسطة وهم "السلام الاقتصادي" من خلال صفقة القرن التي ستبدأ بعد أن يتولى رئاسة الحكومة مجددا وقبل محاكمته. وعلينا جميعًا أن نساهم في منع ذلك.
الطريق الوحيد المتاح الان لمنعه هو وضع كل وزننا الانتخابي كعرب فلسطينيين أصحاب حقوق جماعيًة وفرديّة وبنضال مشترك مع القوى الديمقراطية اليهودية التي نتفق معها على هذا. والقائمة المشتركة على كل عّلاتها ستساعد في تحقيق ذلك، الان والان بالذات.
(ام الفحم )