طلب ملك سيراكوس من العالم أرخميدس أن يفحص تاجه، بدون أن يؤذيه، إذا كان مصنوعا من الذهب الخالص، وخاليا من النحاس و... فكّر أرخميدس وبحث و... ثمّ دخل حمّاما عامّا ليغتسل؛ فاكتشف العلاقة ما بين قوّة دفع السائل/ الماء للأجسام المغمورة إلى أعلى، والوزن النوعيّ للمادّة المصنوع منها الجسم؛ فخرج أرخميدس "عاريا" إلى الناس، يجري ويصيح: وجدتها وجدتها (يوريكا).
لم يتعلّم بيبي نتنياهو من أرخميدس إلّا كلمة "وجدتها "؛ فوقف كالمهرّج في مؤتمر ميونخ للأمن، ملوّحا بلوحة معدنيّة "وجدها"، ونسبها إلى طائرة إيرانيّة بدون طيّار، حاولَت اختراق المجال الجوّيّ الإسرائيليّ؛ فأسقطتها .... ويتشاطر بيبي الساحر، كالنائب العامّ للشرطة، في مسرحيّة "شاهد ما شفش حاجة"، بعد أن سمع جواب الممثّل عادل إمام عن جارته القتيلة، بأنّ "الناس قالولو" : إنّها كانت ...؛ عندها صرخ النائب في وجه مدوّن المحضر: "اكتب كذا وكذا وكذا، والدليل قالولو".
سأل بيبي وزير خارجيّة إيران وهو يرفع الدليل/اللوحة: "سيّد ظريف، هل تعرّفت عل هذه؟"، ثمّ بدأ جدّه، فأظهر هرجه وغضبه، وهدّد بالتحرّك ضدّ إيران، ووكلائها، إذا لزم الأمر، والدليل على لزوم الأمر: "قالولو": " لوحة معدنيّة لطائرة إيرانيّة" تغطّي على التحقيقات والتهم!
لن يستطيع بيبي نتنياهو أن يخدع كلّ الشعب الإسرائيليّ كلّ الوقت، لم تعد تنطلي على عاقل ادّعاءاته بأنّه أعظم حريص على أمن إسرائيل، وأخلص أمين على مصالحها؛ فبيبي نتنياهو غارق حتّى أذنيه بتهم الفساد والرشاوى، وتلاحقه تحقيقات الشرطة المشبعة بالدلائل والقرائن والإثباتات و... والشهود.
انتهى بيبي، وسقوطه الحتميّ إثبات على أنّ سياسة اليمين الفاشيّ الإسرائيليّ متصدّعة، ولا بارقة أمل فيها، وخطابه العنصريّ تمجّه أسماع الغالبيّة و... بناء على ذلك، حذّر الكاتب والصحفيّ اليهوديّ التقدميّ، "جدعون ليفي"، في مقال له في صحيفة "هآرتس"، من بديل أدهى وأمرّ من بيبي، وكأنّه يقول: دعوت على عمرٍو فمات؛ فسرّني فعاشرت أقوامًا بكيت على عمرو.
لماذا يحذّر جدعون ليفي من البديل الأسوأ؟
أنا أحترم وأقدّر و... جدعون ليفي، وأشهد على أنّه صاحب نظرة تحليليّة جدليّة صادقة وثاقبة وواقعيّة وجريئة و.... فجدعون يعرف أنّ البدائل المطروحة الآن لخلافة بيبي هم: يائير لبيد، وجدعون ساعر، ويسرائيل كاتس، ويتخوّف من أنّ لبيد، كبديل سياسيّ، لا يفتّش على قطعة النقود المفقودة حيث سقطت في البقعة المظلمة؛ فيجتهد في البحث عنها حيث يوجد ضوء، والدليل اتّباعه لأسلوب بيبي السطحيّ، ولسياسته العدوانيّة، وتقليده في حبّ المظاهر والأضواء، وفي شرب الشمبانيا، وتدخين السيجار.
رسالة "دوز دوغري" إلى جدعون ليفي.
أتمنّى أن أكون مخطئا، إنّني أقرأ ما بين سطور مقالتك تلميحا وإشارة ودعوة لقبول "المنقذ" إيهود باراك، كأفضل بديل لرئاسة الحكومة، في الظروف الحاليّة، ربّما مع إشادة! فما رأيكم؟