طلاب شفاعمريون في المانيا: بين قسوة الغربة وتحقيق الآمال...
2013-02-22 19:31:49

أن الدراسة الجامعية في خارج البلاد ليست من المستحيلات ولكنها ليست نزهة على شاطئ البحر.. فالعلم قيمة من القيم العليا ، ويبني ويؤسس الإنسان عليها حياته. فطلبه واجب إنساني، وحتى طلب رباني، وصدق من قال أن العلم عبادة من العبادات.

لكل فرد منا أهدافه في الحياة.. وللحياة هدفاً أسمى، يسعى الإنسان من أجله ، ان كان في بلده أو في المانيا وحتى اوكرانيا والصين...

كنت شاهداً لأسبوع كامل على حيثيات وتحركات بعض سفراء العلم من مدينة شفاعمرو في الجامعات الألمانية وخاصةً في جامعة ماينز..يتعلم فيها 6 طلاب من شفاعمرو.. تعتبر ماينز مدينة رائعة تقع وسط شمال المانيا بجانب مدينة فرانكفورت ويقطن فيها 300 الف نسمة ويمر في وسطها نهر الراين العريق..

أوقفني المثل القائل "اطلب العلم ولو في الصين"، وتمعنت به، مع العلم ان طلابا عربا قلائل من وصلوا الى الصين لطلب العلم، ولم يكن تحليلي بعيداً، الا ما شاهدته يكفي لأفسر المثل ان من طلب العلم بالفعل تمر عليه أيام وليالي غارقاً بالدراسة بين أروقة الكتب وشاشات الحاسوب ويبذل أقصى طاقة في سبيل تحقيق النجاح.. واذا انقضى من أيامه يوما بدون علم فهو في الحساب غير معدود...

الدراسة في الخارج ليست سهلة تحتاج الى موارد مادية.. سيما عندما يكون والد هو المعيل الوحيد لعائلته، ولديه أكثر من طالب يدرس في الجامعات.. ناهيك عن الغربة والتأقلم والحفاظ على الهوية وتعليم اللغة.. وبين حضارة جديدة وبين الحفاظ على عادات حضارته وتقاليدها وفرائضه الدينية وغيرها..

لذلك تكون معاني الفريضة في طلب العلم، أمراً يغير مجرى حياة البعض ليصبح مطلبه من أوجب واجبات الإنسان.. أن يسعى لطلبه والبحث عنه مهما كلفه من ثمن اضافة  الى مشاق الغربة والبعد الجغرافي..

خلال رحلتي القصيرة الشيقة والممتعة، التقيت طلاب شفاعمرو الستة..وهم الشقيقان حاتم ومحمد ابراهيم كتاني، مراد موسى زيود، أمجد عمر نفاع، رمزي حسين زيود، وعلاء عماد الحاج.

بالرغم من البرد القارس وبعض الأيام التي تزينت فيها الأرض بالسجاد الأبيض، ولكن ما أثلج صدري قلوبهم المليئة بالإرادة والتفاؤل... وصدق المثل القائل.." مهما سقطت الثلوج الا وتحتها مروج"...نعم مروج من التضحية وطلب العلم وسهر الليالي المدلهمة التي تلبدها بالغيوم البيضاء والسوداء ولكن خلفها كوكبة من النجوم ستتلألأ في المستقبل القريب والبعيد...لا أبالغ عندما قررت اللقاء بهم وأعد التقرير ساورتهم دموع  ممزوجة بين الفرح ودموع الفراق عن الأهل...

الطالب حاتم ابراهيم كتاني (26) عاماً

مع بداية هذا العام انهى السنة السابعة ونجح في جميع الامتحانات الجامعية بامتياز وفي هذه الأيام بدأ المرحلة الأخيرة وهي مرحلة التطبيق المهني في المستشفى الطبي الجامعي في مدينة ترير .

ويقول: أولاً نقدر عاليا ولا يوجد كلمات تقدر دعم الأهل بالرغم من الصعوبات، وعلينا أن نتوج هذا العطاء بالعودة ورؤوسنا  شامخة بشهادة الطب ، في المانيا نقوم باستثمار الوقت الكبير من أجل التحصيل العلمي وهنا العلم يحتاج إلى جهد كبير وعناء، ولكن الإرادة القوية في طلب العلم تجعلنا نغوص في أروقة مكاتب الجامعة وتحقيق النجاحات، وفي معظم الأحيان نحن نعتمد على انفسنا في غسل الملابس وتجهيز الطعام وتنظيف غرفنا وهذا يزيدنا قوة في الاعتماد على النفس في معظم المجالات.

رمزي حسين زيود: (21) عاماً

هذه السنة الثالثة لي في الجامعة الألمانية ، أدرس الطب العام في مستشفى الجامعي في مدينة ماينز، ونحن نقدر اهل البلد المانيا ومدينة ماينز وحسن الضيافة.

ويضيف رمزي: ليس من السهل التعليم في بلاد غريبة ونشعر بقوة الإرادة وبفضل رب العالمين يزداد اصرارنا على التعليم يوما بعد يوم  ولا ننسى دعم الأهل والأصدقاء ونحن سائرون في خطواتنا التعليمية لنتوجها في نهاية المطاف بشهادة الطب.

مراد موسى زيود: (26) عاماً

هذا العام انهى سنته التطبيقية ويدرس للامتحان الأخير الألماني في شهر نيسان القادم ، ويقول هذه الفترة مرت مثل لمح البصر.. وأقول للراغبين التعليم في الخارج ومن يستطيع ذلك ولديه كفاءات عالية جدا انصحه ان يتعلم الطب في الجامعات الألمانية نظرا للمستوى العلمي الرفيع وبالإضافة الى الأجواء المتهيئة للدراسة، وشخصياً بدأت بالاعتماد على النفس منذ اللحظة الأولى وهذا أكثر ما أوصي عليه لغيري".

 

امجد عمر نفاع 28 عاماً

يقول الطالب امجد نفاع الذي يستعد للامتحان الأخير: ليس سهلاً الدراسة في المانيا باعتبارها من الدول الراقية وذات مستوى عال في مجال الطب، ولكن إرادتنا لتحقيق النجاح اصبحت اسلوب رؤيتنا وتميزنا كطلاب عرب في الجامعات الألمانية، هذه السنة الثامنة في دراسة الطب في المراحل الأخيرة، في المستشفى الجامعي ماينز، بدون شك الغربة ليست سهلة والبعد عن الأهل له تأثير ولكن نجاحنا يقرب الغربة الى حضن فرحة الأهل بنيل الشهادة والعودة للبلاد نحمل رسالة الطب.

ولكن خلال هذه السنوات اندمجنا في أجندة جديدة  ولكن بفضل الباري عز وجل نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا  وايماننا يزداد يوم بعد يوم.

 محمد ابراهيم كتاني : (20) عاماً

يعتبر من أصغر الطلبة الشفاعمرين في الجامعة ، يقول هذه السنة الأولى في الجامعة وأدرس موضوع الطب العام، في جامعة ماينز، وعن اختياره الدراسية في الخارج قال: اولا احد الأسباب وجود شقيقي حاتم منذ فترة وجيزة في المانيا ولديه الخبرة في الجامعات والسبب الثاني لدي الكفاءات العالية بالإضافة الى الرغبة منذ الصغر للسفر الى بلد اوروبي وذلك لعدة اسباب التعرف على حضارات جديدة تحمل المشقة والمسؤولية وتحقيق هدفي العودة مع شهادة الطب، وكما قال المثل: " الغربة صعبة ولكن تحقيق المنال يجب علينا صعود الجبال".

وكذلك لا ننسى وقفة الأهل الكبيرة الى جانبنا في الدعم ونحن نقدر عاليا وقفتهم الكبيرة.

 

علاء عماد الحاج : ( 28) عاماً

يقول الطالب علاء الحاج، شخصياً في السنة الأخيرة من التطبيق في مستشفى ماينز، ونستعد للامتحان الدولي، بدون شك تواجه بعض لطلبة بعض المشاكل وخاصة في سنواته الأولى، ولكن نحن الشفاعمريون نساعد بعضنا البعض حتى لا نشعر بقساوة الغربة.

ولكن بحاجة أحياناً الاحتكاك بالآخرين من خلفيات ثقافية مختلفة، حيث يكتسب الطالب ثقة أكبر في نفسه وثقافته، ويتعلم احترام الثقافات المختلفة، والالتزام بالوقت المقدس في المانيا، إجمالاً التعليم في المانيا ليس سهلاً ولكن من يستطيع ان لا يفكر مرتين.

وأخيراً وبشكل شخصي أتقدم انا كاتب السطور بجزيل الشكر الى الأخوة الطلاب فرداً فرداً على استقبالهم وضيافتهم  وعلى مرافقتي في الجولات، وبالفعل علينا ان نقدر عاليا طالبي العلم ومدى حرصهم بالعودة مرفوعي الرؤوس وهم يحملون شهادة الطب، ثم همسة لرجال الأعمال ان يقدموا الدعم لهؤلاء الطلبة ، مع العلم ان المانيا بمدنها تضم مئات الطلاب من مختلف المدن والقرى العربية.. الذين نتمنى لهم النجاح جميعاً.

ثم لا بد كذلك من كلمة تقدير للأهل على وقفتهم بدعهم المتواصل لأبنائهم بالرغم من الظروف الاقتصادية، وتحمل غربة ابنائهم....

وأخيراً جملة كان يرددها الطلاب تبين مدى الارتباط الاجتماعي مع وطنهم واهلهم حيث قالوا : " نحن ننتظر بشغف رؤية الأهل في كل مرة، وننتظر طعام امهاتنا والحلويات الشفاعمرية" ، ثم كان أخر كلامهم الدعاء برضى الباري عز وجل ورضى الوالدين.

 





































 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق