المحامي زكي كمال: قرار محكمة العدل العليا من شأنه أن يرسم الصورة المستقبلية للحكم في إسرائيل
08/05/2020 - 10:06:38 am

المحامي زكي كمال: محكمة العدل العليا اثبتت انها جزء من منظومة الحكم في اسرائيل وأنها لا تتخذ قرارات تخالف مواقف السلطتين التشريعية والتنفيذية

* نتنياهو ألمح بوضوح ان الانتخابات الرابعة، اذا ما جرت بفعل تدخل المحكمة، ستكون بين مؤيدي الجهاز القضائي ومعارضيه أي “رئيس الحكومة مقابل رئيسة المحكمة”* النظر الى جلسات محكمة العدل العليا وقراراتها على انها مجرد حدث موضعي يشكل خطأً فادحاً وتجاهلاً للأبعاد الحقيقية الكبيرة* رد المستشار القضائي للحكومة الدكتور افيحاي مندلبليت الى المحكمة كان “ البوصلة او المنارة” التي سار باتجاهها قرار المحكمة* المحكمة أوضحت تناقض المصالح بين كون رئيس الوزراء متهم بتهم جنائية خطيرة وبين كونه من الجهة الأخرى المسؤول عن تطبيق القانون ومحاربة الفساد* أحذر من استخدام الكورونا عذراً للتضييق على حريات المواطنين وخرق القوانين * السياسة المستقبلية للدول يجب ان تتجه الى ضمان صحة المواطنين وامنهم الاقتصادي والغذائي والتشغيلي وكيفية مواجهة الآفات* الكورونا شكلت غطاءً لتقارب إسرائيل وحماس حول تبادل الاسرى وإستمرار الضربات العسكرية الاسرائيلية ضد اهداف ايران في سوريا* الصمت الروسي إزاء الضربات العسكرية في سوريا تعني ان بوتين يعيد النظر في حساباته. بين موقعين محددين وقريبين جداً في مدينة القدس، دارت عملياً الأحداث الرئيسية محط الاهتمام الإعلامي والجماهيري هذا الأسبوع أولهما محكمة العدل العليا التي التأمت مرتين لبحث الالتماسات ضد الاتفاق لتشكيل الحكومة القادمة المسماة بغير حق حكومة الطوارئ او الوحدة الوطنية، ولبحث مدى أهلية بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة القادمة وسط لائحة الاتهام الخطيرة التي قدمت بحقه، والثاني مكتب رئيس الحكومة ومقر الحكومة حيث دارت جلسات ماراثونية لبحث الخطوات القادمة الهادفة للخروج من “ازمة الكورونا”، لكن “غبار المعركة” في هذين الموقعين أخفى وراءه أسئلة وقضايا تعتبر تأثيراتها بعيدة المدى سياسياً وقضائياً وأخلاقياً وقيمياً وجماهيرياً ستضطر دولة إسرائيل لمواجهتها على اختلاف انتماءات مواطنيها ومشاربهم وعلى اختلاف سلطاتها بعد انتهاء “قضايا نتنياهو” وربما “ انتهاء عهد نتنياهو” وبعد انقضاء أزمة الكورونا في البلاد والعالم. عن هذا والمزيد كان لنا الحديث التالي مع المحامي زكي كمال: «الصنارة»: جلسات ماراثونية في محكمة العدل العليا لبحث الاتفاق لتشكيل الحكومة القادمة والمطالب بمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة القادمة تم نقلها لأول مرة ببث مباشر وفي النهاية قرار برد كل الالتماسات وبالاجماع كيف ترى ذلك؟ المحامي زكي كمال: انني اتفهم تركيز الاهتمام الإعلامي والصحافي والسياسي والحزبي حول ما جرى داخل المحكمة باعتبار الجهات الإعلامية والسياسية والحزبية تنظر الى الأحداث من منظور الاهتمام الآني وقصير المدى، لكنني ورغم تفهمي أؤكد ان هذه النظرة تشكل الخطأ بعينه إذ أنها نظرت الى ما حدث على انه « امر موضعي» او « حدث عابر» ناقشته المحكمة واتخذت قرارها حوله وانتهى « وكفى الله المؤمنين شر القتال»، وهذا أمر خطير يعني « إخفاء الرأس في الرمال» وتجاهل الابعاد والتأثيرات المستقبلية لما حدث خاصة وان دولة إسرائيل وجهازها القضائي والحزبي والسياسي والبرلماني ستبقى موجودة بعد انتهاء جلسات المحكمة وبغض النظر عن قرارها العيني في هذه الالتماسات التي ردتها وبالاجماع، كما ستبقى موجودة بعد ان تزول من جدول الاهتمام قضية الحكومة القادمة والشؤون المتعلقة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. «الصنارة»: وكيف ذلك؟ فالقضية التي طرحت هامة للغاية تتعلق بمدى أهلية عضو كنيست متهم بتهم جنائية لتشكيل الحكومة القادمة وقضية الاتفاقيات الائتلافية وما فيها من « حيل وتحايل» وتشريعات غير مسبوقة؟ المحامي زكي كمال: قبل التطرق الى ما جاء في سؤالك تجدر الإشارة الى ان نتنياهو حقق انجازاً «غير مسبوق» حتى قبل بداية الجلسة وأقصد تحول « ازرق ابيض» بقدرة قادر او بفعل اتفاق ائتلافي الى اكبر المدافعين عن حق نتنياهو في تشكيل الحكومة رغم لوائح الاتهام بحقه. بما يتعلق بالسؤال فإنني أؤكد هنا ان الجلسات ومضمونها لم تكن لي على الأقل بتلك الاهمية التي عول عليها الاعلام الاسرائيلي على اختلاف انتماءاته وأجنداته ورغم ضحالة تعاطيه مع هذه القضية. وان القرار كان متوقعاً ولم يكن مفاجئاً ولم يحدث أي تغيير دستوري وقضائي يذكر وذلك لسبب رئيسي واحد ووحيد هو ان رد المستشار القضائي للحكومة الدكتور افيحاي مندلبليت الذي قدم الى المحكمة يوم الخميس الماضي كان « البوصلة او المنارة» التي سار باتجاهها قرار المحكمة خاصة ما جاء فيه من انه « ليس هناك أي مانع او عائق قضائي يمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة رغم لوائح الاتهام» وذلك « رغم الأسئلة القيمية الكبيرة التي يثيرها اختيار عضو كنيست متهم بتهم تتعلق بنقاء اليدين لتشكيل الحكومة». قرار المحكمة لم يكن مفاجئاً لي بل متوقعاً ومجريات الجلسات والاسئلة والملاحظات والانتقادات التي وجهها القضاة للملتمسين في قضية أهلية نتنياهو لتشكيل الحكومة، تشير الى ان محكمة العدل العليا ورغم تركيبتها الموسعة كانت أضعف من ان تدخل في مواجهة مع السلطة التشريعية او التنفيذية وأنها « لا تريد حرباً مع السياسيين واليمين وأنها تريد البقاء على قيد الحياة» ولذلك امتنعت عن اتخاذ قرار أمكنها اتخاذه يقضي بمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة. «الصنارة»: واي اهداف قد تكون للمستشار القضائي؟ المحامي زكي كمال: رد مندلبليت باعتباره اليوم المسؤول الأول عن الادعاء العام جاء ربما لتحقيق عدة اهداف ومن عدة منطلقات الأول والأهم فيها ربما هو ان اتخاذ قرار بمنع نتنياهو من تشكيل حكومة بسبب لائحة الاتهام المقدمة بحقه سوف يحوله الى « قديس معذب يتعرض للملاحقة المقصودة والشخصية « من الجهاز القضائي الذي « يلاحق نتنياهو واليمين» ويمنعه من « الحصول على حقه الأساسي والمبدئي والديمقراطي» في الدفاع عن نفسه واثبات براءته من التهم الموجهة اليه او انه « يريد حسم مصير نتنياهو السياسي بوسائل قضائية» وهو ما وصفه نتنياهو واليمين بانه « انقلاب للحكم بواسطة القضاء»، وهو بذلك انما يعترف ان رئيس الحكومة يشكل حالة مختلفة عن حالة أي وزير او عضو كنيست متهم تتهم جنائية (القرار القضائي حول درعي وبنحاسي) وذلك لأن اقالة رئيس الوزراء او انهاء فترة ولايته تحمل ابعاداً اكبر تأثيراً على البلاد عامة من اقالة نائب في البرلمان أو وزير. الأمر الثاني هو ان مندلبليت يريد الوصول الى حالة «تحارب النيابة فيها على جبهة واحدة مركزية فقط» وهي جبهة الملف الجنائي المقدم بحق نتنياهو واثبات ارتكابه مخالفات تتعلق بالرشوة وخيانة الائتمان والمس بمبدأ نقاء اليدين وذلك خلال تأديته مهامه كرئيس للحكومة بكل ما يعينه ويحمله ذلك من خطورة، ومن الممكن ان مندلبليت يتجاهل إمكانية قيام الائتلاف الحكومي بسن القانون الفرنسي الذي سيمنع استمرار محاكمة نتنياهو. بالمقابل أكد مندلبليت ان الاتفاق الائتلافي عملياً يحمل في طياته عدداً من البنود السيئة او غير المعقولة أي انه عملياً طلب من المحكمة شطب عدد من البنود في الاتفاق دون شطب الاتفاق برمته، وهنا سوف يستغل ذلك الطيف الليكودي الذي يريد إجراء انتخابات رابعة وإلغاء الائتلاف. «الصنارة»: ورغم ذلك؟ المحامي زكي كمال: جلسات المحكمة وقرارها والقضايا التي طرحت امامها تطرقت الى عدد من القضايا ذات الأهمية القصوى ومنها الموازنة او المفارقة بين قرار الناخب من جهة وبين نقاء اليدين للمرشحين من جهة أخرى او قضية «التناقض» بين كون رئيس الحكومة المسؤول عن تطبيق سلطة القانون أي تعيين المستشار القضائي للحكومة والمفتش العام للشرطة والمدعي العام للدولة وغيرهم وبين كونه المتهم بجنايات في نفس الوقت، وكذلك التناقضات الجوهرية بين « القرار السياسي والقيم الأخلاقية والجماهيرية»، أي هل يمكن إخضاع القوانين والتشريعات وقرارات الجهاز القضائي لرغبات السياسيين وخدمة لأهدافهم التي قد تتغير بتغير مصالح السياسيين واهدافهم. من جهة أخرى فإن جلسات محكمة العدل العليا طرحت على طاولة البحث قضايا أساسية قضائية ودستورية أولها خطورة عدم وجود دستور مكتوب وواضح للدولة يشمل قوانين ونصوص واضحة لمواجهة كافة القضايا والمشاكل بما فيها القضايا التي تشكل التقاءً يميزه عدم الاتفاق بين السياسة والقيم وبين المصلحة العامة والمصلحة الشخصية وبين « ما يريده المواطن وما يحتاجه المواطن « كما قال دافيد بن غوريون «الصنارة»: لكن الكورونا هي التي استوجبت ذلك؟ المحامي زكي كمال: لا علاقة اطلاقاً بين الكورونا وبين اتفاق تشكيل الحكومة القادمة ورئيسة محكمة العدل العليا القاضية استير حايوت التي تساءلت خلال جلسات المحكمة: ما العلاقة بين الكورونا وبين البند في الاتفاق الذي ينص على تجميد التعيينات للوظائف الهامة والأعتبارية أو منع التشريعات خلال نصف العام الاول من ولاية الحكومة باستثناء تلك المتعلقة بالكورونا ما يشكل عملياً مساً بالسلطة التشريعية واخضاعها للسلطة التنفيذية. من جهة أخرى فإن الكورونا استوجبت استخلاص عبر عديدة خاصة وأنها اثبتت ان إسرائيل لم تكن جاهزة لمواجهة الكورونا لو كانت حقا آفة دولية سرعان ما تتحول المشاكل والازمات الاقتصادية والصحية والكوارث الطبيعية الى ازمات امنية تتطلب عملياً تدخل الجيش والجبهة الداخلية والموساد والشاباك لمواجهتها ، كما انه اتضح في إسرائيل كما في العالم ان الكورونا لم تكن فقط حدثاً صحياً بل حدثاً هاماً له تأثير على العلاقة بين الدولة ومواطنيها. هنا لا بد من الإشارة الى ان استخدام الشاباك والموساد في ازمة صحية لم يثر أي معارضة لدى المواطنين او بين الجمعيات القضائية والحقوقية ما يعني صدق مقولة توماس هوبس من ان « الخوف من الموت هو الدافع السياسي القوى وان المواطنين دائماً على استعداد للتضحية بحقوقهم ألشخصية مقابل ضمان حياتهم وسلامتهم»



المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق