"دروز في زمن الغفلة " ام " دروز في زمن الصحوة"
24/01/2020 - 11:15:12 pm

" دروز في زمن الغفلة " ام " دروز في زمن الصحوة"

تاريخ دروز إسرائيل في القرن العشرين ما بين الحقيقة التاريخية وبين والطمس والتقتير والاسفاف

بقلم: منصور خضور معدي 

الى ارواح اسيادنا المرحومين فضيلة كل من الشيخ امين طريف (ر), الشيخ أبو يوسف سلمان نصر السعد, والشيخ أبو حسن منهال منصور (ر).

الى أرواح مشايخنا المرحومين عطوفة كل من الشيخ لبيب أبو ركن، المشايخ اسعيد وجبر ومرزوق وعلي معدي, حسن وصالح خنيفس, حسين عليان, علي اليوسف اسعد وصالح طربيه

والى روح كل من وقف وحارب وسقط من اجل الدين والأرض والعرض

مقدمة: "لا حاضر لمن لا يؤرخ، ولا مستقبل لمن لا يقرأ تاريخ المؤرخين، ولعل في الوقائع والازمنة المنطوية صفحات طواها الضياع، وأخرى شاءت لها الاقدار ان تحفظ وتدرس وتنشر لترسم سمات فترات او عصور مضت، لتحيي تاريخًا غافيًا بين أسطر الوهن والنسيان بإكسير الأسلوب والكلمة. وعلى المؤرخ ان يصافح التاريخ بيد المروءة والكفاءة، والعلم والثقة، وان يضع نفسه في ميزان القسط والعدل، وان يلون احداث الماضي السحيق بألوان الصدق والأمانة بعيدًا عن الاسفاف، وكذلك التقتير".

صدر مؤخرًا كتاب " دروز في زمن الغفلة – من المحراث الفلسطيني الى البندقية الإسرائيلية " وهو من تأليف المرحوم البرفسور قيس فرو ]المؤلف[ . الكتاب يتناول مواضيع عدة منها، العلاقات الدرزية اليهودية في الفترة الانتدابية البريطانية وفي حرب الاستقلال عام 1948, قضية التجنيد الالزامي والاعتراف بالطائفة الدرزية كطائفة مستقلة، وقضايا أخرى كفصل برنامج التعليم الدرزي من دائرة التعليم العربي، وانتقال أبناء الطائفة من العمل الزراعي الى العمل في السلك العسكري. ويعتبر المؤلف ان في جميع مراحل هذه المدة عملت المؤسسة الإسرائيلية، قبل وبعد 1948, وبصورة ممنهجة على نزع الهوية العربية من الدروز من خلال تطبيق أهدافها وذلك باستغلال او تجنيد قيادات الدروز الدينية والاجتماعية – السياسية كمتعاونين او عملاء لها وان الطائفة الدرزية وقياداتها أضحت ورقة او أداة من اجل ما ذكر. ان خطورة الموضوع لا تقف عند الصاق التهم للقيادات الزمنية التي عملت من اجل الحفاظ على الدين والأرض والعرض، وليس كما ادعت السيدة تفاحة سابا في مداخلتها ابان الأمسية التي أقيمت في قاعات الحديد 17/1/20 "ان هذه القيادات لبيت أبو ركن، جبر معدي، صالح خنيفس وحسين عليان بأنهم متعاونين، من اجل مصالحهم الضيقة".

فهذا الأسلوب التقييمي الاسفافي مستوحى من الكتاب. خطورة الموضوع تتعدى وتفوق ما ذكراعلاه. فوضع القيادات الزمنية في خانة العمالة هو يضع القيادة الدينية كذلك في هذه الخانة. لان جميع القرارات المصيرية الطائفية التي اتخذت منذ الثلاثينيات من القرن المنصرم، وحتى أواخر السبعينيات منه، لم تكن يتيمة او حكر لاحد بل كان اتخاذها بصورة جماعية دينية وزمنية، والوثائق الارشيفية التي يتبناها المؤلف نفسه في بحثه، تثبت صحة هذا القول.

ان بحث الوثائق الارشيفية تعتبر مهمة صعبة للباحث الأكاديمي. فقراءتها تتطلب تمرسًا اكاديميًا. أولًا، منهم من يقرأ سطورها فقط وينتقي ما يخدم اجندته كما فعل المؤلف دون ان يرفق على الأقل وثيقتين لكل موضوع كملحق للتثبيت وتوجيه القارئ. ثانيًا، منهم من يقرأ سطورها وما بين سطورها وينقلها كما هي مع تحليل شخصي ويترك للقارئ الحكم. ثالثًا، علاوة عما ذكر في البند الاخير، منهم يذهب لتحقيق مصداقيتها ضمن مصادر أخرى قامت ببحثها وبالوقوف على انتماء كاتبها، آراؤه، موقعه التأثيري، والاصعب من ذلك القدرة في سبر غور عيونه والنظر من خلالهما ووضع نفسه مكانه وبنفس الفترة. فالمؤلف ينظر من زمننا الحاضر الى الوراء ويأتي بالوثيقة الارشيفية او الشهادة الشفهية كما هي دون ما تطلبه المهنية الاكاديمية. وعندها تتجلى الحقيقة لكل أكاديمي متمرس بقراءة الوثائق ان البحث سطحي ويبحث من منظور شخصي، سردي دون تحليل دون بحث جميع وجهات النظر ليأتي من اجل تثبيت اجندته الشخصية - السياسية. فقد تحفظ المؤلف من موضوع الوثاق الارشيفية اليهودية ولكن ليس من باب ما ذكر أكاديميًا. فينعدم تحليله الشامل او وقوفه بصورة موسعة على كل من وجهات النظر، الدرزية الزمنية والدينية المحلية، القيادية الدرزية السورية واللبنانية، البريطانية الانتدابية، اليهودية والعربية الفلسطينية والخارجية. فالمؤلف في تذيله لأسماء المصادر وخصوصًا الارشيفية، كما هو متبع الكتابة: أرشيف/ ..../ رقم..../ تاريخ .. يوحي بالقارئ ان سرده صحيح.

يعتبر البحث ترجمة للكتاب الذي أصدره المؤلف وبالإنجليزية عام 1999 تحت عنوان " الدروز في الدولة اليهودية". وادخل على هذا الإصدار الأخير بعض المواد من إصدارات أخيرة. والمؤلف معروف بميوله اليساري وباسلوبه الأكاديمي الذي يوحي الى جمع المعلومات، سردها ومن ثم بناء نظرية  (Theory) لتثبيت ادعائه. 

والكتاب يعد، ومن وجهة أكاديمي باحث في موضوع التاريخ والمختص ببحث هذه الفترة وخصوصًا بالوثائق العثمانية والانتدابية، يعد تسيسًا للتاريخ ودحض الحقيقة التاريخية من اجل تحقيق اجندة فكرية عصرية حديثة. وكذلك رهان على تاريخ طائفة التي ضحت الكثير من اجل دينها وارضها وعرضها، وقامت بإنقاذ أكثر من 250000 عربي من خطر النزوح واللجوء، امر لم تقدم على عمله كل الجيوش العربية المتخاذلة آنذاك. فكتاب الدكتور عادل مناع " نكبة وبقاء – حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل 2015”، وكتاب الدكتور شكري عراف " لمسات وفاء و.. 2007" وكتاب فؤاد عبد النور " الجليل والأرض والانسان 1990 "هم أكبر برهان على ذلك. فهذه المصادر العربية – الفلسطينية تخلو من قائمة مصادر كتاب المؤلف قيس فرو. فالمصادر العربية التي تشهد لدور الدروز البطولي والإنساني، في خضم أحرج الأوقات المصيرية في بلادنا، وخصوصًا عشية وخلال حرب الاستقلال 1948 , تحذف وتضرب في عرض الحائط.

ان هذا التقتير الأكاديمي وطمس الوقائع واخذ القارئ في متاهات، هدفها تطبيق اجندة سياسة يعد طعنة بخنجر مسموم في ظهر كل من البحث الأكاديمي، عرب إسرائيل ومن ثم في ظهر الطائفة الدرزية وكرامتها وقيادتها الدينية والاجتماعية – السياسية والتي اختارها العرب ذاتهم ليمثلوهم في البرلمان الاسرائيلي (المرحومين المشايخ جبر معدي، صالح خنيفس، ولبيب أبو ركن وشفيق الاسعد وكل من السيد امل نصر الدين الذي ما زال يضحي من اجل الطائفة  والشيخ زيدان عطشه والسيد اسعد اسعد الذي وقف على مبادئه الاصيلة من اجل إحلال السلام وإعطاء كل ذي حق حقه، اطال الله في أعمارهم). 

قد يسأل سائل، لما كل هذا النقد؟ فالبحث أكاديمي محض، ويستند الى مصادر ووثائق ارشيفية واوراق درزية مما قد تعزز من مصداقيته!؟  لا شك فيما ذكر، فنحن لا ننكر ذلك ونقدنا غير صادر من بطون ثخينة تملؤها العاطفة. فانتقاء المعلومات بطريقة لا تليق بالأسلوب والادب الأكاديمي، وطمس المعالم الحقيقية، وزرع الرماد والرمل في عيون القارئ، وخصوصًا بموضوع في غاية الحساسية ويهم كل درزي أينما كان، من اجل تطبيق اجندة سياسية، عن طريق تحويل البحث الى محكمة تدار مرافعته بأسلوب سردي، اسفافي، تقتيري يعج بأغلاط تاريخية وغير صحيحه يتخلله المساس بالقيم التي حولها اجماع طائفي، فهذا يعد تعديًا وليس بحثًا.

   ولان التربية والمهنية الاكاديمية تفرض على المؤرخين بقراءة جميع وجهات النظر والتقصي وراء حقائقها والتأكد من مصداقياتها وما كتب عن احوالها، دون الانحياز الى الفكر الشخصي والعقائدي، فبذلك يتسنى الاقتراب الى الحقيقة التاريخية.

هدف الموضوع (المقال): اولًا، الوقوف وباختصار شديد على اصدار المؤلف، دون سبر غور جميع ابوابه. وإبراز حجم الاغلاط التاريخية وعدم ضبطها اكاديميًا، فانتقينا فقط 9 صفحات من الفصل الأول للكتاب حتى نثبت للقارئ مصداقية وصحة ما ذكرناه في المقدمة. 

 ثانيًا الوقوف على مداخلات الندوة الثقافية وموضعها بحث المؤلف اعلاه، والتي عقدت مؤخرًا في دالية الكرمل (قاعات الحديد – 17/1/2020) بمبادرة السيد مرزوق حلبي.

ملاحظات عامة: 

  1. الفترة الزمنية للبحث، تمتد من بداية سنوات الانتداب البريطاني الى سنوات السبعينيات من القرن الماضي. ففي هذه الحقبة الطويلة مرت الطائفة الدرزية، اقلية صغيرة لم تتعد انفارها عام 1948 ال 15000 نسمة، في عدة مراحل وتطورات وتحديات مصيرية وضعتها تحت المحك وامام خيارات عدة، البقاء ام النزوح، انخراطها لاحقا في حياة الدولة ام تهميشها، الاعتراف باستقلاليتها الطائفية كحق شرعي اسوة بدروز لبنان وسوريا ام الخضوع والخنوع وشملها ضمن إطار طائفي اخر وبذلك يتسنى تهميش قيادتها الدينية والاجتماعية وطمس معالمها وتاريخها. فمنذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى بعد قيام دولة إسرائيل لم تأل الطائفة الدرزية في بلادنا جهدًا لتحقيق مطلبها هذا. فمن الصعب ربط او وضع كل هذه المستجدات في بوتقة واحدة والجزم في الاستنتاج او التوصل الى حقيقة تاريخية او نظرية. فكل عقد من هذه الحقبة تأثر بمجريات داخلية وخارجية. 

  2.  المنظور البحثي، وهو امر في غاية الأهمية الاكاديمية، حيث يبحث المؤلف تسلسل المستجدات التاريخية من منظور اليوم او السبعينيات من القرن الماضي الى الوراء الى العقود الأولى من القرن الماضي أي سنوات بداية البحث.

  3. يطرح المؤلف وجهة النظر اليهودية فقط دون بحث وجهة النظر الانتدابية البريطانية العامة. فالاعتماد على الوثائق الانتدابية والتي في طياتها الكثير من المعلومات فيها ان تبرر مواقف الطائفة الدرزية والتي اتخذتها خلال تلك الفترة (الانتدابية). 

  4. يبحث المؤلف المواقف الطائفية الدرزية في بلادنا من خلال مواقف او مبادرات فردية وليست جماعية.

  5. الافتقار الى إمكانية النظر من خلال عيون قيادات الطائفة الدرزية، في تلك الفترة، وإمكانية تحليلها وشرح قرارات هذه القيادات الاجتماعية والدينية. (والتي كان عليها اجماع طائفي من دروز بلادنا ودروز لبنان وسوريا).     

اولًا: الوقوف وباختصار شديد على قسم قصير من الفصل الأول للكتاب وإبراز كثرة الالتباسات والاخطاء التاريخية.  هذه هي مهنة المؤرخ او الباحث وكذلك لان الموضوع في غاية الأهمية لأنه يسرد تاريخ الطائفة الدرزية في بلادنا. 

الالتباسات او الأخطاء التاريخية للصفحات الأولى للبحث (من ص 29 وحتى ص 37 اعلاها أي 9 صفحات فقط):

  1. ص 29 – ص 31 - التواجد الدرزي في بلادنا: يذكر المؤلف وبصورة مقتضبة تاريخ التواجد الدرزي في بلادنا. ويعزو الى عدم وجود مصادر تاريخية لبحث هذا المجال من 1043 - 1659. ويستند المؤلف على كتاب محمد مالك الاشرفاني "عمدة العارفين في قصص الأمم والنبيين السالفين" والذي فرغ من كتابته عام 1659. فهناك العديد من المصادر التاريخية التي بإمكانها تغطية الفترة الممتدة من النصف الثاني للقرن الحادي عشر وحتى بداية الحقبة العثمانية 1516 او تاريخ الفراغ من كتاب الاشرفاني. وكتاب الاشرفاني يأتي ليقص قصص الانبياء والدعاة ومكان اضرحتها وليس عمل مسح للقرى الدرزية فالكتاب معروف من عنوانه. فأن لم يكن ضريحًا لداعيًا درزيًا في يانوح وكسرى وكفرسميع فهذا لا يشير الى عدم تواجد هذه القرى. فهكذا وقع مؤرخون دروز سابقين في خطر الاستناد الى مصدر واحد. وهذا تقصير في حق تاريخ الطائفة. فهناك الوثائق والخرائط الصليبية والتي نشرت على يد مؤرخين وجغرافيين محليين. وهناك سجل الطابو تحرير العثماني الكبير 1595 والذي حققاه هيثروث وعبد الفتاح والذي يلقي بأظلاله على الحقبة المملوكية (1250 – 1516).

  2. ص 31 – خراب قرى الكرمل في القرن الثامن عشر: يذكر المؤلف ان خراب القرى الدرزية في الكرمل جاء نتيجة خلافات مع القرى المجاورة ودون ذكر تاريخ محدد. ان خراب او هدم القرى والخرب الزراعية في الكرمل جاء عام 1834 ابان فترة الحكم المصري (1831 – 1839/1840)، وذلك على يد جنود إبراهيم باشا الذين طاردوا الثوار على خلفية ثورة الفلاحين في جنوبي البلاد ومركزها الجبلي (بدو العرافا – وجبال يهودا والسامرة والساحل) ضد إبراهيم باشا. ولجأ الثوار من شمالي السامرة (جنين وبدو مرج ابن عامر وساحل حيفا وعتليت ) وخصوصًا بعد ان اعدم إبراهيم باشا, عام 1834, زعيم آل الماضي من اجزم/ اكزم والملتزم على قرايا ساحل وسهل حيفا والكرمل ومناطق اخرى في الشمال والجليل الأسفل, وهو الأول الذي اشعل الثورة في الساحل, فلجأ الثوار الى القرى الدرزية في الكرمل للاختباء من شر المصريين. وطبقًا لسياسة إبراهيم باشا والتي اتبعها آنذاك، تم حرق كل القرى التي تأوي ثوارًا. وهذا ما تشير اليه الوثائق والمراسلات بين القيادة المصرية آنذاك في بلادنا وبين محمد علي باشا في مصر ومجلدات المحفوظات الملكية المصرية والتي عربها الدكتور المؤرخ اسد رستم. 

  3. ص 32 – فصل المسارات السياسية لدروز فلسطين عن مسارات إخوانهم في سوريا ولبنان عقب التقسيم الانتدابي بين بريطانيا وفرنسا: قد يكون قصد المؤلف بمصطلح “المسارات السياسية للدروز" هو اهتمام القيادات الدرزية بالشؤون الطائفية الدرزية وتداولها مع السلطات الانتدابية في بلادنا او الدرزية في سوريا ولبنان. ف"السياسة الإدارية " كانت في يد السلطة الانتدابية. لم تتبع الطائفة الدرزية في ظل الانتداب منهجًا سياسيًا، وانما موقفًا طائفيًا اجتماعيًا ودينيًا جماعيًا. فخير دليل على ذلك وثيقة دروز الجليل والكرمل والتي وجهت الى المندوب السامي عام 1930 والتي أعلنت فيها الطائفة الدرزية عن موقفها الحيادي (كل قرية مثلت على يد زعماء زمنيين وزعماء روحانيين). ولم يشكل رسم الحدود ما بين مناطق الانتداب الفرنسي وبين مناطق الانتداب البريطاني سدًا او حدًا منيعًا ليمنع الاتصال او الالتقاء او التشاور بين دروز الجليل والكرمل وبين إخوانهم في لبنان وسوريا. على العكس تمامًا فقد زادت هذه الاتصالات وخصوصًا مع القيادات الدرزية في لبنان وسوريا. ويسرد المؤلف نفسه فحوى الاتصالات مع المغفورين لهما الباشا سلطان الأطرش والمير مجيد أرسلان رحمهما الله. وتبرز مواقف الحياد وجملة الاتصالات والمشاورات عمق الصحوة الدرزية في بلادنا والتي قيمت الأوضاع وعلمت بتداعياتها المستقبلية نظرًا للانقسامات في القوى العربية المحلية والخارجية ناهيك عن التخاذل العربي حينها (1930 – 1948). ولا بد ان نذكر ان العديد من العائلات الدرزية في لبنان وسوريا قصدوا بلادنا للعيش فيها وخصوصًا ابان الثورة السورية عام 1925 والتي فجرها عطوفة الباشا سلطان الاطرش. وكذلك كثرت زيارات مشايخ بلادنا الى ازهرنا الشريف، خلوات البياضة، لتلقي العلوم الحقيقية، وتخرج منها افاضل اعترفت الهيئة الدينية الدرزية اللبنانية والسورية بمكانتهم وقيادتهم الدينية. وزد على ذلك العلاقات الاجتماعية (الزواج) والتدخل للإصلاح في ذات البين والعلاقات الدينية (الزيارات الدينية للاماكن المقدسة الدرزية) والعلاقات الاقتصادية (التجارة).

  4. ص 33- التنافس بين ثلاث عائلات متنفذة (عنوان الفصل): توارث زعماء كل من آل معدي، طريف وخير الزعامة الروحية والاجتماعية ابًا عن جد. فتاريخ ال طريف وال معدي نشر موثقًا وكذلك هناك معلومات وفيرة عن آل خير في أبو سنان. يزعم المؤلف بأن كان هناك تنافس بين هذه العائلات. فالوثاق العثمانية والانتدابية والشهادات تثبت عدم صحة هذا الافتراض. فهذه العائلات مثلت الطائفة اجتماعيًا ودينيًا امام السلطات العثمانية والانتدابية وزمن الدولة الإسرائيلية. فالرئاسة الروحية مثلت منذ رحيل فضيلة سيدنا الشيخ علي الفارس (ر) على يد هذه العائلات الى حين وفاة فضيلة سيدنا الشيخ امين طريف (ر). ولم يظهر يومًا تنافسًا او نزاعًا او سباقًا بينهم. بل على العكس عملوا دينيًا واجتماعيًا بيد وبلحمة واحدة ناهيك عن عنصر المصاهرة زمن الانتداب وقبله هذه الثلاث عائلات. وان تقرير مندوب منطقة حيفا الموجه الى سكرتير المندوب السامي في القدس عام 1935، في موضوع التنافس العائلي، لا يعتبر مصدرًا موثوقًا به. لأنه يستند الي شهادات مستوحاة استخباريًا من الميدان من الذين عملوا من اجل المال (فساد) فلماذا لم يعتمد المؤلف شهادات أخرى كالشهادات الشفهية من مشايخ وكبار الطائفة فلاحقًا وفي موضوع خلاف الجمعية 1930 يظهر قصد ما نقوله جليًا. ويعزو المؤلف وفي نفس الصحة بأن "نفوذ الثلاث عائلات بقي محصورًا في الحدود السياسية القروية للطائفة". فالوثائق العائلية لهذه العائلات، معدي طريف وخير، والتي جمعها المؤلف نفسه ابان تأسيسه للأرشيف الدرزي في جامعة حيفا ومن ثم اداره الشيخ الدكتور أبو شعيب فايز عزام تثبت عكس ذلك. فتعدى تأثير ونفوذ هذه العائلات الى خارج حدود الجليل والكرمل ابان الحقبتين العثمانية المتأخرة الطويلة والانتدابية وبعد قيام دولة إسرائيل.

اما ما ذكره المؤلف حول ال خير في سياقين مختلفين وبنفس الصفحة، السياق الأول وهو يرتكز على شهادة شفهية دون ذكر أسماء بأن " أحد الامراء المعنيين اتخذ قرية أبو سنان مركزًا لإدارة سنجق صفد 1594 -1697". ومن المعلوم ان المؤلف درس هذه الفترة وكرس لها جل اهتمامه وكذلك على فترات مختلفة. فالمصدر التاريخي " لبنان في عهد الأمير فخر الدين المعني " لمؤلفه احمد بن محمد الخالدي الصفدي يؤكد نزول الأمير فخر الدين المعني الثاني "في اسكلة (ميناء) عكا وتوجهه الى قرية أبو سنان في خضم حروبه مع عدوه اللدود الأمير احمد بن طرباي او طربيه والذي وسع نفوذه الالتزامي من الجليل الى الكرمل وشمال السامرة وحتى شرقي الأردن. وعمل الأمير فخر الدين المعني الثاني على دحضه من الجليل والكرمل. ولا بد من ذكر وهب قائد في جيوش الأمير الذي حارب قوات بن طرباي في سهل مران من اراضي يركا شرق عكا وسهل وزفولون واتخذ خربة على سفوح الكرمل الشمالية عرفت بخربة وهب ومن ثم اقام الأمير فخر الدين "ثغور" عسكرية على غرار خربة وهب (جلمة العسفاني وجلمة المنصورة) كخطوط دفاعية امامية لمنع ابن طرباي خرق حدود الأمير فخر الدين. ومن ثم أصبحت قرى زراعية موسمية تابعة لقرى الكرمل. وقد حرق المعنيون قرى بن طرباي على سفوح الكرمل واتخذت مسكنا لدروز هاجروا من لبنان وسوريا الى الكرمل. ان نزول الامير في ابوسنان للاطلاع على جاهزية قواته لا يعني بأن أبو سنان كانت مركزًا اداريًا لسنجق صفد. فلم يذكر أيًا من المؤرخين هذا الشأن. فالصفدي الذي كان ملازمًا للأحداث ولم يذكر ذلك.  

فالسؤال الذي يطرح نفسه، كيف غابت مصادر تاريخ الأمير فخر الدين المعني الثاني عن اذهان المؤلف وتحقيق هذه الشهادة الشفهية؟ لأنه ان ثبت صحة هذا الادعاء لفتح مجالًا لبحث مركزية أبو سنان والقرى الدرزية والجليلية في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني. وهنا نقف مرتبكين امام صحة الشهادة الشفهية. هل ادراج هذه الشهادة جاء ليعظم مكانة أبو سنان وآل خير الإدارية ام جاء ليطيب اقوال من سردها؟ فهنا تكمن خطورة الاعتماد على الشهادة الشفهية، والتي اعتمدها المرحوم في كتابه (كل واحد بدو يدير النار لقرصه) وخصوصًا الشهادة التي لا تصدر من صاحبها الذي عاش الحدث. 

والسياق الثاني هو ملكية الأراضي لآل خير. حيث يذكر المؤلف بأن تعيين الشيخ صالح يوسف خير قنصلًا للعجم على يد الدولة الفارسية كان سببًا في زيادة أراضيها.؟!! عرفت عائلتي خير ومعدي بعلاقاتهما مع البهائيين وخصوصًا بهاء الله الذي استضافته عائلة معدي، لمدة أشهر، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بعد السماح بخروجه من حدود عكا في أواخر القرن التاسع عشر. وكذلك ابنه عباس أفندي الذي اتى بكل جاليته البهائية والتي سكنت أبو سنان لمدة نصف سنة خلال الحرب العالمية الأولى. الا ان قصة او رواية توسيع رقعة أملاك آل خير لم تكون نتيجة المنصب الذي تولاه الشيخ صالح خير، وانما جاءت نتيجة سبب آخر لا اريد التطرق اليه من عبر سطور هذا المقال. لأنني لست مؤرخًا يتخذ الاسفاف مطية من اجل الكتابة. وانما اريد ان أؤكد بأن الشهادة الشفهية والتي ليست من فم شاهدها، تزعزع اركان الحقيقة التاريخية وتأخذنا الى متاهات ألف ليلة وليلة.... 

  1. ص 34- تجديد التزام آل معدي: يذكر المرحوم بأنه "تجدد هذا الالتزام ]التزام آل معدي[ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدليل ان أرشيف آل معدي يحتوي على ضرائب جباها زعماء العائلة ] معدي[ من قريتهم ومن قرى مجاورة من سنة 1882 (1299 هجرية) الى سنة 1902. ]؟!!!.[  خط "الشرطنامة" الذي صدر من قبل عبدالله باشا والذي يخول الشيخ مرزوق معدي ,( ت 1838 اعدم على يد إبراهيم باشا), بتحصيل الضرائب من ثلاث فدادين من أراضي أبو سنان وذلك لمدة ثلاث سنوات ( 1828, 1829 و 1830) . وفي عام 1831 اجتاح ابراهيم باشا البلاد ووصلت جنوده الى مشارف إسطنبول. فقد أبطل الالتزام وفرض نظامًا اداريًا جديدًا يتضمن نظام جباية جديد نظام المتسلم وبقي الشيخ مرزوق معدي متسلمًا على قرايا الساحل للجليل الغربي وقرى الجليل الغربي الى جانب محاسبين من عائلة توما من كفر ياسيف حتى 1838. يقع المرحوم في عدة اغلاط نابعة من عدم قراءة الوثيقة الارشيفية التابعة لأرشيف آل معدي بصورة صحيحة ويسرد تسلسل الاحداث التاريخية بصورة لا تليق بمقامه الأكاديمي:

  1. نظام الالتزام أبطل على يد إبراهيم باشا عام 1831.

  2. بعد خروج إبراهيم باشا عام 1839- 1840 ( خرج اخر جندي من غزه في شهر شباط 1840). وأصدر عام 1839 فرمان خطي شريف كلخانه حيث بشر ببداية التنظيمات ومن ثم أعلن فرمان الإصلاحات الخيرية. هذان الفرمانين أبطلوا الالتزام. وطبقوا نظامًا اداريًا جديدًا نواته مجلس الاختيارية القروي وانتخاب المختار او مختارين وفقًا لتعداد سكان القرية. وكل مجلس اختيارية ادار شؤون قريته.

  3. السجل الذي يتحدث عنه المؤلف هو سجل النفوس العثماني الكبير لسكان يركا 1882 الذي جاء نتيجة الإحصاء العثماني الأول ووفق تعليمات السالنامة العثمانية. وكذلك سجل إحصاء نفوس 1902 من اجل الإدارة الداخلية للقرية وفقًا للتعليمات العثمانية وليس سجل جباية ضرائب القرى المجاورة. 

  4. ان السنين التي يذكرها المؤلف لفترة الشرطنامة 1243,1244 و1245 هجرية وكما جاء ترجمتها الى الميلادية 1827,1828, 1829 هي غير صحيحة وفق خط الشرطنامة. فالسنين هي سنين مارثية وليست هجرية (تبناها العثمانيون من اللاتينية أي مارس او مارسية شهر اذار وأعلن آذار بداية السنة الضريبية ونهايتها لاحقًا. كي يتسنى جباية ضرائب موسم الحصاد القمح والشعير والقطن وزيت الزيتون بعد نهاية موسمه) فالأعوام الصحيحة 1828 – 1830. فقد جاء في خط الشرطنامه ما يلي: " في بيان التزام قرية أبو سنان مدة ثلاث سنوات مارتيات , مارة 1243, مارة 1244 ومارة 1245. ] مارة / ث [.

لنعود الى القرن التاسع عشر للدولة العثمانية المطول (1800 – 1917) واخص فترة الحكم المصري وفترة التنظيمات.  فكيف تغيب عن اذهان المرحوم كمؤرخ قدير تسلسل احداث هذا القرن ذا الأهمية التاريخية الذي بشر بنهاية وسقوط السلطنة العثمانية ولما كان له من تأثير عالمي على الشرق الأوسط والعالم الأوروبي وتداعياته منها احتلال الغرب للشرق وبداية إقامة دولة إسرائيل. 

فالقرن التاسع عشر المطول وخصوصًا فترات الاحتلال المصري والتنظيمات وقيام جمعية الاتراك / الاتحاد والترقي والحرب العالمية الاولى ما زالوا يشكلون موضع بحث في جميع المعاهد التاريخية. كيف لنا ان لا نعرف متى انتهي الالتزام؟!!

  1. ص 35 – " تم تعيين الشيخ طريف ] او طريف محمد طريف وهو والد فضيلة سيدنا الشيخ امين طريف (ر) [ قاضي مذهب الدروز في ولاية بيروت.....وبعد اشهر قليلة من انقلاب حركة تركيا الفتاة في تموز 1908 وتأليف حكومة الاتحاد والترقي, مندوبًا عنه في مدينة بيروت ....الامر الذي وسع زعامته الدينية". 

ان تعين الشيخ محمد علي روضة مندوبًا قضائيًا للأقلية الدرزية في مدينة بيروت في جاء بعد إقامة ولاية بيروت (التي ضمت بلادنا) على أنقاض ولاية صيدا نتيجة التنظيمات وقرار إقامة نظام المتصرفية اللبنانية 1861 على غرار المذابح الطائفية آنذاك فسلخت مدينة بيروت من نفوذ المتصرفية اللبنانية. فكان من المطلوب التعامل مع القضايا الشرعية للأقلية الدرزية في بيروت. وهنا يجب عدم التقتير وسرد التفاصيل وشرح الأمور وعدم التقتير من اجل عكس المكانة الدرزية الدينية واعتراف الدولة العثمانية بذلك.  

  1. ص 36- الجمعية الدرزية التي بادر في اقامتها المرحوم عبدالله خير أبو سنان في 1930: يدعي المؤلف بأن "إقامة الجمعية جاءت لمنع احتكار عائلة طريف رئاسة الطائفة!" وفي صفحة 42 يستشهد المؤلف بشهادة اهارون كوهين ]الوكالة اليهودية[ "والذي زار القرى الدرزية وعبر عن تقديره لمناصري الشيخ عبدالله خير الذين يميلون الى تنظيم ]الدروز[ في اطار قومي , يفصلهم المسلمين ....".  

اولًا، الرئاسة الدينية الدرزية في بلادنا عام 1930 لم تكون محتكرة على يد آل طريف. فإلى جانب فضيلة سيدنا الشيخ امين (ر) كان هناك المرحوم الشيخ محمد قاسم معدي والمرحوم الشيخ يوسف خير وكانا يوقعان جنبًا الى جنب ومع فضيلة سيدنا الشيخ امين طريف (ر)، رؤساء روحيين.. وكما ذكرنا سابقًا انحصرت الرئاسة الدينية ابان القرون الماضية في هذه العائلات الثلاث.

ثانيًا، لم يثبت يومًا ان فضيلة سيدنا الشيخ امين (ر) احتكر مكانته الدينية للتسلط على الطائفة. فالوثائق الارشيفية اليهودية الإسرائيلية، والتي استعملها المؤلف، (الوثيقة الموجهة الى المندوب السامي عام 1930 – بنفس العام الذي أعلن فيها عن الجمعية - اعلان حياد الطائفة الدرزية) تثبت ان الشيخ امين عقد اجتماعًا لجميع الزعماء الزمنيين والروحيين من كل قرية ثلاثة روحانيين وثلاث زمنيين. فأين الاحتكار؟ لم يكتف فضيلته بمشاورة النخبة الدينية والزمنية المحلية وانما قطع حدود الجليل الى لبنان وسوريا من اجل توسيع حلقة التشاور.

ثالثًا، السبب لإقامة الجمعية هو على الاغلب او يمكن التأكيد عليه هو، تنظيم الطائفة كما ذكر كوهين في تقريره. لان الشيخ عبدالله خير، والذي تعلم في بيروت، وتعرف على شخصيات عديدة مثقفة وأصحاب وظائف تربوية وربطته بهم صداقة نذكر منهم سليمان أبو عز الدين وعارف بك النكدي وغيرهم وقد تأثر من معالم الطائفة هناك ويذكر الدكتور شكيب صالح في كتابه تاريخ الدروز (بالعبري) وجهة نظر أخرى وهي، بأن الشيخ عبدالله خير تأثر كذلك من تنظيم الوكالة اليهودية.  وليس كما استنتج المؤلف منعًا لاحتكار ال طريف لرئاسة الطائفة (ص 36 دون كتابة المصدر) او منع ال طريف من حق الصدارة في تمثيل الطائفة الدرزية في المحافل الدرزية ص 40.!!

فالباحث الأكاديمي ملزم بشرح ما ذكرناه أعلاه وليس التسرع لإثبات النظرية التي تثبت بأن اليهود ارادوا دق أسفين وزرع خلاف في صفوف الطائفة التي لا تتعدى ال 10000 (منهم أطفال ونساء 5000 فيبقى 5000 شاب واختياري فكيف يتم زرع خلاف في هذه الأقلية والتي ليس لها امتداد كالحسينيون وآل الهادي او النشاشبيون) فيجب التأكد من صحة الوثائق الارشيفية وهنا لا بد ان من الوقوف على جودة التقارير وما هو مطلوب من الباحث من اجل ان يتمسك بها لأنها القريبة الى الحقيقة التاريخية:

  • شهادة اهارون كوهن والذي يعتبر ممثلا للجالية اليهودية ومن أصحاب القرار، والذي جال القرى الدرزية خلال أسبوع والتقي بجميع القيادات الدرزية ويقدم تقريرًا امينًا لأصحاب القرار ويذكر سببًا مقنعًا لإقامة الجمعية؟

  • ام التقرير المندوب البريطاني في حيفا الى المندوب السامي في القدس والذي يؤكد احتكار او التصدي لآل طريف في المحافل؟ 

على ماذا يعتمد تقرير مندوب الانتداب في حيفا وما هي مصادره؟ ان المصادر البريطانية اعتمدت على تقارير فسادين دروز مقابل مال. وهكذا فسروا لمندوب الانتداب في حيفا سبب إقامة الجمعية والبريطانيون صدقوا ذلك، وهذا ما استنتجه المؤلف دون تحليل او اجراء تباين او مفارقة بين المصادر. تقيمي الشخصي نابع من قراءة ومراجعة 80000 ورقة من ضمن تقارير استخبارية بريطانية انتدابية وذلك على مدار سنتين في أرشيف الهاغانا (69 كرتونة لجهاز المخابرات البريطاني C.I.D/ Criminal Investigation Department   1929 –1948. والذي كان اقتراح جامعة حيفا لبحث القسم العربي في المخابرات البريطانية 1929 – 1948. ولكن عندما أدركت حجم الفساد والتقارير العربية لأناس ما زالوا احياء رفضت ذلك لأنني لم أرى منفعة اكاديمية في ذلك ووافقتني الرأي جامعة حيفا وقدمت اقتراحي لبحثي الاولي ارشيفي عثماني وانتدابي عن الطائفة الدرزية 1800 – 1948 دون استعمال المصادر الدرزية للمؤرخين الدروز في بلادنا من اجل الموضوعية وعدم التحييز خلا كتب صدرت تحمل صور وثائق قديمة). ان لتوصل الى استنتاجات من هذا القبيل يعتبر استخفافًا واسفافًا بحق وبشرف الطائفة دينيا وتاريخيًا. ولا يعتبر بحثًا أكاديمي.

  1. ص – 37 حادثة المغار 1930 وتدخل بن تسفي الى جانب الدروز: لا نعلم لماذا حذف المؤلف معلومة في غاية الأهمية التاريخية في حادثة المغار عام 1930. وما يهم المؤلف هو الوصول الى الغاية السياسية وهي حول علاقات بن تسفي بالدروز واهتمامه بهم ومحاولته لاستمالتهم من اجل التعاون او نزع الهوية العربية منهم.. فيقول المؤلف: "ان اول حادثة تدخل بها الناشطون اليهود كانت 7 تموز 1930 حين دخلت مجموعة من افراد الشرطة – كلهم مسلمون سنة – ]يخدمون في سلك الشرطة البريطانية[ الى قريتي المغار والرامة للبحث عن المتهمين ( ضمنهم مختار المغار الشيخ محمد الحسين, وجيه عائلة عرايدي ) بقتل شرطي مسلم سني هو عبد القادر القبجي. واثار العنف الذي استخدمه افراد الشرطة ]المسلمين[ في القبض على المتهمين نقدًا شديدًا من اللجنة التنفيذية العربية المنبثقة من المؤتمر العربي الفلسطيني سنة 1922  والتي حاولت احتواء الحادث ومنع محاولات زرع الفرقة بين الطائفتين الدرزية والسنية". (لا ذكر للمصدر في الذيل). 

  1. قد تكون سنة 1922 غلطة مطبعية.

  2. لماذا لا يذكر المؤلف سبب قتل القبجي؟ ومن قام بقتله؟ فهذا التعتيم يظهر للقارئ بأن الدروز مجرمين يتعدون على رجال القانون اوعلى أناس عزل. وهل شجبت اللجنة التنفيذية العربية تصرف الشرطيين المسلمون ام حادث قتل الشرطي، ام السبب الرئيسي الذي أدى الى قتل الشرطي؟

ان قتل الشرطي القبجي كان على يد "اللص الشريف" فؤاد علامة الدرزي الذي لجأ الى الجليل والكرمل بعد ان طورد من قبل الانتداب الفرنسي. ووقف الى جانبه اشخاص من أل عرايدي. اما السبب للحدث هو ان هذا الشرطي كان يطارد فتيات درزيات وحاول الاعتداء على احداهن. فالمؤلف يخفي هذه الحقيقة التاريخية المهمة. قد يكون من باب إرضاء القارئ العربي وليظهر مدى اسف اللجنة التنفيذية التي شجبت اعمال الشرطيين المسلمين دون شجب حالة التعدي على العرض الدرزي.

ويأخذنا المؤلف بمتاهة تاريخية ليأتي بتحليل تاريخي غير منطقي عن بداية علاقة إسحاق بن تسفي مع الدروز. فيتخذ قضية القبجي, التي حدثت في 7 يوليو 1930, سببًا او ذريعة لتدخل بن تسفي ( المحامي ورجل الوكالة اليهودية) من اجل من اجل ابعاد الدروز عن الصراع اليهودي – الفلسطيني والذي اخذ بعدًا دينيًا. أي ما يفهم بأن اليهود بدأوا بمخططهم بعزل الدروز عن العرب الفلسطينيين على خلفية احداث 1929 (תרפ"ט) والتي اشتعلت بالقدس وعرفت بأحداث حائط المبكى / ثورة البراق وانتقلت الى الخليل وفي يومها الأخير الى صفد حيث قتل عرب صفد خلال 20 دقيقة 18 يهوديًا صفديًا. وعقب ذلك تدخلت الشرطة الانتدابية وأوقفت حمام الدم.

جاءت حادثة المغار، مقتل القبجي كما ذكرها المؤلف، في 7 تموز 1930 أي 10 شهور بعد اندلاع احداث 1929 والتي امتدت من 29/8/1929 الى 31/8/1929 (أي 3-4 أيام) في اعقابها امر وزير المستعمرات البريطاني بإقامة لجنة تقصي حقائق (هوب سمبسون) تمخضت قراراتها عن صدور الكتاب الابيض لباسفيلد لاحقًا وإقامة جهاز الاستخبارات ال C.I.D والذي ذكرناه سابقًا (أطروحة الدكتوراه التي اقترحتها جامعة حيفا لبحث القسم العربي من جهاز C.I.D). 

  1. يذكر المؤلف ان تاريخ اندلاع اعمال القتل كانت في 9/8/1929 والاصح هو 29/8/1929.

  2. خيم الهدوء على البلاد في شهر 9 و10 من سنة 1929 بعد وصول قوات بريطانية كثيرة. 

  3. حادث قتل القبجي ليس له علاقة بأحداث والتي حدثت 10 أشهر قبل. وانما جاء على خلفية التعدي على عرض فتاة درزية.

  4. مساعدة بن تسفي جاءت على غرار توجه الدروز اليه. لم يكن للطائفة محاميًا وكان للجالية اليهودية نفوذ عند المندوب السامي. تدخل بن تسفي الإنساني منع اعدام درزي وجيه. بعد هذا اللقاء اهتم بن تسفي بالدروز.

  5. لم يلعب الدروز دورًا في هذه احداث 1929 والتي دارت وقائعها في المدن المختلطة باليهود والمسلمين.              (احداث صفد كانت الأخيرة في 31/8/1929). 

ان اخذ القارئ في متاهة تاريخية (ربط قتل القبجي بأحداث 1929) والتعتيم من اجل وضع أسس لنظرية خلق عمالة الدروز مع اليهود هي تزييف وتسيس التاريخ. 

من خلال 9 صفحات من صفحات الفصل الأول، وهو فصل ذا أهمية، انتقينا 8 مواضيع واظهرنا من خلالهم مدى التقتير في المعلومات وعدم شرح الوقائع، وقلة الدقة في تسلسل الاحداث، والتضليل وعدم اخذ الموضوعية وانعدام وجهة النظر الدرزية وحذف الوقائع التي شكلت نقاط تحول في حياة الطائفة الدرزية والاستناد الى مصادر سطحية يتخللها "الفساد" لأشخاص من العامة هدفها المال وعدم اظهار المفارقات التاريخية بين المصادر وبين وجهات النظر. فكل ذلك يطغي على البحث سمات السطحية والتضليل والابتعاد عن الحقيقة التاريخية من اجل تطبيق الاجندة والنظرية الشخصية. 

نكتفي بهذا القدر من الأمثلة لتثبيت ادعاءاتنا الموضوعية. فان صح القول ان هذه رواية وليست بحثًا تاريخيًا اكاديميًا. فباق امامنا 360 صفحة (خلت قائمة المصادر). فمن الواجب تقييم كل البحث من خلال اصدار جديد لنقض الادعاءات والنظريات القائمة على الاجندات السياسية فهذا واجب وفرض تاريخي، موضوعي، انساني، اجتماعي، ثقافي، تربوي وديني.

 

ثانيًا وباختصار: ما دار في أمسية المداخلات حول رواية المؤلف في قاعات الحديد ب 17/1/2020:

المبادر لإقامة المداخلات الحقوقي مرزوق حلبي. شارك فيها كل من، ابن المؤلف الدكتور طارق فرو (كلمة افتتاحية)، الدكتور كمال كيوف، تفاحه سابا، الدكتور رباح حلبي، الدكتوره ياسمين عبود حلبي.

استمرت خطابات المداخلات ما يقارب الساعتين. افتتح الأمسية الدكتور طارق فرو بتحديد هدف الأمسية وهو مناقشة الكتاب. ولم تكن هناك أي مناقشة لان خطابات المداخلات لم تسمح بذلك، سوى بعض الكلمات لرئيس / وجيه من طمره الذي أشاد بدور الدروز في حماية إخوانهم من خطر النزوح والاشادة بالمؤلف وشيخ من البقيعه شدد على اقاول الوجيه من طمرة.

طلبت اذن القاء كلمة كلمة لشرح وجهة نظر وابديت امتعاضي امام الحاضرين لعدم وجود مؤرخين اكفاء كالبرفسور امل جمال او الدكتور يسري خزران (وهناك كثيرون كالدكتور شكيب صالح والدكتور رجا فرج والدكتور يوسف أبو حسن واخرون مسيحيون او مسلمون او يهود) وذلك من اجل الموضوعية ومناقشة الكتاب بصورة تليق الادب الأكاديمي. وباختصار لم تتم مناقشة البحث / الرواية.

خلا الدكتورة ياسمين عبود حلبي كان هناك اجماع بأن:

  1. قيادات الدروز ثلة من العملاء او المتعاونين وشددت تفاحه سابا بأن كل من المشايخ، لبيب أبو ركن، صالح خنيفس, جبر معدي, وحسين عليان متعاونين مع اليهود وأصحاب مصالح ضيقة. وأضافت بأن الدولة منحت لبيب أبو ركن رخصة اسمنت ودبر لقريبه رسلان أبو ركن وظيفة مما اثار غضب عائلة ثانية في عسفيا.

  2.  الدروز في بلادنا كانوا ورقة او أداة او وسيلة من اجل تطبيق السياسة اليهودية وبالأخص نزع الهوية العربية من الدروز.

هذا الى جانب قضية التجنيد التي اضافت نكهة خاص للمشهد أعلاه. وكل ذلك مستوحى من الإصدار الأخير للمؤلف. مؤسف وليس مضحك ما قيل. كان على العائلة وبالأخص الدكتور طارق بالقيام بتحضيرات والاطلاع على فحوى الخطابات. 

أجوبة لأصحاب الخطابات / المداخلات:

  1. القيادات الدرزية عملت، على مدار سنين البحث، من اجل تثبيت الهوية الدرزية (الحفاظ على الدين الأرض والعرض).

  2. لم يثبت يومًا ان هذه النخب الشريفة اتخذت موقعها من اجل مصالحها الشخصية كما ذكرت تفاحه سابا. لم يبن أحد من هؤلاء مصنعًا او قصرًا او اقتنى أراضي وتاجر فيها. فقد كرست حياتها من اجل مساعدة أبناء الطائفة، تقري الناس في بيوتها من معاشاتها ولم تكرس وقتًا لأبنائها.

  3.  لم يذكر أحد فضل النخب الشريفة في حماية أبناء جلدتهم ومنع نزوحهم. خلا الوجيه من طمره.

  4.  لم نكون ورقة او وسيلة في يد اليهود. فكما قال الشيخ جبر معدي " بعد هوشه والكساير صار اليهود يعملولنا ألف حساب.... صاروا يركضوا ورانا... منشان الله كفوا شركوا عنا والي بدكوا اياتو بتوخذوه... صرنا نفصل ونلبس... كان اول طلب الي وللخال علي الملحم والشيخ مرزوق ممنوع تتهجروا ال خمسين ألف عربي في يركا.. وإسلام ومسيحيي الرامه بدنا يرجعوا من حدود لبنان لبلدهم... بدنا سلاح وكان طلب الشيخ مرزوق انه يبنوا مدارس.. همنا كان الطايفه ومصلحتها وعملنا زي ما قلنا سلطان باشا والمير مجيد. ما خضعنا لحدا الي بدنا ياتو عملناه. حمينا ارضنا وعرضنا ودينا ومقاماتنا. والله الدروز دوله فقلب دوله... (الوثائق الارشيفية والشهادات متوفرة). (كان يقول لنا المؤلف في محاضراته عام 1997 و1998 "اياكم ان تقولوا ان الدروز مع الحيط الواقف". فالدروز لم يخضعوا لسلطة على مدار التاريخ.. فكيف نفسر هذا التناقض للمؤلف؟  فكيف غفلة وخضعت الطائفة الدرزية في بلادنا لليهود؟ ما كتب هو محكمة / مؤامرة اكاديمية هدفها اجندة شخصية سياسية – انظروا كتاب فؤاد الأطرش " مؤامرات ".

  5. قبل هوشة والكساير حلت بطائفتنا محنة التعدي والقتل والاغتصاب وانتهاك حرمة المقدسات. 

  6. قضية التجنيد الالزامي: كنا امام خيارات الاعتراف بالطائفة كطائفة مستقلة، مطلب من القرن التاسع عشر، وليس من بداية الخمسينيات من القرن الماضي. يجب القيام ببحث مفصل حول تداعيات التجنيد ومخلفاته بالاخص بما يتعلق برفع المستوى الأكاديمي للطائفة (10%) من المتجندين يتوجهون للتعليم قبل التجنيد نسبة مرموقة من الأطباء والمهندسين و....  اقرأوا كتاب المرحوم سميح القاسم " لا توقظوا الفتنة من اوكارها " وخصوصًا بما يتعلق بالتجنيد الالزامي. واكتفي بمقولة المرحوم سميح القاسم والذي أشرف في أيامه الأخيرة على مراجعة كتابي " رجل الكرامات – الشيخ جبر معدي مواقف تحديات وانجازات" والذي طلب مني كتابته وكان أحد افراد اللجنة القائمة على ذلك. (استشهد منه كل من المؤلف والدكتور عادل مناع في كتاب نكبة وبقاء) ما يلي:

"في بداية الانتفاضة الأولى دعيت انا ] سميح القاسم [ وأعضاء عرب من البلاد للقاء السيد عرفات في تونس. لم اسافر مع الوفد ولحقت بهم. وصلت مكتب عرفات وبدا الغضب على وجهه... أعضاء الوفد سبقوني الي الاوتيل.. سألت عرفات: مالك يا ختيار؟ أجاب ما في اشي.. طلب مساعده وسائقه وامرهم بتوصيلي الى اللوكنده... سألت مساعده عن حالة عرفات فأجاب: والله يا أبو محمد جماعتك (أي أعضاء الوفد) نرفزوه لما سألهم عن أحوال الانتفاضة وبدأوا يخبروه بأعمال جنود الدروز البربريه حسب ادعائهم...

خبط عرفات على الطاوله وقلهن... بكفي عاد قصص دروز وكأنه الدروز سادة اليهود... ما تجيبو سيرتهم... سلطان باشا علمني التصدي ولولا كمال جنبلاط لكنا عمنشحد بكل الدول.  يا ريت لو نلبس الطواقي الحمر والخضر والسود ونعمل عنزيهم ونبقى بأرضنا مثل ما عملوا. وطاحهم علوكنده.

  1. يجب تعريف معنى التعاون وأهدافه. فلا بد من بحث يجيب على سؤال مهم ومركزي: لماذا بقيت طمره وهجرت قرية الرويس والتي تبعد عنها 100 متر؟ لماذا بقيت كابول هجرت الدامون التي تبعد عن كابول نصف كم؟ لماذا بقيت المكر والجديدة وهجرت البروه؟ لماذا بقيت شعب وهجرت ميعار؟ لماذا هجرت السيمرية وبقيت المزرعة؟ كلها قرى لا تبعد الواحدة عن الأخرى مئات الأمتار. ولماذا بقيت القرى العربية المحيطة بالقرى الدرزية؟ هل نبع ذلك من مصلحة ضيقة للقيادات الدرزية؟ 

  2.  اما رواية الترانسفير في الثلاثينيات من القرن الماضي: كانت مبادرة شخصية حاكها العيسمي والقى بشالها بها على اكتاف الوكالة ولم يكن قرار طائفي. لم تعلم بتفاصيله قيادات الطائفة في الجليل. العيسمي عمل في مكتب أبا حوشي وتلقى معاش (كتاب سلمان فلاح – الدروز في الشرق الأوسط). البرفسور المؤرخ يوآف غلبر والذي يعتبره المؤلف " الذي ينبش في الارشيفات" وهذه وظيفته.. يقول في كتاب جذور الزنبقة " שורשי חבצלת" استنادًا على نبشه ما يلي: العيسمي أصبح تاجر عقارات في جبل الدروز بدل ان يأتي بالمعلومات"

  3. ويحدثك الشيخ جبر عن خطة الترانسفير عندما دونت أقواله قائلًا: شوي هاي الطرنفصير؟ فشرحت له.. أجاب، والله يا عمي بهاي الفترة كنت في الجامعة (أي في السجن) (1936 – 1942). ما سمعنا عنها ولا حدا جابلنا هسيره. أبو حوشي قلي مره: الوحيد الي اخذنا وجابنا وطلع بيدو هو العيسمي ... مين بترك ارضه وبيتو وقبر سيدنا النبي شعب ...هذا كان يشتغل فمكتب بو حوشي...قلت له كان سكرتير الباشا سلطان... أجاب الشيخ لي سلطان باشا كان عنده دايرة حكومه؟

وهناك مواضيع أخرى طرحت كإقامة الدولة الدرزية ( كونتون شرقي هضبة الجولان تمتد حدوده من جبل الدروز وحتي الجنوب اللبناني) وذلك على غرار اقتراح يغئال الون في اليوم الأخير لحرب الأيام الستة / النكسة عام 1967. وقد ذكرت هذا الموضوع في اصداري "رجل الكرامات عطوفة المغفور له الشيخ جبر داهش معدي – مواقف تحديات وانجازات".

خلاصة قصيرة: 

لابد من بحث موسع إزاء هذه المواضيع الكثيرة وذات الأهمية. دروز بلادنا تشبثوا بأرضهم وحموا دينهم وصانوا عرضهم وهذه هي هويتهم الحقيقية. الدروز عامة بعيدون عن القومية وبناء اطر دولية لهم. اثبتت قياداتهم الدينية والزمنية وعلى مدار سنين غابرة بأن زعاماتهم الدينية والزمنية امتازت ببعد النظر وقادرة على تخطي الازمات والمحن، وذلك بسب علمها الحقيقي الذي يوحي لها بذلك، وكذلك بسبب لحمتها واتخاذ قراراتها بالإجماع وبالتشاور مع قيادات الطائفة الدرزية في سوريا ولبنان وبلسان اخر، لم تحتكر طائفتنا التي شأنها هو شأن كل درزي في لبنان وسوريا وعلى العكس تمامًا. ففي كتاب مصطفى طلاس "احداث الثورة السورية الكبرى كما سردها قائدها العام سلطان باشا الأطرش 1925 – 1927 “ ص 370 صرح المغفور له عطوفة الباشا سلطان بما يلي:

" لقد نصحت صراحة أبناء الطائفة الدرزية في فلسطين بعدم مغادرة ارضهم مهما تحملوا او سيتحملون من وطأة الاحتلال. ولقد دلت الأيام ان التشبث بالأرض خير من التشرد في اصقاع الوطن العربي". 

واما عطوفة المغفور له المير مجيد أرسلان فقد قال للشيخ جبر ومرزوق وعلي معدي عندما قصدوه للتشاور عشية حرب ال 48: قال" اعملوا كل شيء لتبقوا ثابتين على ارضكم وحافظوا على دينكم وعرضكم" (عن لسان الشيخ جبر).

لم يترك أبناء الطائفة الدرزية محراثهم ولا معولهم، فرغم التحولات والتطورات التي جرت في خضم المراحل الطويلة في حياتهم كانوا وما زالوا، وسيبقون يعملون في أراضيهم جنبًا الي جنب ومع رفع مستوى معيشتهم من خلال العلم والعمل في المجالات المختلفة. ان العمل في سلك الامن والنابع من اجل كسب لقمة العيش في وقت انعدمت فيه الإمكانيات المعيشية ليس بجرم. فقد خدم هذا العمل مصالح العائلة الصغيرة وبالتالي مصلحة الطائفة الدرزية للحفاظ على الدين والأرض والعرض، وعزز من تكاثف الارتباط المصيري واللحمة الأخوية الدرزية عامة. (ويؤكد المؤلف نفسه في كتابه: ان اول من تدفق الى مكاتب التجنيد بعد قيام دولة إسرائيل, هم أبناء إخواننا العرب المحليين وبلغ عددهم اكثر من 4000 شخص, وتم انتقاء أربعة الالاف ومن ثم تراجعت الدولة عن الموافقة في تجنيدهم).   

ففي عام 1982 أراد ارئيل شارون تعبئة الكتائب اللبنانية بلواء حربي إسرائيلي، فصرخ فيه مناحم بيغن قائلًا " اتريد ان تفسد علاقاتنا مع إخواننا الدروز هنا". فتخيلوا حجم المذابح لو لم تكن هذه العلاقة. او ربما كنا نحن الضحايا الذين نزحنا واضحينا لاجئين في لبنان او سوريا. وكذلك حول وقوف طائفتنا، ابان المحن، التى المت بإخواننا في لبنان وسوريا. ولا اريد ادخال القارئ في تخيلات وانما القول، عدا عن التقدير والالهام الرباني. اتخاذ الطائفة هذا القرار كان صحوة وبعد نظر.   

ويكفي بما اثرناه من خلال 9 صفحات حجم الاغلاط التاريخية في هذا الكتاب، وما ابديناه من معلومات موثقة لتثبت بأن دروز بلادنا وقيادتها الدينية والزمنية كانت علي يقين بالمجريات متيقظة لمصيرها ولمستقبلها ولم يكونوا وسيلة او أداة لتحقيق مصلحة ما. وان صح القول، يمكننا وبكل ثبات ان نقول بان هذه الفترة التاريخية والتي امتدت من سنوات الثلاثينيات امتدادًا الى سنوات السبعينيات من القرن الماضي كانت سنوات الصحوة واليقظة وليس سنوات الغفلة. 

 

*  كاتب المقال، يضع لمساته الأخيرة على أطروحة الدكتوراه في موضوع التاريخ في جامعة حيفا. 

" تحولات وتطورات في حياة دروز الجليل والكرمل 1800 – 1948 من خلال وثائق عثمانية وانتدابية".

بأشراف كل من، المرحوم البرفسور بطرس أبو منه (ت 12/2019) والبرفسور يوآف غلبر والبرفسور يهوشوع  فرنكل ( الذي حل محل استاذنا, علم التاريخ والإنسانية المرحوم بطرس ابومنه ).

 









المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق