إصدار كتاب نافذة على القضاء في أرض الأنبياء للموحّدين الدّروز - إصدار المحاكم الدّينيّة الدّرزيّة

بســـــــم الله الرّحمٰن الرّحــــــيم
وبه نستعين

مقدّمة

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، آمِين، }صدق الله العظيم{.
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلّ له ومن يضللْ فلا هادي له. إنّ الحمد لله أوّلاً وآخراً والشّكر له سبحانه، ونسأله الرّشاد والسّداد وأن يزوّدنا بالتقوى خير زاد.

عزيزي القارئ،
 فكّرت في الأمر مليًّا، فوجدت أنّه لزامًا عليّ كمديرٍ للمحاكم الدّينيّة الدّرزيّة، أن أضع بين أيدي إخواني وأخواتي أبناء الدّوحة المعروفيّة وغيرهم، هذا الكتاب الّذي ما هو إلّا ثمرة أتعاب جمّة، للعاملين في المحاكم الدّينيّة الدّرزيّة، من اصحاب الفضيلة القضاة المشايخ والموظّفين المحترمين الّذين بفكرهم المستنير يسترشد المجتمع بشكل عامّ ورجال القانون بشكل خاصّ، الّذين لهم دور هامّ في إرساء المبادئ القضائيّة الّتي تسهم في إثراء الفكر القانونيّ لدى الباحثين والدّارسين والمطبّقين وكلّ طالب وذي حاجة في كلّ زمان ومكان، وتجلية أحكام المحاكم الدّينيّة الدّرزيّة وتوسيع آفاقها وبيان أصولها وفروعها، ودراسة الأحوال الشّخصيّة في نطاق مبادئها وقواعدها لتصبح بحورها زاخرة ورياضها ناضرة ونجومها زاهرة، ولتتبيّن لأفراد المجتمع وتتّضح بعض المواضع في الأحوال الشّخصيّة من الجوانب الشّرعيّة الدّينيّة والقضائيّة المدنيّة وتتوسّع الحلقة في خدمة أفراد المجتمع. وهنالك أيضًا تطرّق لموضوع القضاء ووظيفة القاضي فالْقَضاءُ فَريضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبعَةٌ، والمقصد الجليل والهدف النّبيل من هذه الوظيفة العظيمة السّامية مرتكزٌ على إيصال الحقوق وقطع التّنازع لإقامة العدل وهو أمانةٌ في أعناقِ العاملين بها، والأمانة فضيلةٌ أخلاقيّة، حثّ عليها دين التّوحيد، وركنٌ عظيمٌ من أركان الإيمان بالله سبحانه وتعالى، لقوله تعالى "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُواْ الألْبَـابِ".
 نتمنّى أن يكون هذا الكتاب على نحو يكفل حلّ المشاكل وتيسير الصّعاب وعلى أن يكفل العدل والاستقامة على النّهج الرّاشد والمثل الأعلى، ويوفّر أقصى الضّمانات الكفيلة بوصول صاحب الحقّ إلى حقّه، عسى أن نكون بعملنا المتواضع هذا قد ساهمنا في الإضاءة على بعض اجتهادات المحاكم للقضايا المختلفة، الّتي قد عُرضت أمام القضاة لنوضّح كيفيّة تطبيق المبادئ الدّينيّة الشّرعيّة والقانونيّة في مسائل الأحوال الشّخصيّة. هذا الكتاب يحتوي على فوائد تنفع قارئه وتشعّ من بين دفّتيه الأنوار من أوّله إلى آخره، فالحمد لله الّذي أعطانا القدرة على إصداره  وكلّنا أمل أنْ يدخل كلّ بيت، مبتهلين إلى الله عزّ وجلّ  أن يحظى هذا العمل بإعجابكم وأنْ نكون قد قدّمنا بذلك خدمة لأبناء المجتمع ككلّ لينعموا بالاستقرار والطّمأنينة وبلوغ المرام في الأمور الحياتيّة.
وجدير بالذّكر أن أسترعي النّظر إلى أنّ مكتبتنا التّوحيديّة في هذه البلاد تفتقر إلى الكتابة بهذه المواضيع، وأنّنا لعلى يقين بأنّ شبابنا الواعي وجميع أفراد المجتمع التّوحيديّ سيجد في هذا الكتاب الأمور الّتي ترفع النّفوس إلى الملأ الأعلى وتفتح أمام العقول المتعطّشة للعلم والمعرفة آفاقاً بعيدة الأجواء، لنصل إلى الهدف الأسمى والمنشود ولتزيد المعرفة تدفّقاً والنّفس تألّقًا، من أجل بناء مجتمع راقٍ ومتحضّر.
وفي النّهاية لا يسعني إلّا أن أتقدّم بجزيل الشّكر والامتنان للزّملاء المشايخ الأفاضل القضاة، للمستشار القانونيّ وللموظّفين وغيرهم الّذين بذلوا الكثير من الجهد دون كلل أو ملل، وتكرّموا بوضع اجتهادهم وعملوا فريقًا واحدًا بجهد صادق ودأب محمود،  ساهرين سائرين بجدّ في الطّريق المرسوم بحذق وكفاءة، لا يبتغون سوى فضل الله وجزائه ومرضاته.

وعزّ القائل فيما قال: "ادْعُ إلَى سبَيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ"

واللهَ أسال أن يوفّقنا جميعًا في خدمة أبناء المجتمع، إنّه سميع مجيب.
والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخية وهو وليّ التّوفيق.

كميل ملّا، محامٍ - مدير المحاكم الدّينيّة الدّرزيّة