الأزمة الإقتصادية تأكل ما تبقى من بهجة العيد في ناصرة المسيح
2008-12-25 11:24:33

من عرف الناصرة وزارها كثيرًا، يحق له أن ينكرها هذا الأسبوع، وهو أحد أهم أسابيع العام لحركة السياحة في الناصرة، لكن شوارع المدينة خالية، وطرقات السوق وأزقته خلت من زينة العيد وأجوائه، شيء ما يجلل المدينة بالكآبة، بهجة العيد غائبة، وسانتا كلوز غائب عنها، وصوت فيروز يغني لليلة العيد صدح من دكان أو اثنين لا غير.

طرقت شارع بولس السادس من مدخل الناصرة ولغاية منطقة عين العذراء حيث مقر رئيس البلدية، المهندس رامز جرايسي، لكن رئيس البلدية تأخر في جولته التفقدية، وكان نائبه السيد علي سلاَم في انتظارنا، بادرته بالسؤال والحديث عن انطباعاتي، حاول علي سلام أن يخفف من سلبية الانطباع الذي حملته إليه، وقال إن الناصرة هذا العام بأفضل حال لو قارنا الوضع الحالي مع ما ساد في المدينة قبل عامين وثلاثة على الرغم من الأزمة الاقتصادية المحلية والعالمية.

 

المسألة الرئيسة لسلاَم، الذي خرج وجرايسي منتصرين في الانتخابات البلدية قبل شهر، هي استقرار الحكم واستقرار الاقتصاد، وهو يرى أن البعد السياسي لرسالة البلدية، والبعد الاجتماعي هو الأهم. الحركة السياحية حسب قول سلام نشطة للغاية، وكافة الغرف في فنادق المدينة محجوزة، والتجار مهما ربحوا لن يقروا بأرباحهم، البلدية تتوقع ستين ألف حاج مسيحي من مختلف أنحاء العالم، وهناك بوادر لعودة الزبائن اليهود من نتسرات عيليت ومن المدن الأخرى. السيد علي سلاَم، وككل سياسي يبدأ حديثه بالإشارة إلى تأثيرات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية: "لا يمكن أن تكتمل فرحة العيد في ظل ما يعيشه إخواننا الفلسطينيون في الضفة والقطاع". هذه عمليًا الإشارة الوحيدة التي سأسجلها في الناصرة وتربط بين الأوضاع السياسية والاحتلال وبين غياب بهجة العيد، بل إنني سأجد عض المحال تعرض العلم الإسرائيلي، والشمعدان اليهودي و"الكيباة" في محاولة لجذب الزبائن اليهود، مشهد مماثل يجده السائح والزائر في أسواق البلدة القديمة للقدس ولا أجد تفسيرا منطقيا له.

أصرُّ في حديثي مع نائب رئيس البلدية على أن التجار وأصحاب المحال التجارية يحكون عن حالة صعبة وأجواء كئيبة، فيعترف سلام بمبادرته أن في الناصرة نحو 1500 أسرة فقيرة بل تعيش تحت خط الفقر وهي أسر معدمة، لكنه يستدرك فيقول إن ما يميز مجتمع الناصرة هو عدم وجود فوارق هائلة، فتجد أغنياء وميسورين، وهناك من نصفهم عادة بالعائلات المستورة، وهناك طبقة الموظفين وأبناء الطبقة الوسطى.

الحالة الاقتصادية لا تقلق سلام بقدر ما يقلقه ما يسميه بتراكمات الشرخ الطائفي في المدينة، وهو الشرخ الذي بدأ عام 1998 على خلفية ما تسميه البلدية في الناصرة أزمة المدرسة د، وما عرفت به باسم قضية شهاب الدين، حيث زرعت الحكومة الإسرائيلية وأججت الصراع الديني في المدينة، بين الحركة الإسلامية وبين الحزب الشيوعي والجبهة. ويعتبر سلام أن الأزمة والخلاف كانا سياسيين لكن هناك جهات متطرفة من الطرفين المسيحي والسلم نفخت في نار الطائفية ووفرت لها الحكومة الإسرائيلية الوقود اللازم لإحراق الناصرة عن بكرة أبيها.

يؤكد سلام أن المدينة قد اجتازت إلى حد ما نار الفرقة الطائفية لكنه يقول إن ما يقلقه هو تراكمات بذور العنصرية الطائفية والدينية في نفوس أبناء الشبيبة والجيل الصاعد، و"علينا أن نعمل بكل ما في وسعنا من أجل اجتثاث هذه الثقافة". علي سلام هو مسلم سني في مدينة أغلبيتها مسلمين لكن رئيسها مسيحي، وهو يعتبر ذلك شهادة شرف للمدينة وسكانها، الانتخاب والاقتراع هو على أساس حزبي ومبدئي وليس على أساس طائفي، و"الجبهة والحزب الشيوعي في المدينة تدرك وتعرف أن الوحدة المسيحية الإسلامية في الناصرة هي حرز الأمان لأهل المدينة وهي الدرع الواقي لهم من مخططات السلطة"

يرفض سلام الحديث عن هجرة مسيحية من المدينة ويقول إن المعطيات المتوفرة لدى بلدية الناصرة تؤكد العكس تمامًا وتشير على وجود هجرة مسيحية داخلية على الناصرة وليس من الناصرة.

تنصحني مديرة مكتب جرايسي السيدة ابتهاج مجلي أن أنزل من طريق السوق، فأمر على كنيسة البشارة، لعله يحالفني الحظ فألتقي مجموعات من السواح، أسير في قصبة الناصرة باتجاه البشارة، مع ذلك لا أرى أي أثر لزينة ولا ألمس بهجة العيد، حركة شبه عادية مجموعات قليلة من السواح ومحلات تجارية مفتوحة على مصراعيها. يرفض التجار بداية أن ألتقط لهم الصور، ويكتفون بالحديث بشكل عام والتذمر من آثار الأزمة المالية العالمية، التي أبعدت السواح، والأزمة المالية المحلية التي أبعدت الزبائن التقليديين.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق