بعد قرار الحركة الإسلامية المحلية في مدينة ام الفحم بعدم خوض الانتخابات البلدية القادمة والتساؤلات الكثيرة التي أثيرت في أعقاب هذا القرار، كان لصحيفة المدينة المحلية في ام الفحم هذا اللقاء مع رئيس الحركة الإسلامية في مدينة ام الفحم الشيخ نائل فواز، لتوضيح قرار الحركة بشأن الانتخابات والرد على التساؤلات التي أثيرت حول هذا الموضوع.

شيخ نائل، الجميع يتساءل ما هي أسباب خروج الحركة الإسلامية من العمل البلدي في أم الفحم؟
- أولا الحمد لله رب العالمين، وبعد فأنا أؤكد أن العمل البلدي كان أحد روافد العمل الدعوي والسياسي والجماهيري للحركة الإسلامية في أم الفحم. فالحركة الإسلامية هي حركة متجددة تطور آليات عملها الجماهيري في كل فترة، ولكن إلى جانب تطوير آليات عملها فإنها أيضا تقوم بتقييم وتقويم هذه الآليات، وذلك للاستفادة من نقاط القوة من أجل تعزيزها، والتعرف على نقاط الضعف والمحاولة لتطوير قدرتنا لتجاوزها، لا بل أقول الاستفادة منها بإذن الله. لهذا السبب فإن الحركة الإسلامية لن تكون أسيرة لطريقة عمل معينة، بل تحاول أن تخدم مجتمعها من خلال كل الأدوات الشرعية التي نراها مناسبة وفق أولويات تضعها الحركة الإسلامية لنفسها. والحركة الإسلامية لا تحصر خدمة أهلنا من خلال طريقة واحدة بل نحن قادرون على خدمة أهالي أم الفحم بطرق عديدة، وما قلته يسري على العمل البلدي أيضا. فقد اختارت الحركة الإسلامية أن تقوم بعملية تقييم للعمل البلدي ووصلت إلى نتيجة أنها بحاجة إلى الاستراحة من العمل البلدي لتقوم بترتيب صفوفها ومراجعة هذه التجربة وهي خارجها، فهي لن تستطيع مراجعة تجربتها في العمل البلدي وهي جزء منه، فعند تقييمها لهذه التجربة الطويلة عليها أن تكون خارجها وبعيدة عنها حتى يكون تقييمها لها تقييما موضوعيا. إن تجربة الحركة الإسلامية في العمل البلدي في أم الفحم تصل إلى 24 عاما، وهي مدة طويلة واستطاعت خلالها الحركة الإسلامية أن تنقل مدينة أم الفحم نقلة نوعية كبيرة على مختلف الأصعدة، كلنا يذكر كيف استلمت الحركة الإسلامية مدينة أم الفحم عام 1989، ولكن بفضل الله ثم بفضل أبناء الحركة الإسلامية بدءاً بأخينا الشيخ رائد صلاح مرورا بالإخوة الدكتور سليمان اغبارية والشيخ هاشم عبد الرحمن وانتهاء بأخينا الشيخ خالد حمدان والأخوة الأعضاء والنواب، تحولت أم الفحم إلى مدينة متطورة وعصرية في مختلف المجالات والأصعدة. وكان من الشجاعة على الحركة الإسلامية بعد هذا العطاء الكبير أن تعيد تقييم هذه التجربة بسلبياتها وايجابياتها. وهذا الأمر يدل على خلق سياسي رفيع أن تقول الحركة الإسلامية أننا بعد ربع قرن من العمل البلدي نرى أن هنالك أبناء لام الفحم عندهم من الإخلاص والقدرة على إدارة بلدية أم الفحم، لان الحركة الإسلامية تنظر إلى العمل البلدي وسيلة لخدمة المجتمع والناس وليست هدفا بذاته، وأقولها بصراحة أن مصلحة الحركة الإسلامية كحركة جماهيرية اجتماعية وسياسية ودعوية أن تجدد آليات عملها وان تطور آليات جديدة ولا نريد لآلية عمل أن تطغى على باقي أدوات عملنا، لهذا قررنا تقييم كل أدواتنا وتقويمها وتحديد أولويات أهدافنا، وأولويات طرق تحقيق هذه الأهداف، لهذا السبب جاء قرارنا بالخروج من العمل البلدي.

هل يمكنك توضيح مقصدك بأولويات طرق تحقيق الأهداف عند الحركة الإسلامية؟
- نعم بكل تأكيد، لقد وضعت الحركة الإسلامية لنفسها أهدافا تطمع في تحقيقها، وهي أهداف تصب في صالح الناس وفق رؤيتنا الإسلامية ومقاصد شريعتنا الغراء. وفي مقابل هذه الأهداف وضعنا آليات عمل وتنفيذ لتحقيق هذه الأهداف بعد تقييم لهذه الآليات، ورأينا أن أولويات أهدافنا تتطلب من الحركة الإسلامية لتحقيقها الخروج من العمل البلدي، وتقييم هذه التجربة بسلبياتها وإيجابياتها، ورأينا أن ذلك فيه مصلحة للحركة الإسلامية والدعوة الإسلامية ولأهداف الحركة الإسلامية، وفي النهاية فإن العمل البلدي هو آلية وليس هدفا، فإذا رأت الحركة الإسلامية حاجة إلى إعادة النظر بآلية من آلياتها فهي تفعل ذلك دون تردد، لان هدفنا ليس  البلدية بل تحقيق مصالح الناس ومصالح الدعوة الإسلامية.

هل قرار الحركة الإسلامية يتعلق بفكرة العمل البلدي عموما؟
- بالطبع لا، فكما ذكرت سابقا فإن العمل البلدي هو رافد من روافد عمل الحركة الإسلامية في أم الفحم، وقرارنا ليس قرارا مبدئيا رافضا لفكرة العمل البلدي، وهنا أحب أن أؤكد أن هذا القرار يسري على دورة الانتخابات القادمة فقط، أي انتخابات عام 2013. وفي الدورة التي تليها ستقوم الحركة الإسلامية بنقاش هذه المسألة من جديد واتخاذ القرار المناسب لتلك الفترة، لما فيه مصلحة أم الفحم ومصلحة الحركة الإسلامية.

هل يمكن أن تطلعنا إلى الآلية التي تم من خلالها اتخاذ القرار؟
- أحب أن أؤكد لكل أبناء ومؤيدي وأحباء الحركة الإسلامية، أن الحركة أعطت نموذجا للعمل الشوري والمسلك المهني والموضوعي في اتخاذ هذا القرار والحمد لله. إن الطريقة التي تم خلالها اتخاذ القرار دل والحمد لله على نضوج الحركة الإسلامية وشجاعتها وعمق القيم الشورية داخلها. لقد بدأنا نقاش هذه المسألة قبل أكثر من أربعة أشهر، وقد شكلت الحركة الإسلامية من أجل ذلك لجنة مهنية أرست قواعد وآليات اتخاذ القرار، وقد استشرنا أبناء الحركة الإسلامية من أخوة وأخوات في انتخابات داخلية شفافة وموضوعية، ثم استشرنا محبي الحركة الإسلامية، وبعدها استشرنا الناس في مدينة أم الفحم من خلال استطلاعات الرأي، وقد ناقشت الحركة الإسلامية هذه المسألة في مؤسساتها الداخلية بكل تروٍ وعمقٍ ومهنيةٍ، واستمعت إلى آراء خبراء وأصحاب الخبرة في العمل البلدي والسياسي والجماهيري، كما تم نقاش الموضوع على مستوى مؤسسات الحركة الإسلامية القطرية والتي تعاملت أيضا بمهنية مع الموضوع، حتى توصلنا إلى هذا القرار. وفي هذا السياق أريد أن أؤكد، ونحن لا نخفي ذلك، انه كانت هنالك آراء متباينة حول مسألة المشاركة في الانتخابات بين مؤيد ومعارض وكل أدلى بدلوه وقدم حجته،  إلا أن القرار الشوري هو الذي حسم المسألة وقد احترم القرار من أيد الدخول قبل معارضيه، وهذا كشف لنا أن الحركة الإسلامية جسم ناضج قوي ومتماسك، وحتى خصومنا السياسيون احترموا هذه الشجاعة للحركة الإسلامية وهي شهادة تقدير نعتز بها. ونقول لأهلنا في أم الفحم أن العمل البلدي ليس حكرا على الحركة الإسلامية بل إن كل أهلنا الشرفاء والمخلصين مدعوون لخدمة أم الفحم من خلال العمل البلدي، أما الحركة الإسلامية فإنها ستقوم بخدمة أهالي أم الفحم من خلال أدوات أخرى غير العمل البلدي، وهي قادرة على ذلك، ونأمل أن يكون خروجنا من العمل البلدي محفزا داخليا لنا لتكثيف عملنا ونشاطاتنا في خدمة أهالي أم الفحم.

هل نفهم من ذلك أن الحركة الإسلامية ستدعو أبناءها إلى مقاطعة انتخابات البلدية القادمة؟
- إن قرار الحركة الإسلامية قرار واضح وضوح الشمس، فالحركة الإسلامية، تنظيما وأعضاء، لن يشاركوا في الانتخابات، لكنها لا تدعو إلى مقاطعة التصويت للانتخابات في أم الفحم، وتدعو أبناءها إلى اختيار من يصوتون لهم بناء على حسهم الديني والوطني ومصلحة أم الفحم.

هل يمكن أن تقرر الحركة الإسلامية دعم قائمة أو مرشح معين؟
كما قلت سابقا، فإن قرار الحركة الإسلامية واضح جدا، فإننا لن ندعو لدعم مرشح أو قائمة، لا للعضوية ولا للرئاسة.
هل تمارس ضدكم ضغوط للعودة عن قراركم؟ - لا أسميها ضغوطا، ولكن أسميها حرص أهلنا أن نستمر في مسيرة العطاء في العمل البلدي، وهذا حقهم ونحترم ذلك ونحترم فيهم ثقتهم بالحركة الإسلامية، إلا أن قرار الحركة الإسلامية هو قرار نهائي، وبإذن الله فإننا نعد أهلنا أن نستمر في خدمة أم الفحم وان نرتقي في خدمتهم، ولن نحصر خدمتنا لهم من خلال العمل البلدي، وسيرى أهلنا أن الحركة الإسلامية ستبقى حركة مركزية وهامة وفاعلة ومتجددة حتى وهي خارج العمل البلدي.

هل لديكم برامج عمل تنوون من خلالها الارتقاء بعملكم الإسلامي خارج العمل البلدي؟
- أريد أن أؤكد أن الحركة الإسلامية ستركز كل مواردها لخدمة أهلنا في أم الفحم، وتعكف الحركة الإسلامية حاليا على إعداد مشروع متكامل وشامل لتعزيز دورها لخدمة أهلنا في أم الفحم وتحقيق مصالحهم في كافة المجالات وسيلمس الأهل ذلك قريبا إن شاء الله.

شيخ نائل كلمة أخيرة تحب أن توجهها ؟
- أود أن اشكر كل أهالي مدينة ام الفحم على ثقتهم الغالية بالكتلة الإسلامية على مدار خمس دورات في العمل البلدي وعلى ثقتهم بالحركة الإسلامية عموما، كما أود أن أشكر كل أبناء ومحبي الحركة الإسلامية على ثقتهم الغالية التي نعتز بها، كما أحب أن أشكر بشكل خاص أبناء الحركة الإسلامية الذين خدموا أم الفحم عبر مسيرة العمل البلدي من رؤساء ونواب وأعضاء، وأخص بالذكر فضيلة الشيخ رائد صلاح، والدكتور سليمان اغبارية، والشيخ هاشم عبد الرحمن، والشيخ خالد حمدان، الذين قادوا هذه المسيرة وساهموا في تطوير أم الفحم، ولا عجب، فبلدية أم الفحم كانت في كل هذه الدورات من السلطات المحلية الناجحة فحقهم علينا أن نشكرهم ونكرمهم، وفي نفس الوقت نطالبهم جميعا أن يعينونا على خدمة أهلنا في أم الفحم خارج العمل البلدي كما خدموها من خلال العمل البلدي، والحمد لله رب العالمين.