"كما تحب الأم طفلها المشوه ..أحبها حبيبتي بلادي" ،هذه الأدبيات لاحت بين جدران المركز الثقافي بكفرياسيف مساء اليوم، وتركت إيقاعا حزينا، وشوقا كبيرا لشاعر وكاتب ترك فراغا أدبيا في الساحة الفلسطينية.
بدعوة ومبادرة من مؤسسة محمود درويش للإبداع، اقيم في قاعة المركز الثقافي هذا المساء إحياء ذكرى الشاعر والكاتب المرحوم سالم جبران. شارك في الأمسية حضور نوعي ومتميز: شعراء، ادباء، مفكرون، مثقفون، وآخرون... تولى عرافة الأمسية الفنان محمد بكري .. كما ألقيت عدة كلمات استذكرت مسيرة المرحوم جبران لكل من: البروفيسور نعيم عرايدي، البروفيسور فاروق مواسي، الدكتور والناقد حسين حمزة، الشاعر سيمون عيلوطي، الاديب نمر نمر، بينما كان مسك الختام كلمة شقيق المرحوم البروفيسور سليمان جبران ...
الناقد حسين حمزة توقف في محطات عديدة من مسيرة المرحوم جبران الشعرية ونقدها بعين الناقد الثاقبة، أما الشاعر سيمون عيلوطي فقد القى قصيدة مؤثرة حازت على اعجاب الحضور بهذه المناسبة .
نمر: سالم جبران شرب من رأس النبع
استذكر الاديب نمر نمر سالم جبران من خلال نضاله وكتاباته الوطنية، وقال: "سالم اول من طرق الموضوع شعرا، وطرق قضية التجنيد عن كثب، شرب من رأس النبع. لقد استظل تحت التوتة العريقة، استمع وأسمع، قص وشعر، وشارك اهله في السراء والضراء. لم يتوارى جبران خلف الظل وكتب عن حياة التناقض التي يعيشها العديد من شباب ابناء الطائفة المعروفية. فمن جهة "خدمة العلم " القسرية، والشعور بالذنب حين يتفاعل الحس العروبي في نفوسهم ويصطدم بخدمة العلم".
عرايدة: سار بخطى واثقة في سلم القيادات السياسية والقيادية
أما البروفيسور نعيم عرايدة فقال: "اعجب لهذه الحياة التي تنتهي بالموت ،وفي كثير من الاحيان دون انذار مسبق. قبل الاوان فارقنا جبران ان صح القول، هكذا نستذكر جبران، لقد انتهت حياته بالموت، ومع ذلك فإن العزاء يأتي من نظرة عريضة افقية لحياته المليئة بالأعمال الادبية. منذ شبابه شارك جبران بالنشاطات المحلية والعالمية،وكذلك نشاطه الحزبي ،وانخرط عاملا متظاهرا ،صحفيا ومفكرا ،شاعرا في اولويات الامور وفقا لسياقات زمنية ومنطلقات ايدلوجية مرنة تتفاعل مع الظروف التاريخية بمنتهى الوعي والإدراك ،شفافية جبران تتجلى في المواقف العامة والخاصة ،التي منحته الثقة التامة بصدق مسيرته المتنوعة ،سائرا بخطى واثقة في سلم القيادات السياسية والفكرية والأدبية..
سليمان جبران: حين أتحدث عن سالم، فكأنما أتحدث عن نفسي، وهذا ما لا أجيده
من جهته، قال شقيق المرحوم البروفيسور سليمان جبران، الذي استصعب في البداية التحدث عن جبران الشاعر والإنسان، ثم ما لبث أن تمالك نفسه: "لقد كان سالم شقيقي ورفيق دربي. ليس من السهل التحدث عن الذات ولم نترعرع على هذه الثقافة. لقد جهزت نفسي لأن تكون كلمتي موجزة، حاولت من خلالها الوقوف على المقومات الأساسية في شخصية سالم، وهي مهمة ليست سهلة. سالم اخي وصديقي، بل هو توأم روحي، على الاقل في عهد الطفولة والمراهقة، وفي سنوات ثلاث اقتسمنا فيها الهواجس والأفكار، وغرفة ضيقة في حيفا. كنا قبل ان تختلف بنا المسالك والمساعي متماثلين مزاجا وفكرا، لذا فاني اذ اتحدث عن سالم فكأنما اتحدث عن نفسي، وهذا ما لم نتعلمه في بيتنا ولا اظننا نجيده....
مخول: رحيل جبران ترك فراغا في الساحة الفلسطينية الشعرية
مراسلنا التقى بالشاعر مروان مخول حيث استذكره في هذه الأمسية وقال: "سالم جبران، كمحمود درويش والقاسم وزياد، فهو من نفس الارضية والخلفية الثقافية التي تربينا عليهم. هؤلاء الشعراء هم من اثروا ايجابا علينا الى حد اننا تأثرنا بما كتبوه، احب في سالم الغريزة الفعالة في قصائده، فهو يكتب من قلبه وليس بيديه، اراه دائما شاعرا قويا جدا، وسأسمح لنفسي افشاء سر قاله لي المرحوم محمود درويش حيث قال إن سالم جبران كان اقوانا حين كنا في البدايات. انا ارى في هذه القامة الشعرية خسارة كبيرة لفقدانه، جبران ودرويش وزياد والقاسم هم سقف شعر، وفي نفس الوقت ارضية سقف اخر، لا شك ان رحيل جبران كما درويش وزياد ترك مساحة وفراغا كبيرا في الساحة الشعرية الفلسطينية".