في حضرة الغياب بين مطرقة الصمت وسندان التصريح : لقاء مُفسر مع الأستاذ هيثم درويش
2011-08-12 12:52:02

لمحبي محمود درويش ,لمتابعي مسلسل في حضرة الغياب ولأولئك الذين تعظّمت أستفهاماتهم وتشابكت فيهم الظنون ,ننقل لكم هذه المعلومات التي قد تُسعِف بعض الأفكار في لقاءٍ صريح مع الأستاذ هيثم درويش أبن الكاتب أحمد درويش الشقيق الأكبر للراحل.
أستقبلنا هيثم في منزله بكل رحابة صدر وقد يبدو لكل من لا يعرفه بأنه شخصية هادئة ولا مبالي ولكن وحده من يتقن لغة الجسد يدرك بأن الأستياء سينفجر من أنامله والبؤبؤين وبأن كل الهدوء الذي لفه كان بعد عاصفة وقبل أخرى.
في الفترة الأخيرة لمحمود درويش كان هيثم قريب من عمّه ,كما وأستحضر لنا مواقف خاصة جمعت بينهما ,وفي اللقاء معه صرّح هيثم بشكل أستقلالي وحر عمّا يجيش في صدره وقال: في الآونة الأخيرة وقبل شهر رمضان كانت الحملة لمسلسل في حضرة الغياب على المواقع العربية وعلى موقع التواصل الأجتماعي " الفيس بوك" والمفاجئ كان في أتهام العائلة وبالذات للكاتب أحمد درويش أو لمؤسسة محمود درويش بما يتعلق بالتوقيع على وثيقة المسلسل ومن هنا بدأ سوء التفاهم.


يضيف هيثم درويش : تمّ كتابة السيناريو والمحامي جواد بولس أجرى محادثة هاتفية مع والده "أحمد درويش " فيها أخبره عن ضرورة سفرِه للأردن بأسم مؤسسة محمود درويش وليس بأسم العائلة ,وهناك كان في الأنتظار مارسيل خليفة وفراس أبراهيم ولكن لم يتم أي توقيع على المسلسل وكل ما في الأمر كان تسليم أحمد درويش نسخة عن السيناريو والتي أوصلها بدوره لشقيقه زكي والمعروف عنه بأنه أكبر كاتب للقصة القصيرة ,أنسان مثقف جدًا ,يعرف بالأخراج وكتابة السيناريو , وأضاف هيثم بأنه قرأ السيناريو ولكونه لم يعِش طفولة عمه محمود قام بتوجيه السؤال لعمه زكي طالبا منه رأيه حول السيناريو , وكان الرد من عمه بأن هناك ملاحظات دونها وأجرى بعض التعديلات تخص الحلقات الأولى من المسلسل وتم نقل التعديل للسيدة ليان زوجة ياسر عبد ربه والتي بدورها أوصلتها بكل تأكيد.
يستحضر هيثم درويش العلاقة القريبة التي جمعته بعمه محمود قبل رحيله ويقول: على مشارف العيد كانت الزيارة الأخيرة لمحمود درويش لعائلته في قرية جديدة ,وفي ليلة العيد تم نقل والده " أحمد درويش" لمشفى حيفا ,وهناك خضع لعملية توسع في الشريان الأبهر وهي ذات العملية التي خضع لها محمود درويش وأدت لوفاته , هذا الظرف جعل من محمود درويش أمر البقاء لأكثر من 40 يوما.
كان هيثم يقرأ لعمه محمود كالقراء ,ويسمع عن تجسيده للقضية الفلسطينية كالباقيين وبأنه شاعر الأنتفاضة وكاتب وثيقة الأستقلال , ولكن الفترة الأخيرة التي جمعتهما كانت مقنعة للرد على أحداث في حضرة الغياب.
يقول هيثم بأن محمود درويش كان أنيقا في كل شيء,في أكله,في لباسه,في طريقة تحضيره للقهوة,في شرب قهوته,في تعامله مع الأطفال, حتى في التعامل مع القطة في البيت , أضافة ألى أنه كان ملما في الرياضة وكان يحب الدور الأسباني.
يبتسم هيثم ويستحضر قصة طرأت في ذهنه ويقول :
في مولد عمي محمود قمت بشراء قميص قدمته له كهدية , لكنه رفضها بشكل حضاري وخجل لأن القميص كُتِبَ عليه أسم شركة ويأتي سبب رفضه خشية من ظن مَنْ يراه بأنه يسوّق لشركة معيّنة.
يضيف هيثم درويش بأن لعمه محمود أداء في الكلام , يتكلم بصورة واضحة ,لبقة,منطقية وأنيقة كما وأستحضر موقف نقله له عمه زكي شقيق الراحل :
في الفترة الأخيرة وعندما أراد محمود السفر لرام الله سأله زكي : - محمود : أنت في أمل اليوم تروّح ؟ - دُهِش محمود : في أمل اليوم أروّح ؟ يعني أنت على أمل لء أو ئا - بقولوا : في أحتمال أنه أنت تروّح ** وعلى هذه الخلفية يُصرّح هيثم بأن هذه الأناقة في الحديث لم نلاحظها في المسلسل .

بأعتقاد هيثم درويش بأن هناك عدة أحداث في المسلسل تمس بشخصية درويش ومنها :
- وجود أسماء عبثية مثل "رهف" فيه تطاول على شخصية محمود درويش وأجتياز لخصوصيته في كل شيء.
- الحلقة العاشرة من المسلسل لا تحمل أي صدق ولا علاقة لها بالواقع الذي كان ,ويتوجب نقل صورة لتفاصيل دقيقة وحقيقية.
- كان يتوجب على فراس أبراهيم أن يوصل صورة أوضح من التي أوصلها وتليق بشعر محمود درويش.
- لم يجسّد فراس أبراهيم شخصية محمود درويش لأنه غير ملائم من ناحية الشكل , من ناحية تكوين الجسم ,طريقة الخطوات مختلفة تماما , وبرأيه : لا يعني بأن يكون هناك شبيها لمحمود درويش وأنما قد يكون هناك شخصيات قريبة من شخصية محمود درويش.
- شخصية أحمد درويش " الأخ الأكبر " أنيقة وليس كما تم ّ تصويرها.
- هناك سخافات "محمود درويش لم يكن وسيطًا بين العاشقين" بين الدكتور المصري ورهف , وهناك تصرف مراهق في المشهد الذي تكرر فيه الفتاة بوضع وردة على باب شقته .
- هناك أخطاء بالغة في الحركات , في لغة الجسد وفي طريقة ألقاء الشعر.
- أعتقل محمود درويش لأول مرة عام 1965 في سجن الرملة وعل خلفية ألقاءه للشعر في جامعة القدس دون أخذ تصريح , وهناك كتب على قصاصة ورق "سجل أنا عربي ",ولم يتم ألقاء القصيدة في الناصرة كما جاء في أحداث المسلسل .
- محمود درويش لم يلقي الشعر أمام حاكم عسكري.
- لا ننكر المجازر ,ولكن لم تحدث هناك مجزرة في البروة في نهار عرس كما صوّر المسلسل.
- وصول صحفي من خارج البلاد لتصوير خبز أم الشاعر مفتعلة ,لم يحدث شيء كهذا.
- الألوان في شقة رام الله سوقية ,مثلما كان يختار درويش قميصه وربطة عنقه كان يختار الألوان الملائمة له , لم يكن أختياره فستقيا , حتى بالأكسسوارات كان هناك تطاول فكري وذهني على محمود درويش في أشياء أحبها.
- سؤال ريتا لسميح القاسم "أين محمود " ورده بأنه معتقل أيضًا مشهد مفتعل .
هنا يتسائل هيثم درويش : ماذا كان ليكون الرد من سميح القاسم على هذه المهزلة التي يملأها التطاول على شخصية محمود درويش وشخصية سميح القاسم , وخصوصًا أن المشهد بين ريتا والقاسم في المسلسل ليس أخلاقيًا ؟؟؟
- محمود درويش يلقي قصائده بحرارة وكأنه دارس للغة ِ المقامات الموسيقية ,بينما فراس أبراهيم جسّد قصائد درويش بكل برود.
- هيثم درويش يملك تجربة موسيقية ,يعرف بالمقامات ,وعن رأيه الشخصي يقول بأن موسيقى المسلسل غير موجودة , هناك مقامات فيها فرح وأخرى فيها حزن وأكتئاب وما تم ّ أختياره للأحداث لم يكن ملائما .

 في اللقاء مع هيثم درويش كان هناك أيضًا طرح لبعض الأستفهامات التالية :

هل تعتقد بأن المسلسل مهزلة أجتازت حدود الخصوصية ؟
- حسب رأيي أجتازت الخصوصية بما فيه من ناحية أدبية ومهنية , وبكل تفاصيل محمود درويش.

بين ريتا وعيوني بندقية ... من تكون رهف ؟
- أعتقد بأن رهف شخصية خيالية , سخيفة , الهدف منها هو تفعيل درامي لحلقات المسلسل وبرأيي هي شخصية غير أخلاقية.

هل تلوم حسن محمد يوسف على كتابة السيناريو؟
- أعتقد بأن كتابة السيناريو أبتدأ بلعبة بين المخرج والممثلين , وبخصوص الكاتب ولمجرد كتابته أصبح مبادرًا في تشويش تفاصيل محمود درويش , وألومه كثيرًا .

ما هي نسبة عتابك على مارسيل خليفة بما يتعلق بموسيقى المسلسل؟
- بداية أنا أحترم هذا الأنسان وتاريخه الفنّي , ولكني متفاجئ منه وبشكل شخصي أشعر بالخيبة منه وشعوري بالخيبة لا يقتصر على الموسيقى فقط , ولو كان محمود درويش على قيد الحياة ورأى صديقه يوقّع على وثيقة عمل "في حضرة الغياب"لما تحمّل ذلك.

في مقابلة مع فراس أبراهيم صرّح بأنه كان جاهزًا لتجسيد شخصية محمود درويش وأستغرق لتجسيدها ثلاث سنوات كاملة ..هل نجح اليوم فراس أبراهيم في دوره؟
- برأيي, ثلاث سنوات في حياة محمود درويش يعادلوا ثلاث ثواني أو ثلاث دقائق ,وقد يحتاج ألى أربعين سنة ليجسّد نسبة معيّنة من تاريخ محمود درويش , كيف يتجرأ فراس أبراهيم اليوم بتجسيد شخصية درويش بعد ثلاث سنوات من وفاته  دون أدراكه الكامل لخطورة هذا العمل , فتصريحه "عذر أقبح من ذنب " , عدا على ذلك أستحضر مسلسل أسمهان الذي تم تحضيره بعد أربعين سنة من رحيلها وكان هناك نقدًا .

في تصريح آخر لفراس أبراهيم قال :" مؤسسة محمود درويش لم تُقدّم أي شيء لمحمود درويش بعد وفاته , عدا أنتقاد المسلسل ....ما رأيك ؟
- برأيي هذا لا يعطيه الحق بتجسيد شخصية محمود درويش بشكل ساذج , فراس أبراهيم لم يراجع دوره بشكل كاف ٍ , وقد لا يكون مدركا للأمور التي تحصل هُنا وليس لديه معلومات كافية حول المؤسسة , وأعتقد بأنه لا يعرف بالمراكز الثقافية التي أنتسبت لأسم محمود درويش , وأن في كل سنة يتم أحياء ذكراه وضريحه في رام الله على مساحة 8-9 دونم.

كرّر درويش كلمة الخجل في مقاله "يُمارسون الغزو ضد الغزو في خلجان جسمك " كما وكرر ذات الكلمة في عدة قصائد منها "ألى أمي" "أيها المارون" وغيرها...هل كان الخجل الذي كتبه صاحب الجدارية قد تحوّل بسهولة ألى جرأة درامية؟
- يبتسم هيثم ويرد بأن الجرأة عند محمود درويش نابعة من الخجل , كان درويش خجولا ولكنه صاحب موقف , وبرأيه بأن فراس أبراهيم قد فهم جرأة درويش كما جسّدها هو في المسلسل .

هناك من يقول بأن سبب الأنشقاقات بالعائلة هي من أدت لهذه الفوضى , بمعنى , تمّ أيصال السيناريو ألى عائلة محمود درويش والخلافات الداخلية لم تجمعهم للنقاش حول الأمور المتعلقة بالمسلسل ... ما هو ردك ؟ هنا يضحك هيثم ويقول : نحن عائلة مقرّبة وليس هناك أي نوع من المقاطعة بين الأفراد .
على سبيل الصدفة تواجد اليوم في بيتي عمي زكي الذي أبدى رأيه بينما والدي أحمد لم يبديه بعد , قلت له حينها قد يفهم البعض بأنك " ضد " ووالدي " مع " ويضعونا في قائمة الخلاف وكان رده بأنه لن يسمح لا بالوقت الحاضر ولا بالوقت الآتي أن يكون هناك أي سوء تفاهم بينه وبين والدي أحمد .
وأضاف هيثم بأن كل الأشقاء في علاقة طيّبة وذهبوا سوية لزيارة ضريح محمود درويش في ذكرى رحيله الثالثة قبل أيام , ستة أشقاء سالت منهم  نفس الدمعة , نفس الحزن , نفس الأشتياق وليس هناك أي أشتقاق يُذكر.

ما هي توقعاتك فيما لو كان هناك تعديل لسيناريو مسلسل في حضرة الغياب ؟
- بداية أن لا يكون الممثل  فراس أبراهيم , وأن تكون هناك شخصية قريبة أكثر من مواصفات محمود درويش , وأيضًا ألقاء الشعر كان ينبغي أن يكون بصوت محمود درويش الحقيقي حتى يعرف المُشاهد بأن هناك أحترام لشعر محمود درويش من ناحية أدبية أيضًا .

من مُحبي درويش قالوا بأنه ليس نبيًا وأنما شاعرًا , وقد يكون فعلا مر في حياته رهف وريتا ونجلاء ورنا قباني ...لماذا ترفضون علاقة أنتم لم تكونوا شاهدين عليها , بكلمات أخرى , ممكن أن يكون هناك رهف لم يخبركم عنها درويش ..فلمَ الأحتجاج ؟
- لنفترض بأن هناك رهف , هل كانت لتظهر بهذه الصورة الغير لائقة , محمود درويش كان له دور تجاه المرأة , يكن للمرأة مشاعر جميلة , يحترمها , يتكلم عنها بعفوية , ولكن أسلوب رهف في الحوار أيحائي غير مناسب وغير لائق ... وبرأيي حرق فراس أبراهيم ورقته منذ الحلقات الأولى.

أين ترى الخطأ ؟ في النص ؟ في الأحداث؟في التفاصيل؟في أختيار الشخصية؟ في فراس أبراهيم ؟
- في كل شيء , محمود درويش أرقى بكثير مما نشاهده.

هل كان الواقع كما بالمسلسل , أهتمام الجد أبو سليم فقط في محمود درويش والتنبؤ له ؟
- أبدًا لم يكن كذلك , وقد أخبرني عمي محمود ذات يوم قبل رحيله بأن أخطر شخص بينهم الأخوة هو زكي من ناحية أدبية لفرط ثقافته وألمامه , وعمي زكي خجولا كمحمود وكوالدي ويبدو أن الخجل صفة وراثية منقولة " خجل ثقافي " .

هل تعتبر المسلسل " مشروع تجاري " ؟
- ليس َ تماما , وبرأيي المستفيدين منه هم القائمين عليه وعلى رأسهم مارسيل خليفة , وأعتقد أيضًا بأنه أغتصاب ثقافي من درجة أولى , أما مارسيل خليفة فلم يعرف محمود درويش أبدًا.

هناك من يعتقد بأن أحتجاجات عائلة درويش مرفوضة لأنه تم ّ التوقيع على السيناريو بعد قراءته ... ماذا تقول لهم ؟
- لم يتم أي توقيع ولم يتم أي تعقيب , وفي الفترة القريبة سيتم تعميم بيان صحفي مفسّر حول هذا الموضوع .
نتفهم كل أنسان أحب شعر محمود درويش الذي جسّد قضية شعب كامل , أعطى لكل منّا أنتفاضة مع ذاته وأصبحنا ثائرين .
كل التعقيبات التي كانت على موقع التواصل الأجتماعي " الفيس بوك " أحترمها وأحترم المعقبين , ولكن هناك حرية تنتهي حينما تبدأ بمس حرية الآخرين.

الجدير ذكره بأن اللقاء الذي تم ّ مع الأستاذ هيثم درويش يمثّل رأيه الحر والأستقلالي حول عرض مسلسل في حضرة الغياب.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق