لا يعرف المرء إن كان يجب أن يضحك أو يبكي وهو يرى "القيادات الدرزيّة" متحلّقين حول مدير مكتب رئيس الحكومة وهو صاحب المقولة العنصريّة عن عنف الدروز، بدء بالرئيس الروحي وعبورا ببعض رؤساء المجالس وأعضاء كنيست وانتهاء بنشطاء الأحزاب السلطويّة، يلقون بخطب "عصماء" في المديح وأخرى "مستحيّة" وهم يشيرون إلى النواقص مستجدين المساواة لدرجة المطالبة ب"سجان نيتساف" في سلك الشرطة.

هذا ما كان في لقاء احتفالي في الكنيست لما يُسمّى "اللوبي الدرزي" للاحتفاء بالخطّة الحكومة الرباعيّة للسنوات 2011-2014 والتي تحمل الرقم 2861، ل"تطوير وتقوية القرى الدرزيّة والشركسيّة" بمبلغ 681 مليون شيكل.

حضرت اللقاء "مكرها أخاك لا بطل"، فأن تجد نفسك محاطا بنواب ليبرمان من كل حدب وصوب ليس بالأمر الهيّن ولكن كرمال أن تُقال الكلمة الأخرى "توكلت على الله" وبلعت! وفعلا بعد الخطب "العصماء" والخطب "المستحيّة"، توجهت ل-"العريس" مدير مكتب رئيس الحكومة بالقول: "أنا لا أصدقكم وإذا استطلعت آراء كل الجالسين هنا (بتصويت سريّ !) فستجد أنهم لا يصدقونكم. هذه الخطّة والإعلان عنها الآن مع احتفائكم بخط الغاز على أراضي الكرمل هي مثيرة للتساؤل خصوصا وأنت المسئول شخصيّا".

الحقائق هي فوق كل شيء ومعرفتها هي بداية الهدى، وهي كالآتي:

في الكنيست هنالك مركز مهنيّ للأبحاث والمعلومات يزود الكنيست ولجانها وأعضائها بأبحاث ودراسات علميّة حول كل موضوع يطلبون لتنفيذ مهامهم، وقد حضّر هذا المركز عشيّة إقرار الميزانيّة بحثا حول الميزانيّات المخصصة لهذه القرى مقارنة مع السنوات التي سبقت. بين البحث العلمي والقرار السياسي فالأصدق هو البحث العلمي (كنت أرسلت هذا البحث لكل رؤساء المجالس)... فما الذي نجده في هذا البحث بالمقارنة مع هذه "الخَرْطة=الكذبة الكبيرة" وفقط للمثال؟!

في باب ميزانيّة وزارة المعارف: ميزانية العام 2009-2010 (وفي 6 بنود فقط) 36.474 مليون شيكل أمّا ميزانيّة 2011-2012 فالمبلغ 21.910 مليون بتقليص (43.7%) 14.564 مليون.

  وفي باب ميزانيّة وزارة البناء والإسكان: بين ميزانية 2009-2010 (وفي 7 بنود فقط) وميزانيّة 2011-2012 بلغ التقليص إلى (33.9%). من 59.884 مليون إلى 40 مليون أي 19.884 مليون.

وعلى سبيل المثال في البند (بنى تحتيّة وتطوير الأحياء من 3 ملايين شيكل عام 2010 إلى 1 مليون عام 2011 إلى صفر عام 2012). وفي البند (تطوير البنى في القرى من 6.470 مليون عام 2010 إلى 1 مليون عام 2011 إلى صفر عام 2012).

وماذا جاء في "الخَرطة الحكوميّة" بشأن هذه الوزارة في البند رقم 18 وللمثال فقط ؟

"الحكومة توجه وزارة البناء والإسكان أن تتابع  خلال الأربع سنوات تفعيل "مشروع  التطوير الاجتماعي في القرى الدرزيّة والشركسيّة" ويحول مكتب رئيس الحكومة لهذا الغرض 16 مليون شيكل على مدى الأربع سنوات. يقلّصون 19.884 مليون خلال سنتين ويعِدون (وعد حُرّ !) ب-16 مليون خلال أربع سنوات.

أليس هذا من "ذيله واعمل له شباق" وفي حالتنا حتى الشباق أقصر من الذيل؟!   

وميزانيّة وزارة الصناعة: وفي بند مناطق صناعيّة للقرى الدرزيّة 2.949 مليون في ميزانيّة 2009-2010 إلى صفر في ميزانيّة 2011-2012.

في مجموع ما يسمى الأنظمة الملونة (תקנות צבועות) فالتقليص 38.9%.

هذه هي أرقام مركز الأبحاث والدراسات في الكنيست وهذا ما أقرته في قانون الميزانيّة، فيا أيها العُقّال والمثقفين ما هو المقرر في الدولة؟! القانون أم القرارات الحكوميّة والتي تطير مع الرياح؟! فكم قرارا اتخذت حكومات إسرائيل بدء بالقرار 373 عام 1987 وحتى القرار2861 اليوم عام 2011 فهل تغيّر وجه قرانا؟!

ولماذا وإلى متى هذا الإدمان على الاستهتار بعقولنا؟! ولكن الأهم إلى متى سنبقى مستَهترين؟!

الأمر الطبيعي أن يسأل سائل وما العمل؟!

أولا: تعريف الناس بحقيقة الأمور وبناء على دراسات علميّة وهذا ما أتوخاه من مقالي هذا وحتى لا يشتروا "بضاعة" السياسيين المروجين لأحزابهم.

ثانيا: معرفة الحقيقة هي الخطوة الأولى والهامة في سبيل التغيير رغم أن شوارع قرانا وغرف تدريس أبنائنا مليئة بالحقائق التي ما زال السياسيّون السلطويّون وبعض المنتفعين يعتبرونها "عنزة ولو طارت" خصوصا وما دامت مراكزهم محفوظة ومصالحهم مضمونة.

ثالثا: والأمران معا وإذا رافقهما تغيير توجه لدى الناس، حتما سيلزمون "القيادات" إمّا بالتعامل المهنيّ والعلميّ مع قضاياهم بدل "الكرنفالات" أو تنحيتهم كما يتنحى هذه الأيام الزعماء العرب.