وزير أمن ووزير أمن داخلي ووزير أمن الجبهة الداخليّة...والانتفاضات العربيّة!
2011-02-03 14:55:11

هدأت العاصفة التي أثارها وزير الأمن الإسرائيلي بانسحابه من الكتلة البرلمانيّة لحزب العمل وتأسيس كتلة برلمانيّة مستقلّة وبالتالي انسحابه وعمليّا تنازله عن زعامة هذا الحزب التاريخيّ، أحد الأركان الأساسيّة للحركة الصهيونيّة ومؤسس الدولة وحاكمها المطلق حتى العام 1977. وعلى مداها شانّ الحروب ومهندس ومنفذ سياسة "التدجين" ضد فلسطينيي البقاء ضاربا كل مواطن قوتهم أراضيهم سندهم الاقتصادي ووحدتهم سندهم البقائي.

وأجمع المراقبون أن هذه الخطوة زادت الحكومة قوة بوحدة رؤاها حول القضايا المختلفة والتي تغنيها عن تقلّص ائتلافها البرلمانيّ ب-8 أعضاء، من 74 عضو زائد 4 (الاتحاد القومي الداعم من الخارج) إلى 66 عضو زائد 4 من أصل 120 عضو كنيست.

أذرت بهذه العاصفة تلك العاصفة التي هبّت في تونس وامتدت إلى مصر رغم أن الحقيقة أنها امتزجت بها وهي جزء منها وفيها !

غابت عن الأذهان في ضباب الصدمة، كلمات على غاية من الأهميّة قالها رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال تطرقه للخطوة مدافعا عن شريكه وزير الأمن، عن أوضاع مقلقلة في المنطقة وهذا الكلام جاء قبل انتهاء بن عليّ وطبعا قبل ثورة الشعب المصريّ، فهل كان لدى نتانياهو ما يعتمد عليه في قوله، وقبلها في "لعبته" وباراك؟

وعطفا، هل جاءت خطوة باراك فعلا استباقا لعزله المرتقب من الحزب إحساسا منه أنه فقد دعم غالبيّة قياداته وبالتالي كوادره؟ أو للأسباب الكثيرة الأخرى "السطحيّة"، التي تناولتها بتوسع وسائل الإعلام الإسرائيليّة المختلفة ؟!

عرف التاريخ القريب زعماء أحزاب ساهموا مساهمة كبيرة في خراب أحزابهم والمثال الساطع أمين عام الحزب الشيوعي السوفييتي ميخائيل غورباتشوف، وحتى على الساحة الحزبيّة الداخليّة عندنا لا تنقص الأمثلة، ودون أن يكون هنالك سببا ظاهرا يستأهل عمليّة التخريب هذه.

لكن في سياقنا يُسأل السؤال: هل هذه الضربة شبه القاضية التي وجهها باراك لحزبه هي للأسباب التي ذكرت في الأعلام بتوسع، كاستباقه عزله وتمسكّه وجماعته بالكراسيّ والامتيازات ولمدة تشير استطلاعات الرأي أنها لن تتعدى الثلاث سنوات في أحسن الأحوال؟  
 

أم أنّ وراء الأكمة ما وراءها؟!

هذا السؤال يجب أن يطرح ومن أبواب شتّى على يد كل متأثر بما يجري في الساحة الإسرائيليّة. أول هذه الأبواب هو "التوزيعة" الوزاريّة التي سبقت الخطوة والتي تلتها. فقد سبق أن حُولت صلاحية الإطفاء والإنقاذ من وزير الداخليّة غير العسكري إلى وزير الأمن الداخليّ العسكري أهارونوفيتش، والسبب الظاهر إخفاقات حريق الكرمل أمّا "المخفيّ الظاهر" فهو ما رافق ذلك من حديث عن حرب الصواريخ والنتائج المتوقعة منها في مجاليّ الإطفاء والإنقاذ، وما سكوت وزير الداخليّة زعيم حزب شاش المتزمّت عن ذلك وهم أي المتزمتون، لا يسكتون عن أي مسّ بهم، إلا مدعاة للتساؤل.

واستحدثت وزارة أمن الجبهة الداخليّة وأسندت إلى جنرال هو متان فيلنئي نائب باراك السابق والمنفصل معه وأودعت بين يديه وزارة الأقليّات التي كانت في يديّ وزير، بروفيسور للاقتصاد. هكذا تركيبة و"توزيعة" لم تشهدها الحكومات الإسرائيليّة منذ أن قامت إسرائيل بحرب ومكّنت وجودها بحروب.

يجب أن يطرح سؤال "ما وراء الأكمة" كذلك من باب مواقف نتانياهو وحكومته من عمليّة التفاوض، حتى لو انطلقت من وعلى أساس"وثائق الجزيرة"، وهي الحكومة التي وضعت منذ تشكيلها القضايا العربيّة والتفاوض مع العرب كل العرب، في أسفل سلّم افضلياتها وفي أعلاه الخطر "الإسلامي" أساسا وهدفا لسياستها وخطواتها.

يُطرح سؤال "ما وراء الأكمة" هذا كذلك من باب إيداع وزارة شؤون الأقليّات في يد وزير جنرال وعلى الأقل على ضوء التدريبات العسكريّة الكثيرة التي تجريها القوات الأمنيّة الإسرائيليّة بكل أذرعها في القرى العربيّة وتحت عنوان التشابه البنيوي للقرى العربيّة بالقرى اللبنانيّة، والأخيرة منها التي أجرتها إسرائيل وكان أحد مركباتها التدرّب على حالة حرب إقليميّة يكون العرب في الداخل أحد عناصرها (وبالمناسبة رفضت رئاسة الكنيست إدراج اقتراح مستعجل لبحث هذا الموضوع على جدول أعمالها كان تقدّم به الموقع أدناه والنائب حنّا سويد).

قال نتانياهو خلال دفاعه عن خطوة شريكه باراك كلاما مقتضبا تلميحيّا ضاع وسط "الهيزعة" السياسيّة الحزبيّة التي أثارتها الخطوة وبما معناه أننا نعيش في منطقة غير مستقرّة على أبواب تطورات بحاجة منّا لحكومة قويّة وحدويّة الرؤى. كان هذا الكلام خلال الانتفاضة التونسيّة وقبل أن تتوج ثورة، وقبل الانتفاضة المصريّة التي على ما يبدو ستتوج كثورة. هذا الكلام الضائع في زخم الصدمة هو كلام لعالم ببواطن أمور يرتقبها ويترقبها. (الموقف الذي صرّح به نتانياهو مؤخرا حول الانتفاضة المصريّة وبعد كتابة هذا الكلام وقبل إرساله للنشر يؤكد هذا الادعاء).

هذه الحركة "النتانياهويّة- الباراكيّة" وما نتج عنها وعطفا على مواقف الحكومة وخطواتها لا يمكن أن تُقرأ إلا من الأبواب أعلاه، أو على الأقل يجب أن تُقرأ بعيدا عن مجرّد حسابات حزبيّة والحفاظ على مراكز حزبيّة لمجموعة، ويجب أن تُقرأ عميقا في صلب السياسة الإسرائيليّة العدوانيّة.

هدم حزب تاريخيّ كحزب العمل ومن أركان الحركة الصهيونيّة وعلى يد رئيسه وأبرز قياداته يستأهل أسبابا أكبر كثيرا من مجرّد طمع في مواقع حزبيّة، وهذه الأسباب هي التي وراء الأكمة وتستأهل هذا الهدم خصوصا وإذا لم نمر مرّ الكرام على شعار خطوة باراك: "الدولة أولا ومن ثمّ الحزب ومن ثمّ الأشخاص".

فما الذي تواجهه هذه الدولة ويستأهل هذا الهدم لحزب هو أقامها وعلى يد رئيسه وقياديين بارزين فيه؟! أو على الأصح فالذي يجب أن يستحوذ على اهتمام كل ذي علاقة وخصوصا العرب في كل أماكن تواجدهم هو الذي تخططه هذه الدولة على ضوء هذا الهدم لحزب تاريخيّ من أركان الحركة الصهيونيّة، وهو ما نتج عن هذا الهدم من توزيع لمهام وزاريّة في مجال الإطفاء والإنقاذ ومهام المسئوليّة عن الأقليات (لغة المؤسسة) الجزء من هذه الأمة المنتفضة، وتحويل هذه المهام لجنرالات، وما نتج من تجديد لحقائب وزاريّة أمنيّة وزارة أمن الجبهة الداخليّة وإيداعها كذلك في يد جنرال؟!    

هذه الأسئلة تكبر لأنه لا يمكن أن يُجاب عليها في معزل عن الذي يجري في المنطقة، ولنا في كلام نتانياهو الإشارة والمؤشر.       

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق