تقرير زايد خنيفس

عُقد مؤخرًا يوم دراسي بالتعاون بين الكلية الأكاديمية بيت بيرل و"دراسات" المركز العربي للحقوق والسياسات، تحت عنوان "التحاق الطلاب العرب بالكليات العبرية لتأهيل المعلمين: اختيار أم اضطرار؟"، بمشاركة مجموعة من الباحثين والمحاضرين العرب واليهود وبحضور المئات من الطالبات والطلاب.

أدار الجلسة الافتتاحية الباحث والمحاضر د. أيمن اغبارية، وتحدث فيها رئيس مركز أبحاث اللغة والتربية والثقافة في المجتمع العربي د. عادل مناع، داعيًا إلى "وقف التفكير داخل الدائرة التي وُضعت لنا"، مؤكدًا أنّ دور القيادة التربوية يكمن في قيادة الباحثين والطلاب للخروج من تلك الدائرة.

وقال مدير عام مركز دراسات د. يوسف جبارين في كلمته إنّ تأهيل المعلمين هو حلقة أساسية في العملية التربوية، ومصيرية للنهوض بالتعليم العربي، مؤكدًا أهمية البحث العلمي والدراسات التطبيقية لتطوير التعليم ومكانة اللغة العربية وغيرها من القضايا التي يعمل عليها مركز دراسات. 

• "مهنة معقولة" أم رسالة؟

أدار الجلسة الأولى د. غالب عنابسة. وقدم د. علي وتد مسحًا عامًا حول الكليات الموجودة حاليًا لإعداد المعلمين العرب في البلاد، العربية منها وكذلك المسارات العربية في الكليات العبرية. واستعرض د. سامي محاجنة نتائج دراسة تبيّن منها أنّ 40% من الطالبات العربيات في كليتين مختلفتين اخترن مهنة التعليم عن رضا وكان قرارهن عقلانيًا. بينما قال 20% من الطالبات أنّ مهنة التعليم فُرضت عليهن. وبحسب الدراسة فإنّ الأم هي الشخصية الأكثر ضغطًا على الطالبة من أجل اختيار مهنة التعليم مقارنة بالأب والأصدقاء والمعلمين.

واستعرض د. رائد زيدان بحثًا حول الدوافع وراء اختيار مهنة التعليم لدى الطلاب العرب، حيث وإلى جانب عوامل كالمكانة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي وضغط العائلة وانعدام البدائل، فهناك من لا يزال يؤمن بأنّ التعليم رسالة. وبينما تعتبر المعلمات المهنة وسيلة للتغيير الاجتماعي ومساعدة الغير فان المعلمين يرونها من منظور حب القيادة. 

• تمييز واغتراب

أدارت الجلسة الثانية السيدة أسمهان مصري-حرزالله. حيث تحدثت د. كيتي وتد عن شعور الطلاب العرب في الكليات العبرية لتأهيل المعلمين بالغربة وتدني حصانتهم الذاتية متدنية مما ينعكس على قدرة مواجهة التحديات الاجتماعية والأكاديمية. وقالت د. ماري توتري إنّ غالبية الطلاب العرب لا يعلمون بوجود خدمات مثل المنح ودروس مساعدة وغيرها ولا يستعينون بها، كما أنهم يجدون صعوبة مع اللغة العبرية ويشعرون بوجود سلوك عنصري من زملائهم وبالتمييز ضدهم في الكلية.

واستعرضت د. أورلي سيلع بحثًا حول موضوع النزاهة الأكاديمية تبيّن منه أن الشعور بالغربة والضغط الاجتماعي من قبل الأهل للنجاح بأي ثمن، كانا من العوامل الأساسية التي ساهمت في تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات والوظائف بين الطلاب العرب في كليات إعداد المعلمين، حيث تصل نسبة هؤلاء 73% مقابل 26% من الطلاب اليهود. وعرضت د. ايلانه باول ود. روني رينغولند نموذجًا للحوار بين الثقافات، من أبرز توصياته: تعليم مواد يحضرها طلاب عرب ويهود معًا بهدف فتح مجال للحوار، وتعليم مواد في المواطنة والتسامح وغيرها. 

• بين الخاصية والاندماج

وتحدثت الطالبة تسنيم طيبي عن تجربتها الشخصية، حيث التحقت بالكلية مضطرة لكن بعد سنة ونصف قررت أن تمارس التعليم كرسالة وليس كمهنة فقط. وتحدثت الطالبة آلاء حاج يحيى عن الصدمة الحضارية لدى الطالب العربي وحاجته للاندماج من جهة والحفاظ على الخاصية والهوية من جهة ثانية.

وفي تلخيصه لليوم الدراسي أكد د. أيمن اغبارية أنّ على الباحث أن يكون مؤثرًا في المجتمع أيضًا، وليس أن يعرض المشاكل بل أن يسهم في طرح الحلول لها. وأضاف: "تحاول بعض الكليات إجراء تغييرات ولكنها رمزية فقط بدون أن تغيّر مبناها وسياستها الاقتصادية والثقافية. لقد حان الوقت لنضال من أجل تغيير جوهري في هذه الكليات".

هذا، وتبنى اليوم الدراسي عددًا من التوصيات، أبرزها: تعميق البحث الأكاديمي في موضوع تأهيل المعلمين العرب في إسرائيل، توجيه موارد إضافية من أجل تحسين جاهزية الطلاب العرب للدراسة في كليات تأهيل المعلمين، تقليص عدد المسارات والأقسام المخصصة للطلبة العرب في الكليات العبرية، تدعيم العلاقة بين الكليات ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز دور مراكز الإرشاد للمعلمين وإقامة مراكز استكمالات متخصصة.