إن رؤية سناء للحياة عموما وللمرأة خصوصا، والتي تتلخص في رأيي حول الصراع الأزلي الذي يواجه المرأة في كل زمان ومكان في سبيل تحقيق ذات الأنا – الأنثى،لا يحد من جمال النحت، ولا ترهقه الفكرة، وتحس أنك أمام تمثال لم تبدعه يد فنانة، إنما تشكل هكذا من تلقاء ذاته، وسر هذا يعود إلى تمكن الفنانة سناء فرح بشارة من أدواتها الفنية، وطريقة نحتها التي لا تظهر به الصنعة، ولا يد الفنانة التي أبدعته، ولعل استعمالها لمادة البرونز، أضاف إلى تماثيلها تلك الدهشة التي تشعر بها عند مشاهدتك لمنحوتاتها التي تحمل المواصفات الانوثية بكل ما فيها من انسانية نلحظها بوضوح، خاصة حين تحاول أن تنهض باعتزاز وترتفع بعنقها نحو السماء، وهذا ليس غرورا أو تكبرا .. إنما تحد، وبالتالي توبيخ الأعراف التي ظلمتها وكبلتها عبر التاريخ، وقد لاحظت ذلك كاتبة المقال الذي ورد في موقع سناء تحت عنوان(الكامل بكلّ أجزائه / كشفٌ وتقَصٍّ للعالم الفنيّ لدى سناء فرح- بشارة)، حين قالت: (إن انسياب وحيوية الجسدِ المنشدّ نحو الأعلى يجد له تعبيرا قويًّا في الجزء العلوي من الجسد الأنثويّ – العُنُق. فعُنُق النساء في تماثيلها عضو حيويّ ورئيسيّ يحظى بالتِفات بالغ. العُنُق كمكان لمجرى الهواء، لإسماع الصوت، ولبدء عملية البلع. يمرّ العنُق معالجة بيديّ الفنانة، فهي تؤكّد على حركته. حركة ترمز هي أيضًا نحو الأعلى.)
تستخدم سناء في عملها للتعبيرعن شخصية المرأة التي تبدعها في تماثيلها، عدة أساليب، وانطباعي الشحصي حول ذلك هو أن استخدامها مادة البرونز، أضاف إلى أساليبها الفنية في النحت الكثير من الأبعاد والرؤى، ولعل اختيارها للملابس الخشنة،" كما تقدَّم"، وإلى أسلوب التقطيع، وغيرهما من أساليبها الفنية، إنما يعطي طرف الخيط للدخول الى عالمها الفني واكتشاف المضامين التي تريدها، ولكنها فنانة عربية تعيش في حيفا – كما لاحظت ر. ميلانو في مقالها القيم حول تماثيلها، جعلها تستطيع الجمع ما بين النقيض والنقيض بطريقة تعكس واقع عيشها في مدينة لا تعبر عن ثقافتها وانتمائها القومي، وربما هذا الأمر في رأيي هو السبب الذي حدا بها أن تذهب في أعمالها إلى المرأة الكونية التي ترتفع عن القوميات، بغية أن تلتقي "هذه القوميات" في انسجام ووئام، وقد تمثَّل كل هذا عند الفنانة سناء فرح بشارة، بأبهى صور الشفافية، والإنسانية، والجمال .