ما هي أرض ثلاثية الأبعاد وما هي ميزاتها ومن يملكها؟ بقلم: المحامي قيس يوسف ناصر
27/02/2019 - 12:16:11 pm

صادقت الكنيست قبل فضّها على سنّ قانونٍ جديدٍ في مجال الأراضي والتنظيم والبناء يسمى قانون "قسيمة ارض ثلاثية الابعاد". يعرّف القانون الجديد قسيمة أرض ثلاثية الأبعاد وينظم الملكية فيها وكيفية استغلالها حسب المخططات الهيكلية النافذة. يسمح القانون الجديد بتقسيم أرض الى وحدات ثلاثية الابعاد او قسائم ثلاثية الابعاد واعتبار كل بعد من القسيمة وحدة مستقلة من ناحية الملكية والحقوق والتخطيط.

ما الفرق بين قسيمة ارض عادية وقسيمة ارض ثلاثية الابعاد؟

قانون الأراضي قبل التعديل  عرّف قسيمة الارض كقسيمة ثنائية الابعاد اي ان للارض بعدا عاموديا (فوق الارض وتحت الارض) وبعدا أفقيا، اما القانون المقترح فيعرّف قسيمة الارض كقطعة ثلاثية الابعاد: للارض بعد عاموي وبعد افقي وبعد ثالث وهو عمق الارض. هذا يعني ان التعديل الجديد يصوّر قسيمة الارض كمكعب ثلاثي الابعاد من الناحية الهندسية، ويسمح باسناد ملكية مستقلة في اي بعد من الابعاد الثلاثة واعتبار كل بعد وحدة مستقلة للتخطيط ولعقد الصفقات العقارية.

لماذا ابتكرت منظومة القسيمة الثلاثية الابعاد؟

طرحت وزارة القضاء التعديل الاخير على ضوء المشاريع العمرانية الكبيرة في البلاد وبالاخص في مجال البنى التحتية مثل الأنفاق والجسور والتي قد يكون لكل بعدٍ من قسيمة الارض هدف او استعمال تخطيطيّ مختلف. وقد رأت الوزارة ان القوانين السارية لا تستطيع التعامل مع حالات مشاريع ثلاثية الأبعاد ومسائل الملكية فيها ومسائل فرزها، ولهذا كان من الضروري من وجهة نظرها سن التعديل الاخير. كما تعزو وزارة القضاء الحاجة للتعديل الاخير لما تعانيه البلاد من شح الاراضي والموارد على نحو يحتّم استغلال الارض بشكل ناجع واقتصادي وبكل ابعاد الارض الممكنة وخلق وحدات عقارية اكثر للتنظيم والبناء.

ما هي ميزات قسيمة الارض ثلاثية الابعاد؟

لقسيمة الارض ثلاثية الأبعاد ميزات عديدة اذكر منها اولا ان خلق قسائم ثلاثية الابعاد يوسعّ مخزون قسائم الارض في البلاد، لان فرز الارض الى ثلاثة وحدات مستقلة يزيد من الوحدات العقارية التي بامكانها ان تكون موضوع صفقات عقارية واجراءات تخطيطية مختلفة ومستقلة. بالاضافة لذلك، ان التعامل مع قسيمة ارض ثلاثية الابعاد يمكّن المخططين ولجان التخطيط من الفصل بين ملكية كل شريحة وشريحة من الارض واعطاء كل شريحة استعمالا تخطيطيا اخرا ومستقلا. على سبيل المثال بفضل منظومة القسيمة الثلاثية الابعاد بالامكان بناء عمارة سكنية فوق قطعة الارض وسكة قطار تحت القطعة ومبنى تجاري في عمق القطعة، وعلى ان لا تكون الملكية في كل بعد وشريحة من الارض لنفس الشخص او الجهة، وهذه حالة واحدة معقدة كان من الصعب التعامل معها حسب قانون الاراضي حسب صيغته قبل التعديل. وعمليا، ان توسيع امكانيات الملكية في الارض وتيسير امكانية ترتيب الملكية فيها حسب ابعادها الثلاثة بالاضافة الى توسيع امكانيات التخطيط فيها، يعزز من فرص التعاون التجاري بين المستثمرين ويشجّع المبادرات التخطيطية والعقارية المشتركة بين أطراف ومستثمرين مختلفين. زد على ذلك انه عند تنظيم الحقوق والملكية في ارض ثلاثية الابعاد سيصبح بالامكان مصادرة اي وحدة منها خصصت للاغراض العامة بدلا من مصادرة الارض كلها وهو جانب مركزي في مراحل تنفيذ المخططات الهيكلية الذي كان يعوق ويطوّل اجراءات التطوير والبناء.

من المستفيد الحقيقي من التعديل الجديد؟

رغم ميزات القسيمة الثلاثية الابعاد وفوائدها الا ان تطبيق التعديل الاخير سيكون رائجا اكثر في المشاريع العمرانية المعقدة التي تقام في مركز البلاد على وجه الخصوص والتي تشتمل على تخطيطات عمرانية معقدة فوق الارض وتحت الارض وفي عمقها. اي ان المستفيد الاول من هذه المشاريع هو الشركات الضخمة المبادرة لهذه المشاريع. اما المستفيذ الثاني في نظري فهو الدولة التي تهدف من خلال التعديل الى تيسير المبادرات والصفقات العقارية وتسهيل التخطيط وتنفيذ المشاريع العامة التي تخدم الجمهور عامة. مع ذلك، لم يُصقلَ التعديل الاخير حتى تستفيد منه الأراضي غير المعدة للمشاريع العمرانية الكبيرة المركبّة، ولهذا فان مجموعة كبيرة جدا من الأراضي لن تستمتع بفوائد هذا القانون ولن يكون القانون بالنسبة اليها رافعة اقتصادية وتطويريّة. هي الحال على سبيل المثال في البلدات النائية وغير المرتبطة بمركز البلاد ومنها مجموعة كبيرة من البلدات العربية. لهذا ادعو وزارة القضاء التي تبنت هذا القانون الى التفكير جديا في تطوير القانون ليخاطب ايضا الاراضي في البلدات النائية والأراضي التي تشكو من انعدام فرص تخطيطية وتطويرية حقيقية. ان إهمال هذه الأراضي والبلدات يزيد من الهوة والفارق الاقتصادي والمعيشي بين البلدات المختلفة في البلاد، وهو بشكل غير مباشر يعزز من جهة ثراء البلدات الغنية المتطورة التي تحتضن المشاريع العمرانية الكبيرة، ويعزز فقر وتخلف البلدات الاخرى من جهة أخرى. ان مبدأ المساواة حتى في التخطيط وفي توزيع الموارد العمرانية يحتّم على وزارة القضاء أخذ هذا الجانب الاجتماعي والاقتصادي للقانون الاخير على محمل الجد واتخاذ الخطوات التشريعية الضرورية.

* مرشح للدكتوراة في القانون من جامعة تل ابيب.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق