المقاطِع والمستهلِك والمنتِج البديل بقلم راضي كريني
12/09/2018 - 07:57:13 am

إذا راجعنا التاريخ نرى أنّ سقوط القلاع، على الغالب، كان من الداخل، وليس من الخارج؛ لأنّ الحكّام اهتمّوا ببناء الأسوار والموانع المحصّنة لمدائنهم من الخارج، ونسوا بناء الإنسان، وحارس البوّابة، والمدافِع والمخلص و... والسعيد بوطنه، والمستعدّ للموت من أجل استقلال وحريّة بلاده. لا حاجة أن يهدم الغازي/المحتلّ أسوار المدينة، بإمكانه أن يدخلها، إذا استطاع أن يرشي حارس بوّابة المدينة المحصّنة.

ربّما لا يستطيع الفلسطينيّ ،اليوم، أن يهزم  الاحتلال الإسرائيليّ عسكريّا، وأن يحرّر أرضه من الغزو والقهر والحصار و....، ربّما لا يستطيع اختراق الحواجز الإسرائيليّة المنيعة، ربّما لا يملك الآلة والوسيلة، ومن المؤكّد أنّه لا يملك شركات التكنولوجيا العالية والناشئة والنفط والغاز، وربّما .... لكن بإمكانه ويستطيع أن يدخل أسوار الاقتصاد الإسرائيليّ من بوّاباته الواسعة، والمشقوقة، والركيكة، وأن يخز سياسة الاحتلال بإبرة الاقتصاد الفلسطينيّ!

لا شكّ في أنّ الفلسطينيّ لا يستطيع أن يوقف التبادل السلعيّ والخدماتيّ والأكاديميّ والثقافيّ مع إسرائيل كليّا، وبينها وبين دول عربيّة وإسلاميّة وأوروبيّة و...، لعدم وجود البديل .... لكنّه يستطيع أن يوقفه جزئيّا بشكل كلّيّ، وخصوصا الآن، أثناء شنّ الحكومة الإسرائيليّة والإدارة الأمريكيّة الهجمات  الفاشيّة على الشعب الفلسطينيّ وأملاكه وحقوقه و....

لا نحتاج إلى ضليع اقتصاديّ؛ كي نفهم أهميّة اختراق الأسواق الاقتصاديّة، والضغط الاقتصاديّ على الحكومة الإسرائيليّة والإدارة الأمريكيّة. ولا نحتاج إلى أسوار وحواجز كي نغلق الأسواق الفلسطينيّة، وبعض الأسواق العالميّة في وجه بعض المنتجات الإسرائيليّة، خصوصا وأنّ السوق الفلسطينيّة تعدّ ثاني أكبر سوق للمنتجات الإسرائيليّة.

في المدّة الأخيرة، نجحت حركة المقاطعة BDS  (بي، دي، أس) في رفع مستوى المقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة والاقتصاديّة في أوروبا، نشهد مقاطعة للشركات والمؤسّسات الإسرائيليّة العاملة في المناطق الفلسطينيّة  المحتلّة بعد عام 1967.

لنسهم في مساعدة الفلسطينيّ وحركة المقاطعة BDS التي تتعرّض لحملة إسرائيليّة دعائيّة شرسة، نقدّم اقتراحين:

!-  أن تخترق السلطة الفلسطينيّة والحكومة الأردنيّة  مسلمي أوروبا كأكبر مستهلك للتمر الإسرائيليّ المنتج في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة بعد عام 1967، وعلى السلطة الفلسطينيّة يقع واجب التنسيق مع الحكومة الأردنيّة وحكومات المغرب العربيّ على زيادة زراعة النخيل في المناطق العربيّة و"العربة" الفلسطينيّة والأردنيّة، وزيادة إنتاج تمر "المجهول" وتوزيعه في أوروبا. خصوصا وأنّ أصل  التمر المجهول يعود إلى المغرب العربيّ، وأنّ إسرائيل تصدّر 60% من التمر المجهول إلى العالم، وأنّ حركات المقاطعة لا تتطرّق لاستيراد التمور التي تدرّ مئات ملايين الدولارات على جيوب المستوطنين.

2- حركات المقاطعة لم تسطع كبح تصدير النبيذ الإسرائيليّ إلى فرنسا، كأكبر مستورد، وغيرها من الدول الأوروبيّة، رغم أنّ غالبيّة كروم العنب مزروعة في مناطق محتلّة بعد عام 1967، في الجولان، والغور، وجبال الخليل وغيرها، وتدخل مئات ملايين الدولارات إلى جيوب المستوطنين. هنا أيضا تستطيع القيادة الفلسطينيّة والقيادة السوريّة التنسيق بينهما في هذا المجال، والبدء في زراعة كروم العنب، وإنتاج النبيذ الفاخر، وتصديره إلى أوروبا وغيرها.

لا شكّ في أنّ العامل الاقتصاديّ شرط ضروريّ، وذو أهميّة في ردع العدوان والاحتلال الإسرائيليّ، لكنّه غير كافٍ، ويرتبط ارتباطا عضويّا في مقاومة الفلسطينيّ لاحتلاله، وفي كره الإسرائيليّ لاحتلاله، وفي ميزان القوى السياسيّ الدوليّ.

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق