كُلْ كَما يَليقُ بِكَ، وَالْبِسْ كَما يَليقُ بِالنّاسِ - الشيخ صالح عقل خطيب
30/06/2018 - 07:14:04 am

كُلْ كَما يَليقُ بِكَ، وَالْبِسْ كَما يَليقُ بِالنّاسِ


الشيخ صالح عقل خطيب

إمام في قرية المغار

 

لا نقاش حول المذاق والرّائحة، فالطّعام قضيّة شخصيّة ولكلّ إنسان مطلق الحرّيّة فيما يدخل جوفه. أمّا اللّباس فليس قضيّة شخصيّة فقط، بل هو قضيّة اجتماعيّة وحاجة ضروريّة لستر العورة، فالدّيانات ذكرت قصّة آدم وحوّاء في جنّة عدن بأنّهما غطّيا عورتهما بورقة تين.

في حين أنّ الغذاء، حلاله وحرامه، لا يخدش الحياء، فالملابس يمكنها حفظ الحياء أو خدشه أو حتّى تجاهله.

تحدّد الأعراف الاجتماعيّة الأزياء المقبولة والشّائعة في البيت وفي العمل وفي الملاعب الرّياضيّة وفي أماكن العبادة وغيرها. يرتدي رجال الدّين في كلّ الدّيانات ملابس خاصّة مختلفة الألوان والأشكال، وتمتاز بالاحتشام وعدم فضح مفاتن الجسد.

يعكس اللّباس الدّينيّ مكانة رجل الدّين الاجتماعيّة، لذلك وجب عليه الحفاظ عليها نظيفة مرتّبة، وبهذا يصون ذاته ودينه من الانتقاد، فالأناقة شرط من شروط الظّهور في المجتمع، وواجب دينيّ ليصحّ القول "النّظافة من الإيمان".

يلتزم بعض إخوان الدّين بارتداء الملابس الدّينيّة طوال الوقت، بما في ذلك في العمل مهما كانت طبيعته، ولا ضير في هذا، ولهم كلّ التّقدير والاحترام؛ إلّا أنّ بعضهم لا يتردّد في الظّهور في المجتمع بملابس غير نظيفة، الأمر الّذي لا يستحسنه النّظر ولا الفكر، ويُبعِد صاحبه عمّا يليق بالنّاس من المَلْبس، وهذا قد يشوّه شخصَ رجل الدّين في نظر الآخرين من أبناء مجتمعه والمجتمعات الأخرى.

تجدر الإشارة إلى أنّ مجرّد ارتداء الزّيّ الدّينيّ يجعل الشّخص ممثّلًا عن المجموعة الّتي ينتمي إليها، وقدوةً يُقتدى بها. يعتقد البعض أنّ الظّهور بملابس العمل "غير النّظيفة" هو من باب التّواضع! هنا وجب التّوضيح أنّ التّواضع قبل كلّ شيء يكون بالتّصرّفات، ثمّ بالمأكل والملبس مع ضرورة الحفاظ على النّظافة والأناقة، فثوب رخيص الثّمن نظيف خير من ثوب غالي الثّمن غير نظيف؛ تمامًا كتفضيل طعام بسيط خالٍ من المحظورات يوضع في طبق نظيف على أفخر المأكولات الموضوعة في طبق غير نظيف، أو دَاخَلَها ما هو ممنوع.

يضطرّ الإنسان أحيانًا إلى ترك العمل تحت ظرف طارئ والظّهور في مكان عامّ كصندوق المرضى أو مكتب البريد أو المصرف بملابس غير نظيفة، فلا حول ولا قوّة! مع وجوب الشّعور بالإحراج والاعتذار من الحضور إذا أمكن. وفي الظّروف الطّبيعيّة وجب الامتناع عن ذلك وعدم تحويله إلى نهج حياتيّ، خصوصًا أنّ العامل يستطيع تصريف أموره في الأماكن العامّة بعد تبديل ملابس العمل غير النّظيفة بأخرى تليق بالمجتمع وتضمن له وللمجموعة الّتي ينتمي إليها الاحترام والتّقدير.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق