حَبُّ المُزْنِ  بقلم: د. منير موسى
08/05/2018 - 09:46:28 am

حَبُّ المُزْنِ  بقلم: د. منير موسى

 

نور العيون يا شعبي

علّمتني، يا مظلوم

حبّ الشّعوبِ

 

الطّقس شارد بارد حينًا، وآخر دافئ، وعلى جِنح السّحاب رافئ. رياح هوجاء رعناء غادية رائحة. ومن بين اخضرار موسيقى خُضاريّ الأيْكة الغيناء سابحة. سماء شبه صافية شمّاء، اسم الله عليها. فيها سحائب، غرائب وغمامات ترى فيها صور العبران والغنمات. يغلب عليها صورة البياض المَشُوب بالرّماديّ، وكأنّك ترى افترار أزهار الرّياض. والأسوَد الغسقيّ مثل دكونة أمواج البحر الأسوَد الّذي لا تزوره الشّمس إلّا لِمامًا؛ وذلك لكثرة الضّباب والسّحب المحيطة بمِنطقته. نحاول أن نرتاح من الِالتزامات أيّامًا قليلة. وقد تواردت الأعياد، وقد أحسّت بها الطّبيعة الجامدة والمتحرّكة. فهل نذكر بها ذوي الِاحتياجات، ومَن مرّوا بالِانتكاسات الّتي هيمنت عليهم؟ الجميع تراودهم نفس المشاعر، فهل نجد من مساعد للمُعدَمين مغامرًا، وليس للرّنّان غامدًا؟ وهذه حكمة الله في خلقه؛ وضعها في ضمير الإنسان ووجدانه. فهل نقتبس منها بصيصًا من القبس المشلهِب الّذي يبعث الأمل في كلّ مَن تشرئب عنقه نحو آفاق الحرّيّة؟

حكمتي من بارئ الأكوانِ

جهلي من جَفوة الإنسان

دينكم لله، أنتم إخوة

نوّروا القتاد بالجِنان

الأخبار في الإذاعات والفضائيّات، وما أدراك ما أشواكها وقناديلها، وما تبعثه من السّوء والسّيّئات. إنّها تركّز على السّياسة الّتي من بعض مركباتها الحماقة والصّلافة. فهي لا تهمّ المواطن العاديّ، ولكنّها تؤثّر عليه وفيه، شاء ذلك، أم أبى، عرف، أم لم يعرف. النّاس مشغولون بالأعياد، والمحزونون يتعزّوْن بتعاطف المعزّين، حتّى لو كانت التّعازي من رؤوس الشّفاه أحيانًا، مع أنّها يجب أن تكون نابعة من القلب؛ كي يتسنّى لها أن تزوره. وهذا إذا كان مضمّخًا بالمِقة، والِاهتمام بالغير في عصر تشِفُ فيه أجسام النّاس؛ لأنّ كلّ واحد يعمل المستحيل؛ كي يسكن في قصر، ويتصوّر في أكثر من مِصر، ولا يهمّه كيف، ولا من أين له هذا وذاك. لقد طغت الأنانيّة وعدم الإحساس، وتخدّرت الحساسيّة في المسامات الجلديّة. ساد حبّ الذّات، وهذا جزء كبير من الشّرور الّتي تجتاح هذا الكون. هضم الحقوق ما هو إلّا الغواية، العُقوق وكلاحة الضّمير، وهو القابل للتّخدير، لكنْ، عندما يصحو، يكون في أسوإِ المصير. وتجد محبّة المولى، عزّ وعلا، الّتي تتلطّف، وتتعطّف كلّ الكرة الأرضيّة بالطّوليّة والعرضيّة. والمَسكونة بأسرها مرهونة لمن نوّرها، وجعلها تتنفّس، عندما تصحو، وتنعس. وتلك النّرجسيّة تخرج الإنسان عن مسار إنسانيّته، وهي هُوِيّته، والّذي لا منار غيره، فماذا يصبح بعد ذلك؟ فهل يبقى فيه من الإنسان شيء غير النّطق؟ والمنطق سعادة. ولا أجازف في قولي، إن الحيوان عاقل، لكنّه غير ناطق.

حذارِ! إن كنت مؤتمَنا

ولّى الضّمير، تدفع الثّمنا

حرّ ، قد رُمت بهرجة

لا تنخدعْ في كلّ مَن سمنا

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق