"بيسوس الناس"- بقلم الدكتور محمد الشغري
17/02/2018 - 09:24:43 am

كانت جدتي رحمها الله وكنت احبها كثيرا للحكمة التي كانت تتحلى بها واللعظة التي كانت تشير بها الينا،وفي ليلة من ليالي كانون الثاني أبو الزلازلا والامطار دخلت الى خشتها لتستعد للنوم بعد ان تناولت الطعام وكل ما يلزمها وبدأنا نحن الصغلر في الحديث اليها من بعيد ان كانت لديها رغبة في أن تسمعنا قصة ظريفة لم يسبق لنا أن سمعناها من قبل وسألناها ان كان تريد كأسا من ألشاي؟ في البداية رفضت وقالت انا تعبانة وألطقس بارد جدا،لكننا أقنعناها باننا سمعنا أن لديها قصة جميلة ونحن مستعدون أن لا نزعجزها في أي شيء!وتَم التفاهم وجلست انا بصفتي ألابن ألذكر ألسنا مجتمعا ذكوريا؟ الى جانبي من أراد الانضمام اما فوريا أو في ما بعد،وحذرَتنا ان كل من يحاول عرقلة الحكاية لن يشارك مرة أخرى في سماع ليس هذه القصة بل أية قصة أخرى،وهكذا تمت عملية الانضباط بحزم وإرادة قوية وبدأت الكلمة ألاولى: نحكي ولاَ أنام؟ نحكي وبدأت الجدة في سرد هذه القصة التي نسمع بها،كان يا مكان ويا مستمعين الكلام في احدى القرى البعيدة عن قريتنا رجل غنَي والغني بوجه الله وكان له من "ألبوش من غنم وبقر وماعز واراضي وممتلكات واولاد كثيرون من الذكور والاناث وكان كريم النفس لم يبخل على أي من أهل بلده بشئ واصبح محط انظار ألآخرين وكل من أراد أي شيء لسد حاجته كان يحضر لعنده علَ وعسى أن يجد الحل،وفي الجلسات الصباحية حيث تجتمع العشيرة وكل واحد من أهالي القرية يشربون الشاي والقهوة السادة وبعد ذلك ياكلون مما لذَ وطاب من هذا البيت الكريم يتوجه كل واحد الى عمله من ألاهتمام بالماعز أو البقرأو الأغنام والممتلكات ألاخرى،وفي يوم من ذات الأيام أراد ابنه البكر بدران أن يدلي له ببعض مما لديه واراد ذلك سرا،لكنه رفض بالبتَة وقال بدران أنه لاحظ أن أموال والده تستغل في طريقة ليست حسنة وأن كثيرين يستغلون منصبه وما لديه من أموال وهو دائما يقول:ربنا بيَسر ولم يلتفت الى مثل هذه ألاقوال،لكن أمواله تقلَ كل يوم وتنقص وهوالاتكال على المولى عزَ وجَل،لكن أهالي القرية بدأوا قليلا فقليلا بالابتعاد عنه وشعر هو بذلك لكنه لم يحدّث أي من أهل بيته أو الاقربون منه،ومن المعلوم عن أبوبدران أنه رجل شجاع شهم يقضي حاجة كل شخص وهو ملم في"ساسة ألامور ومرافقة الامراء" وروؤساء العشائر،الى أن أتى عليه يوم ان قال لابنه:انه يريده أن يبيعه لشيخ عشيرة مقابل أن يستمر الأولاد والعشيرة في الحصول على الطعام،وبعد أخذ ورد وافق ابنه وباع والده في سو النخاسين وانقطعت أخباره قليلا لانه صبح كل يوم كانت تسمع أصوات مهابيج القهوة وغير ذلك من العدَة التي كانت تعدَ فيها القهوة وتذبح النعاج والماعز وتوضع اللحوم على الموائد وياكلون منه حتى آخر لقمة وكل من سمع بهذا ألامير استغرب لماذا وكيف هو مستمر في عملية الكرم،والغريب في الموضوع أن أي من اهل بلده لم يحاول ثنيه،وبيع بثمن بخس تناول ابنه البكر بدران المال وكل سار في طريق الى ان وصل الى بيت هذا الأمير والذي كان متزوجا من اُنتين واراد فحص خلفيتهما وكان جدا مسرورا من أبو بدران وتصرفه واخلاقه،وفي يوم من ألايام طلب منه أن يسوس ألزوجة ألاولى والتي وجدها :اميرة بنت أمراء اذ استقبلته بأسرع ما يكون من الزمن ووضعت له ضيافة وقهوة وعلبة من السجائر وسالته ان كان يريد شيئا آخرا فأجابها بالنفي،وسرَ الأمير من ان زوجته ألاولى :ابنة ناس ومؤدبة الخ، وبعد مدة من الزمن أراد أن يسوس زوجته ألاصغر فطال الانتظار امام مدخل الغرفة وكانت تتذرع انتظر قليلا وهو ينتظر ولم تقدم له ضيافة جيدة وبعد ان دخل الى الحجرة طلب منها ان تمشي امامه قليلا ثم خرج وجاء الجواب بان هذه الزوجة هي"نورية بنت نور" وعاد بهذه الأجوبة لوالدته والتي اضطرت في النهاية ان تعترف له بالحقيقة،وبعد مدة طلب منه ان يحضر الى بيته لحديث خاص وهام وعندما سأله رأيه في الموضوع أجاب :لا مانع لكنني افضل عدم ذلك وتمَ الاتفاق على يوم من أيام الجمعة وصل أبو بدران واستقبله الخادم وقدم له فنجانا من القهوة واشعل له سيجارة وبعد الانتهاء من الضيافة دخل على ألامير وطلب منه أن يمشي امامة ذهابا وإيابا ويلف ويدور وبعد الانتهاء من هذا"الفحص" خرج كل الى بيته ،لكن ألامير كان على أحر من الجمر لمعرفة النتيجة والتي حاول أبو بدران المماطلة في الجواب،لكنه في النهاية قالها  له بكل اسف:انت لست اميرا بل نوري ابن نور،عندها طار من حبال عقله واراد ان يقطع عنقه،فقال له ان كان كلامي غير صحيح افعل بي ماشئت،وحاولت أمه أن تلطفَ من ألاجواء، لكنها في نهاية المطاف أخبرته بان والده كان على حفة قبره ولدينا املاكا كثير مما اضطرني أن الدك من زنجي فاسمح لابو بدران بما قاله.واستدعاه وقال له خذ كل ما تريد مني وارحل عنَي.

وهكذا عادت الحياة الى طبيعتها من جديد في قرية أبو بدران وبدأ في شراء كل ما يستطيعه من ألاغنام والماعز وعلم من هم ألذين كانوا وراء ان لا يستمر في الرفاه،وفين النهاية عاشوا في اللد والنعيم وكثَر الله خير السلمعين وشكرا للجدة خدوج التي اتحفتنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق