أدونيس ( الدّيوان الحادي عشر) بقلم: د. منير موسى
09/02/2018 - 09:03:44 am

أدونيس

سوناتات { قوالب شعريّة من 1- 12 / يتبع ... }   

( الدّيوان الحادي عشر) بقلم: د. منير موسى

 

*

1 سوناتة

من ضحكة الغيمات يهمي فرحُ

أم من قلوب ناضحات بالحُبورِ؟

أرياح عمر زاهر تستجرحُ

ضرب العوالي غائل للنّورِ

مَن ليّن الصّخر المساقي للورودِ؟

مَن شرّد الأحلام عن كرم النّبيذِ؟

مَن مُرجع فرخًا لعشّ الغَرودِ؟

أشذاء رُبّ، غَبّها طيرٌ، لذيذِ

صوت الجَداجِد الّذي يسبي اللّيالي

مسرورة به الضّواري هائماتِ

غَرد الهزار مكسّرَ الأغلالِ

صمت البراري مؤنس يمامتي

نبع يروّي السّابحات في المدى

على مُتونها حسّون شدا

*

سوناتة 2

نرمي شِباكًا في خضمّ أزرقِ

تعمى الصّقورُ، ويهفّ النّورسُ

فِرٌّ على قِرمَيدِه المزقزقِ

حديقة غَنّاء، تاجُها الآسُ

غنّى الرّعاة في متاهة الشِّعابِ

رُقطيّة تهدل على السّنديانِ

صقيع يخبّئها بالغابِ

بوصلة المشرّد طريق وديانِ

هو الوطن رؤية العين السّهولا

أشجار بانٍ، كرمة وجدانا

ما مرّ يوم، ونسيت المَوْئِلا

خاتلت جليلي؟ خسرت أوطانا

حانٌ على رمش المدينة غافي

مهجّر يضيع في الفيافي

*

سوناتة 3

أثني على جراءة الملّاحِ

بحر يذكّره بالأنهارِ

في قلبه يحمل زمن الأقاحي

لقالق على سارية أزهارِ

تنتظر حبيبة في الغلسِ

محارب هو ببرد الغبشِ

طائر قيثارٍ بصدح كالجرسِ

قد باع ساعته لجلو الغبَسِ

على الشّرفاء يعزّ الوطنُ

ولو يسافر بعيدًا الرّزقُ

يهلّ عند الدفء كروانُ

يقيّده موطنه والعشقُ

صعوبة البقاء فيه تأسرنا

مواقع النّجوم تجذّبنا

*

سوناتة 4

حمقى يقودهم باغٍ مستبدُّ

والجهل متحكّم بالعلمِ

والنّفس تسبي العقل، إذا لم تُردُّ

للشّعب ما يستأهل من الحكمِ

شرّ يبين في رداء الخيرِ

عُرب شهماء! كرَمكم قِتالُ؟

تستباح كنوزكم للغيرِ

الفارهات أفضل منها الجِمالُ

تسبح بالماء به التّماسيحُ؟

إذا ابتعدت، لا ترى الأعداءا

إذا كبوت، شاربًا تَحسّسُ

لم يتغبّرْ؟ احفظ الرّداءا

نويت أن تسقي يباب شعبكا؟

لا تنحسر، مشرّد ينتظركا

*

سوناتة 5

تصنع صحونا، بمكسور تأكلُ؟

تضيع خطانا بلا قياسِ

عن الحدود تخرج؟ ستفشلُ

أسكتّها؟ سالت دموع الماسِ

تصيد أرنبًا؟ حاذر النّمِرا

مالآخرين تضحك؟ وحدك تبكي

بسيطًا احتقرت؟ لستَ غِرّا؟

درب ورود مستقيم، أنت تُزكي

لو ضعت بدرب الحقّ، ترجعُ

هذا النّبات من ذلك الحَبِّ

جذرَ الصّغير سَقِّ، فلا يُقلعُ

وادفع شريدًا للفضاء الرَّحبِ

نفهم بغض نِحرير وطني

قالت صبابة، وهل يفهمني؟

*

سوناتة 6

خَدعت في السِلم، فأنت المخاتلُ

الجُبن توأم لسوء الحظِّ

تشتكي، وعنه لا ترتحلُ؟

هيماء تقطعها بعزّ قيظِ؟

بسافح ملأت كوبًا علقما؟
والعذب ينضح مِنَبْعَ السّلسبيلِ

الحقّ مثل الزّيت، يرتقي القمما

صَوّانة لا تلمع بإكليلِ

جواهر تشعّ بالعقودِ

مَحتِدها من باطن الرُّغامِ

أينفع أن تغسل ثومًا بوردِ؟

كلاهما يُبري من السَّقامِ

يكسّر الأشجار طقس عاصفُ

يهمي الغمام، والرّعد قاصفُ

*

سوناتة 7

وقعت أرضًا؟ هل لقطت جوهرا؟

ديْنًا نسيت؟ قد يطول الألمُ

تعالج الجرح! تقصّر المَرارا

طفّأت نارًا! يبسم حقل وكرمُ

استقرضوا منك؟ فحاذر الخصاما

وهبتَ؟ أنت مفرح المشرّدِ

ذكر العيوب قد يخسّر المقاما

يدنو انحطاط، أتلاقي من سندِ؟

مَن يقف بين خسارة وربحِ؟

فلا خيار لك إلّا أن تعي

فأنت لا ما تُغدَق بالمدحِ

فما عليه الآن، لا تقل، دمعي!

إن كنت في حبّة قمح تنغري

تدري؟ لعسجد السّهل ستجري

*

سوناتة 8

لا بدّ للخير البعيد أن يصلَا

ولمشرّدين بالرّجوعِ

الجذر مرّ، والثّمر أحلى

من عسل وخَندريس ينبوعِ

هي الحياة، مرّها وعذبها

شجاعة الطّائش ثور مغمَضُ

بِيع الغنيّ بالأنا والسُّمَّهى      

وغَدْقة الكريم لا تغيَّضُ

ولدًا تثقّف، تخضرّ بلدُ

بنتًا تهذّب، دُنًى تزقزقُ

في محضر الصّديق عذبًا تنشدُ

وفي غيابه علقم يرقرقُ؟

غمّدت سيفك، فقلب أصمعي!

تكسر قلب مَن ربّاك بدمعِ؟

*

سوناتة 9

عشرة عصافير على الشّجرِ

خير من المدلّل في القفصِ

تدمّر السّفينة بالبحرِ

عاصفة، يُفكّ خيط بمقصِّ

هل ينبت مطرح الدماء عشبُ؟

 شوك وورد وأقحوان نسيانِ؟

هل يحلّ، أم يدمّر الغضبُ؟

مرضتَ؟ لا يشفيك رُزء إنسانِ

تهدي الثّريّ أجمل الباقاتِ؟

وللفقير ثوبًا ممزقا؟

تسوى دموع المرأة باقاتِ

الكلفة النّزرة تكون أرقّا

وهل تعضّ كلبًا يعضّكا؟

هي حكمة، هل تخلّي بالَكا؟

*

سوناتة 10

تدافع عن وطن يحضنكا

عن شهمة سيّدة الشّريفاتِ

من كثرة الألم لا يضرّكا

لا يشترى بالمال نفح أصياتِ

إن كانت النّصيحة تجرّحُ

فكيف يُنسى قلب مَن تحبُّ؟

تفشل هو دأبك، أو تنجحُ

الكوثر والعكر، ممّا تغبُّ؟

لولا الحواسّ، ما كانت الخطايا

أفضّل حرّيّتي بالكوخِ

أرفض ذلّ القصر والمطايا

أسير بالمسوح حرًّا لا بجُوخِ

 بين جمال وذكاء تحيّرُ؟

عنوان رزق ضاع؟ هو يغمرُ

*

سوناتة 11

رمت النّجاح؟ لا تلقِ بالا

في الغاب لا، أسد ببيته الكلبُ!

تأسف إن فقدتَ الِاحتيالا؟

أو زال عنك سرقة وكذبُ؟

تأبه لما يقولون عنكا؟

أم ما تقوله أنت عنهم؟

هذا هو الأفق، كلّه لكا

سرقة، مَيْن، لا شيء لهم!

كذّبته، أهنته؛ كي تصدقا؟

معركة ربحت، أنت الأفضلُ؟

مَهانة تغريك أن تحرقا؟

ذلك شرف، هل يحميك أصلُ؟

رفعتمُ الشّعارات، كي تحموا

وطنًا؟ فغدرًا وزيفًا اِرْموا!

*

سوناتة 12

هل يحلي الصَّيِّبُ ماء بحرِ؟

هل تتعب بأقناع جاهلِ؟

أتقول: كنْ إنسًا للحجرِ؟

عن سوئهم شِحت؟ فخير عاقلِ

عرفت قدر المسيء؟ فذكَوتا

وظالم لنفسه اللّئيمُ

علا الشّجرة، فزاد عَنَتا

بمخيّلته صغر الفهيمُ

العدميّ هو، شعبه جفا

عِرنينه على الأفاضل سما

في اليمّ مَن يشقّ طريقًا عفا؟

ومَن يعضّب سهام مَن رمى؟

هي العطف والغموض والجمالُ

أنت هو الجاني، لك الدّلالُ؟  

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق