أخرجوا لعطلة بدون راتب من الاحتلال
22/01/2018 - 12:25:08 pm

أخرجوا لعطلة بدون راتب من الاحتلال

جدعون ليفي

هآرتس 2018/1/21                                    ترجمة: أمين خير الدين

 كان الأسبوعان الأخيران من سنة 2018 هادئين نسبيا. قتلت إسرائيل خلالهما  فقط أربعة فلسطينيين، ثلاثة منهم أولاد صغار وفتيان؛ قُتِل مستوطن واحد؛ سلاح الجو قصف في غزة أربع مرات، أطلق  النار 13 مرة ورشّ الحقول بالرصاص أربع مرات أخرى؛ سقطت في أسرائيل أربع قذائف، أفسد المستوطنون 115 شجرة؛ وصدرت أوامر هدم ل-13 منزلا فلسطينيا؛ واعتقلت إسرائيل 261 فلسطينيا في أوّل أسبوعيين من سنة 2018، أسبوعان عاصفان نسبيّا.

  أعتُقِل بمعدّل 19 شخصا كل ليلة في الأسبوعين الأخيرَيْن، الأسبوعان الهادئان نسبيا، من سنة 2018. هذه المُعطيات، يحرص عضو الكنيست على نشرها كل أسبوعَيْن في حسابه التويتر، تحكي هذه المعطيات عن جزء من روتين الحياة في ظلّ الاحتلال. خلال الأسبوعَيْن الهادئين مددت إسرائيل اعتقال الفتاة  ابنة أل – 16 سنة التي صفعت جنديا ومددت اعتقال أمها لأنها صوّرتها حتى انتهاء الإجراءات. حُكِم على فتاة أخرى، ابنة 13 سنة،  بالسجن ثلاثة أشهر بتهمة إلقاء الحجارة، مُدِّد اعتقال عضوة البرلمان  نصف سنة أخرى بدون محاكمة. أُعْطًب مستوطنون 16 مركبة فلسطينية. واستمر مليونا إنسان العيش داخل قفص – غزّة، وأمضى الآلاف من مواطني الضفة الغربية ليالبيهم بخوف بسبب غزوات جيش الدفاع الإسرائيلي لقراهم ولبيوتهم. روتين.

 عندما حدث هذا كله، كانت إسرائيل مهموكة بمشاكلها. لا علاقة لهم بقائمة الجَرْد هذه، القائمة التي وسائل الإعلام لم تعلن عن معظمها. كما أن بعض كتَاب يسار المركز كانوا منهمكين بأمورهم. سامي بيرص، مثلا، قال إنهم في يسار المركز  "خرجوا لعطلة بدون راتب" ("هآرتس"، 17.1)؛ كتب أوري مسغاف أن روجر ووترز لزقه  "نودنيك" ("هآرتس، 18.1)؛ وهو يفضّل بول مكرتني، عندما يغني "yesterday" . يريد مسغاف أن يعيش حسب "القيم الليبرالية – الديمقراطية" ولهذا لا يريد أن يعيش مع عرب. نوع من اليسار الإسرائيلي.

  وما يبعث على السرور أن اليسار في عطلة بدون راتب. دائما من المفضّل ألخروج لعطلة، ويمكن أيضا تفهم مشاعر الذي يريد العيش بدون العرب – البرابرة، العرب ليسوا ليبراليين – ديمقراطيين مثلنا، نحن المتحضرون. لدى الإسرائيليين الوقت الكافي لكل العالم، لا شيء ملحّ عندهم. المحتل ليس عنده شيء ملحّ.

  لكن طالما أن هذه المواضيع مهجورة، يستمر الفلسطينيون بالعيش بها للسنة أل – 51، هذا الجيل الثالث والرابع، يعيش واقع الأسبوعَيْن الأوليين من سنة 2018. عندهم توقف الزمن منذ زمن. هم أيضا كانوا متلهفين لأن يخرجوا من الاحتلال لعطلة بدون راتب، لكن لسبب ما لم  تضبط الأمور معهم. هم أيضا متلهفون للعيش بدون أن يكون الإسرائيليون المتحضرون إلى جانبهم. لكن هذا لم ينجح.

النقاش العام في إسرائيل، يتقلّص،  وهذا من علامات  التنكر الواسع: يتنكرون لوجود شعب آخر، ينكرون مِحَنَته غير المستوعبة، مخاوفه، دمه الأرخص من الماء، الثمن الذي يدفعه ليلا ونهارا، ينكرون وقته الذي انتهى منذ زمن. حاجة الأمن هي دائما حاجة الأمن للإسرائيليين. عندما يتكلمون عن مخاوف، هي أيضا من حقهم. في السنة أل- 51، يريد الإسرائيليون الخروج لعطلة من التعامل مع الاحتلال بدون راتب. فاصل لعدّة سنوات، وربما لعقود، حتى "تنتظم الأمور" . أنهكهم التعامل مع الاحتلال. ليس لديهم وقت للنودنيكم  الذين يذكِّرون بوجوده -  إلى هذا الحد يجترّون أنفسهم، هؤلاء المزعجون، مرة وأخرى، مثل روجر ووترز،مثلا.

 ليست هناك وقاحة وغطرسة أكثر من ذلك. التعامل مع الاحتلال يلحّ. الاحتلال يلح أكثر. الاحتلال مملّ للإسرائيليين، ممل للمحتل. لكن في هذا الزمن، عندما نكون مٌرْهَقين ومتبرمين، الفلسطينيون ينزفون، يئنّون، يهانون، يُضْرَبون. كل يوم ، وكل ليلة، في تخيلاتنا لا يوجد وقت من أجلهم. وقتهم انتهى منذ زمن. آباؤهم أنْهَوْا أيامهم بحياة غير إنسانية ، لكنهم يرغبون في أن يعيش أبناؤهم حياة أخرى. أو أحفادهم. نحن بحاجة إلى  نودنيكيم (مزعجين)  يلحون ليذكرونا بذلك، حتى لو أفسدوا هدوء المحاضرات عن جوقة البيتلز في الأذُن الثالثة ويعكرون الاحتفال بالاحتجاجات في روتشيلد.

2018/1/21

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق