أَيا يركا

أنا المشتاقُ يا يركا فَحيِّني..............بأعيادٍ وريحانٍ وضُمِّيني
وغطيني بنسماتٍ من الوادي...........وقُبُلاتٍ من الليمونِ والتينِ
وغنيلي مواويلاً وشُدّيني................الى الأحضانِ بينَ الحينِ والحينِ
وقوليلي هل الحاراتُ تذكُرُني..........فيا خوفي من الهجرانِ تنساني
أنا المشتاقُ يا يركا وهل أنسى.......طريقَ العينِ من تلٍ الى ثاني
ونبعَ الماءِ بالصَّيَحاتِ مُمتلأً..............لأطفالٍ وصبيانٍ وخِلّانِ
ورشحَ الحجلِ بالأجبالِ مشتعلاً.......يُذكِّرُني بأُغنيةٍ لصنّينِ
سُنونو الدارِ هل عادتْ لشُبَّاكي......مُبشِّرةً بأيارٍ ونيسانِ
وأسرابٌ من الزُرزورِ قد حَجبتْ........خُيوطَ الشمسِ عن توتٍ ورمانِ
وهُدهُدةٌ مُزيَّنةً بألوانٍ..................مُخبَّأةً بأسرارٍ وكِتمانِ
ودورِيٌّ بصرخاتٍ ويوقِظُني............من الأحلامِ في الأوهامِ يرميني
شُجيراتٌ من السنديانِ باكيةً........فهل كانتْ على علمٍ بأحزاني
حقولُ القمحِ في بالي سنابِلُها......مع النّسماتِ كم كانتْ تُحَيّني
تُناديني الى الأحضانِ راقصةً.........تُعانِقُني وان شاءتْ تُخبّيني
أنا المشتاقُ يا يركا الى كرمٍ........منَ الزيتونِ يأويني ويحويني
ويزرعُني بأفكاري وإيماني..........ويقطُفُني بتشرينٍ وتشرينِ
وإن حاولتُ كالعُصفور هجراناً.......يُقلِّمُني وفي الفَيَّاتِ يُبقيني
يُذكرُني بأوقاتٍ قضيناها.............مع الأحبابِ في ظلِّ الأفانينِ
ومعصرةٍ لأجدادي ملامحها.........يفيضُ الزيتُ من عهدِ السلاطينِ
أنا المشتاقُ يا يركا لأفراحٍ.........وأعراسٍ لِتُشعِلُني وتُطفيني
ودَبكاتٍ مع الأصحابِ تحتدمُ.......ورقصاتٍ لعُرسان تُبَكّيني
وزغردةٍ من الفتياتِ تنطلقُ........تُلاقيها بطلقاتٍ ونيرانِ
أنا المشتاقُ يا يركا الى حُبٍّ.....يُعذِّبُني ومثل الجمرِ يكويني
ويحبِسُني بعينينٍ بريقُهما........شُعاعُ الشمسِ في صُبحٍ حُزيراني
وضَحَكاتٍ كأنغامٍ فتُطربُني........وتُسكِرُني فتقتُلُني وتُحيني
فَساتينٌ مطرَّزَةً بآهاتٍ............وفوطاتٌ من الآدابِ والدينِ
وعُقَّالٌ تُشرِّفُني عمائمُهم.......وجُهَّالٌ جمالُ الجهلِ يُغريني
وحطَّاتٌ وقمبازٌ وشروالٌ..........لباسُ الأهلِ والأجدادِ عنواني
أيا يركا وما زالتْ عُروبتُنا.........كتاجِ الرأسِ راياتُ الملايينِ
أيا يركا وما هانتْ أراضينا........فَغُضّي الطرفَ عن خطئِ المساكينِ
أيا يركا وما زلنا على العهدِ.....الى التحريرِ من مكرِ الثعابينِ
أنا هُجِّرتُ يا يركا عن الوطنِ....وما ذنبٌ سوى كوني فلسطيني

موفق معدي