جمال العصافير بقلم: هدى أمون
11/10/2017 - 09:11:57 am

يا لهُ من قدرٍ غريب، رغم قسوته، إلا أنه يجعل من المستحيل حقيقة. أردت الهروب والانفراد، العزلة والتوحد بك؛ كي نعيش بمفردنا في بيتٍ ناءٍ، في كوخٍ خشبيٍ صغير،يملؤه الدفء والحنان، حوله الأشجار العالية، وفي حديقته الأزهار الملونة، وبالقرب منه بحيرةٌ صغيرة، تلألأ مياهها العذبة، فيها تسبح بعض الإوزات البيضاء،وتحيط بها الأشجار، الأعشاب والأزهار. في كوخنا الجميل المتواضع توجد أرجوحة بنية اللون، وبالقرب منه يوجد كوخٌ صغير داكن اللون، يروي الكثير من الحكايات. تسكنه امرأةٌ عجوز طيبة مع زوجها، تأتي لزيارتنا في بعض الأحيان؛ لنحتسي كوبا من شاي الأعشاب الساخن، وتروي لي بعض القصص المسلية. وما أجمل حياتها! تحضر لنا بعض الفطائر؛ لكي نأكلها في الهواء الطلق، بينما يكون زوجي مع جارنا العجوز، يصطاد السمك، ويطعم الدواب، بعد إن تعود للإصطبل. نجلس جميعنا لنشوي السمك، ونستمتع بجمال الطبيعة الفاتنة، نستنشق الهواء النقي، وننظر للنجوم. وفي الصباح الباكر، نركب حصانينا الأبيض والأدهم، ونخرج في نزهة للبرية، نجلس على ضفة البحيرة، ونراقب غروب الشمس باستمتاع بعيدًا عن أحاديث البشر، بعيدا عن جميع من يريدون أذيتنا، ننعم في حياتنا الهادئة الجميلة؛ تختفي جميع الخرافات، فلا وجود للمشاكل ولا للحديث الكاذب، لا للخلافات ولا للنزاعات. حياتنا آمنه صادقه وجميلة، مبنية على الاحترام، الثقة والتقدير. هو قانونٌ يلزمنا لنعيش حياتنا بهدوءٍ ومن غير مشاكل. يا رب أدم لي معيلي وجارتي العجوز الطيبة، واحفظ معيلها صاحب الوجه البشوش والقلب الطيب. فماذا يريد الإنسان أكثر؟ لقد وُهبنا الكثير من النعم، لكنني على ثقة بأن أجمل هبة ستكون طفلًا، نرزق به، يلعب في حديقة بيته، ويلون حياة والديه، وجيرانه عجوزان، لا يملكان الأحفاد. الحياة رائعة وحلوة، لكن البشر يزيدونها تعقيدا في كل يومٍ يعيشونه، فلو أنهم تركوا الحكايات السخيفة، وتطرقوا إلى القضايا الكبيرة، لما عاش أي شخصٍ بهم حياة تافهة، ولما تأذى أحد، ولكان الجميع ينعمون في حياةٍ هادئة وبسيطة. فلا تختبروا صبر الله يا عباده، فأنتم لا تعلمون متى سيغضب البحر، ويرسل أمواجه، متى سيتحول النسيم العليل إلى إعصار؛ فيلتهم الجميع. فأمة اقرأ ما زالت لا تقرأ، وتتهم القدر والزمان، وتلقي عليهما لوم جهلها.إلى متى سنبقى نلقي اللوم على غيرنا، عندما تدهمنا الدواهي؟.نحن من صنعنا تاريخنا، ومن نصبنا نصبًا تذكاريًا لجهلنا المستمر. لكن، عندما تسقط القشورعن عيوننا، نرى سحر الطبيعة وجمال العصافير.   

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق