كُرَةُ القماش* من رام الله
26/07/2017 - 06:58:06 pm

كُرَةُ القماش* من رام الله

صفي برئيل

هآرتس، 2017/7/26                                          ترجمة: أمين خير الدين

    سئمنا من الفريضة وقَرِفْنا. كلّما قام فلسطيني بعمل عدائي، يستدير المايكروفون الإسرائيلي المناوب نحو "قصر الرئاسة" في رام الله، ومفاتيح التقوية موجّهة للأعلى، والجمهور الإسرائيلي يفتح أذنيه ليسمع ما سيقوله الرئيس: يندّد أو لن يندّد. وثمّة خيبة أمل شديدة. لن يُندّد.

     وتضيع مرة أخرى الفرصة التي أعْطيَت لأبي مازن ليثْبِتَ نفسه. فقط لو تمتم بالتنديد، كنّا سنعطيه نصف المملكة. لم نكن لنزيل أجهزة الكشف المعدني من مداخل بيت المقدس فحسب، كنّا سنعطيه اورشليم  الشرقية مع كلّ ما يحيط بها،  كلّ ما بُني وما سيبنى خلافا للقانون، كنّا سنسجلها على اسمه.

  لو نطَقَ فقط بالكلمات السحريّة، كنّا سننهي موضوع الحدود، وانسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي، وكنّا سنبني آلاف الشقق في قلقيلية، وكنّا سنفتح شارع الشهداء في الخليل، ونفكّ الحصار عن غزّة، وحتى كنّا سنوقع على اتفاقية سلام، لكن الرجل لم يقل شيئا، وحتى لم يُغرّد. صحيح، إنه استنكر هجوم المخرّبين الإسرائيليين الثلاثة على جنود حرس الحدود، لكن ماذا مع حلميش؟ وماذا مع الاعتداءات السابقة؟ كيف يمكن مجرّد التفكير بإبرام تحالف مع إنسان غير مستعد لاستنكار اعتداء؟ 

     لا نحتاج إلى أبي مازن ولسنا بحاجة للتعاون الأمني معه، هذا ما صرّح به أبيغدور ليبرمان.ويفسّر وزير امن، أنّه [ أي أبو مازن – المترجم] أُعِدّ فقط لخدمة الفلسطينيين، لدينا أصدقاء عرب آخرين، أفضل منه، أنظروا كيف ينمو التعاون الأمني مع مصر، لم تكن أبدا علاقاتنا جيدة مع دولة عبد الفتاح السيسي كما هي اليوم. لكن ما العمل، أيضا هذا الصديق لم يستنكر الاعتداء في حلميش، ربّما عبدالله ملك الأردن، أو سلمان ملك السعوديّة، رغم تلهّف نفوسنا لمصافحته، هل استنكر الاعتداء،لا شيء، هو أيضا لم يستنكر.

     رغم ذلك، ليس هناك مثيل لهم كشركاء في الأحداث التي تجتاح الشرق الأوسط. يُعْتَبَر التعاون مع الأردن في الحرب الجارية في سوريا منذ زمن طويل جزء من التحالف الإستراتيجي مع الملك الذي لم يستنكر. وأن جرى ما جرى في  منزل الحرّاس في عمّان، قُتِل مواطنان أردنيّان، ليس من الضروري الاعتذار فورا، أو الاستنكار، ولا حتى الإعراب عن الأسف،  هذه تركيا انتظرت ثلاث سنوات  لنعتذر لها ، بعد أن قتلنا تسعة مواطنين أتراك في قافلة  مافي مرمرة. ما حدث؟ بالنسبة لمذبحة دير ياسين، كما تقول العبارة الخالدة في فيلم "قصّة حُبٍّ": " الحب معناه أن لا تقول أبدا أنا آسف". وإسرائيل، كما هو معروف دولة رومانسيّة، لا تتأسّف.

    لا يستنكر أبو مازن ولا يعتذر، لأنه عدوٌّ، ومع ذلك، سلوكه مع حكومة إسرائيل، وتصريحه الدائم الذي يؤكّد عدم توقُّعه الرجاء من صراع عنيف يخلق انطباعا أنه ليس عدوّا. وأيضا صراعه الدائر ضدّ حماس قد يبعث لدى الآخرين الاعتقاد، بالخطأ، أنه ينتسب إلى الليكود أو إلى إسرائيل بيتنا.

  لكن، وللأسف، الرجل لا يُخْفي رغبته بإنهاء الاحتلال، صحيح إنه يسعى بطريقة الاتفاق وبواسطة نضال دبلوماسيّ وبدون حلول وَسَط على الساحة المحليّة أو العالميّة. لكنه لا يرى حاجة في كسب عطف قلوب الشعب اليهودي بتصريحات استنكار، إنه يسعى لكسب ودِّ شعبه، لقد تعلم من المدرسة الإسرائيليّة خلال عشرات السنين،أن خطوات بناء الثقة هي مصدر لتدمير الثقة. هذه الخطوات هي التي حولته إلى كرة من قماش بيد إسرائيل. 

   يمكن أن نطلب منه شيئا واحدا فقط: أن يستنكر كلّما استنكر السيسي أو الملك عبدا لله. وإذا كانت إسرائيل مستعدة لقبول شركاء لا يستنكرون، إذا أبو مازن شريك.

 2017/7/26

*العنوان في قسوة مضاعفة - المترجم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق